التقارير

تقرير خاص: التفجير في #المملكة.. الرسائل والأهداف

 

في تجاوز لكل حدود ولكل ما يمكن أن يتصوره عقل إنسان حاول الإرهاب التكفيري الذي يتلطى زوراً خلف الإسلام الوصول لمقام رسول الإسلام محمد بن عبد الله (ص) في المدينة المنورة لتفجيره في صورة من صور الإجرام الإرهابي الذي يضرب دولاً كثيرة في هذا العالم، وتفجير المدينة الذي وقع في مرآب للسيارات تابع للحرم النبوي جاء من ضمن سلسلة تفجيرات تمت في الأيام الأخيرة من شهر رمضان في المملكة السعودية، حيث وقع في نفس اليوم تفجيراً استهدف مسجداً في منطقة القطيف في شرق المملكة، وفي اليوم السابق وقع تفجير في جدة- غرب المملكة- استهدف القنصلية الأمريكية.

 

وحصول هذه التفجيرات يطرح العديد من التساؤلات، منها ما يتعلق بالتوقيت ومنها ما يتعلق بالأهداف التي اختارتها الجهات المنفذة، كما طرحت العديد من التساؤلات حول توقيت ودلالات هذه الاعتداءات إلى حقيقة من يقف خلفها، فهل فعلا حصلت التفجيرات بقرار داعشي محض أم أن هناك جهة معينة إستخباراتية أو أمنية تقف خلف قرار التفجير أو التوتير السعودي؟ ومن المستفيد الأول من هذه التفجيرات ومن المتضرر منها؟ هل أن تنظيم "داعش" الإرهابي وغيره من الجماعات التكفيرية فلتت من عقالها في المملكة وبالتالي خرجت عن سيطرت من صنعها؟ خاصة أن هناك من بات يتحدث أن هذا الإرهاب في المملكة السعودية هو صناعة محلية بحتة بعكس ما يجري في الدول الأخرى، أم أن الأمر لا يعدو أن يكون فعلا موجها لأطراف محددة والمقصود منه إيصال رسائل إلى جهات معينة؟ وما هي هذه الرسائل وإلى من يجب أن تصل؟

 

رسائل للداخل والخارج.. والصراع على السلطة!!

بعض الجهات المطلعة على الشأن السعودي ترى أن الأمر ليس "داعشيا" بالكامل، فهو داعشي التنفيذ وليس القرار، إنما القرار ربما اتخذته بعض الجهات النافذة في السلطة السعودية ولتحقيق عدة أهداف أو أغراض منها:

- القول إن المملكة السعودية ليست داعمة للإرهاب بل هي ضحية من ضحاياه خاصة أنها تعرضت في يومين لثلاثة تفجيرات أوقعت ضحايا من رجال الأمن الذين يحاربون الإرهاب بكل ما لديهم من قدرات.

- تلميع صورة المملكة واستجلاب أكبر قدر ممكن من موجات التضامن معها والتنديد بالاعتداءات عليها ما يساهم بتحسين وضعها أمام الرأي العام والمجتمع الدولي للتغطية على ملفات عديدة يتم انتقاد المملكة فيها من بينها ملفات حقوق الإنسان في الحرب على اليمن وغيرها من شؤون المنطقة والمسؤولية عن اعتداءات 11 أيلول/سبتمبر.

- إظهار أن هناك جهات في موقع المسؤولية الأمنية في المملكة لا تقوم بدورها بالشكل المطلوب، وإلا كيف يمكن أن تحصل سلسلة اعتداءات بأوقات متقاربة إلى هذا الحد، ما يؤكد وجود ثغرات أمنية كبيرة وحالات ضعف وعجز تستدعي محاسبة المسؤولين وتوجب تقديم استقالات وإقصاء بعض المعنيين بهذا الشأن.

 

من سيدفع الثمن؟!

وتقول المصادر إن "حالة استقالة وزير الداخلية العراقي بعد تفجير حي الكرادة في العاصمة العراقية بغداد حاضرة في الأذهان، فلماذا لا تتكرر مسألة الاستقالة في السعودية أيضا؟"، وتشير المصادر إلى أن "من سيدفع الثمن السياسي أو من يراد له ذلك هو ولي العهد ووزير الداخلية السعودي محمد بن نايف باعتباره وزير الوصاية على الأجهزة الأمنية، فإما الاستقالة أو تدفيعه الثمن في مستقبله السياسي بما يساهم بشكل أو بآخر بإبعاده عن الوصول إلى عرش المملكة وإفساح المجال إلى من ينافسه في ذلك أي ولي ولي لعهد محمد بن سلمان".

 

- الاستفادة من هذه التفجيرات لتوجيه رسائل محددة باتجاه أمريكا، والقول إن مصالحك في المملكة مهددة فيما لو تخليتي عن التعاون مع جهات معينة في العائلة الحاكمة في المملكة أو دعمها، وهذا ما دفع لاستهداف القنصلية الأمريكية في جدة.

- توجيه رسائل أمنية لبعض الشرائح في المملكة لا سيما الشيعة منهم بأنكم موضع استهداف وأن الجماعات التكفيرية جاهزة وحاضرة للتدخل وللتفجير في كل مرة قد تفكرون في الخروج على "ولي الأمر"، فالعقاب والرد ليس بالضرورة بالإعدام عبر المحاكم والقضاء كما حصل مع الشهيد الشيخ نمر النمر، وإنما قد يكون العقاب والانتقام نتيجة ردة فعل طائفية أو مذهبية تنفذها جماعات معبأة سلفا بهذا الاتجاه وهي تنهل من الفكر التكفيري منذ نعومة أظافرها، والرسالة إلى الشيعة هي نفسها فيما لو بقي التضامن في بعض المناطق في شرق المملكة مع الشعب البحريني لما يتعرض له من ظلم من قبل سلطات المنامة أو استمر التعاطف مع القضايا القومية العربية والإسلامية.

 

مناهج التعليم والطائفية

وحول كل ذلك تؤكد المصادر أن "الحديث عن قيام مجلس الشورى السعودي بسن قانون يجرم الطائفية هو مجرد كلام للاستهلاك الإعلامي ولتجنب بعض الضغوط من المنظمات الدولية"، ولفتت إلى أن "مكافحة الطائفية والفكر الطائفي في المملكة بات غير ممكن في ظل وجود الظروف الحالية واعتماد الفكر الوهابي التكفيري".

وأوضحت المصادر أن "المناهج التعليمية بالسعودية وضعت لتحقق هدفين رئيسيين: الأول هو تقوية الفكر الإقصائي والتكفيري خدمة للمشروع الاستعماري وتدشين الحروب والفتن التي تفكك المنطقة"، وأضافت أن "الهدف الثاني هو تغذية الناس بفكر الطاعة المطلقة للحاكم باعتباره ولي الأمر الواجب شرعا طاعته ولو كان فاسقا".

واعتبرت المصادر أن "الغرب والسلطات السعودية نجحوا لدرجة كبيرة في تحقيق هذين الهدفين وما يجري الآن في سوريا واليمن والعراق من فتن ما هو إلا امتداد للمشروع الوهابي التكفيري الذي ترعاه أمريكا والسعودية"، وتابعت "لهذا نرى أن مناهج التعليم في مناطق نفوذ داعش هي مناهج سعودية والمال الذي يتدفق على داعش وأخواتها هو مال سعودي لتمزيق الأمة".

 

من ذلك كله يمكن الاستنتاج أن للمناهج التعليمية الدور الكبير في توتير وتفجير الوضع في المملكة وغيرها من الدول، ولكن العبرة ليست فقط بالمنهج والتدريس إنما بالعقل المدبر والمخطط الذي أوجد هذا التفكير التكفيري وهذا التحريض الطائفي والمذهبي خدمة لمصالحه المطلقة، حيث يكون التكفير "غب الطلب" حاضر للاستعمال كلما دعت الحاجة إليه، كما حصل ويحصل في كثير من دول العالم من أفغانستان وصولا إلى أوروبا مرورا بسوريا والعراق وليبيا وتركيا... ومن يدري ربما إشعال جزيرة العرب في يوم من الأيام تنفيذا لأجندة المصالح الضيقة والخاصة.

أضيف بتاريخ :2016/07/08

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد