آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
هاني الفردان
عن الكاتب :
كاتب وصحفي بحريني

البحرين لا تتأثر بشيء!


هاني الفردان ..

 عندما يشهد العالم حدثاً مَّا كبيراً جدّاً كـ «الانقلاب العسكري» مثلاً في تركيا والذي أعلن فشله، أو كأزمة مالية، أو قرار بريطاني بعد استفتاء شعبي بالخروج من مظلة الاتحاد الأوروبي، وغيرها من الهزَّات العالمية التي تضع بصماتها في التاريخ، وتترك آثارها على مختلف النواحي السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، بل حتى الرياضية، يخرج بعض الخبراء لتأكيد أنَّ تلك الحوادث «لن تؤثر على البحرين»!

أكثر الأمور تعقيداً شهدها العالم في المرحلة الماضية (منذ منتصف 2014 حتى الآن) هو تراجع أسعار النفط، بل انهيار تلك الأسعار لتصل إلى منطقة كانت هي الأخطر، وأجبرت دولاً كانت تعيش ما يعرف بالرفاهية على اتخاذ قرارات مفصلية بتقليص موازناتها وإعلان سياسات التقشف.

في البحرين وعلى رغم الحديث العالمي عن أزمة أسعار النفط، فإنَّ البعض وطوال ثمانية أشهر تقريباً (منتصف 2014 حتى مارس/ آذار 2015) كانوا يؤكدون أن انخفاض أسعار النفط لن يؤثر عليها، بل خرج أحدهم ليؤكد أن «أسعار النفط بصفة دورية ترتفع وتتراجع على مرِّ العصور، والبحرين استطاعت أن تتعامل مع كل الفترات سواء في الصعود أو الهبوط، وليس هناك ما يدعو إلى أن تتأخر البحرين أو تتأثر بمجال النفط والغاز».

أزمة مالية حقيقية عاشتها البحرين، تمّ الحديث عنها رسميّاً عندما أرادت الحكومة تمرير الموازنة العامة، ففتح الباب أمام الحديث عن تأثيرات انخفاض أسعار النفط عالميّاً على الوضع المالي البحريني، وبلوغها مستويات تشكل تهديداً حقيقيّاً، حتى ذهبت الحكومة إلى التأكيد على حتميَّة وضرورة الاستمرار في سياسة الاقتراض وزيادة الدين العام لإنقاذ الموازنة من العجز.

المشكلة ليست فقط متعلقةً بأزمة انخفاض أسعار النفط وتداعيات ذلك على الوضع المالي للبلاد، بل أيضاً بمنهجية الخطاب المتناقض، الذي ظلّ لفترة طويلة «صامتاً» و«رافضاً» للحديث عن تلك الأزمة على رغم حديث العالم عنها، وفي فترة أخرى لجأ الخطاب المذكور إلى رفض الإقرار بأية تداعيات لهبوط أسعار النفط، بل تحدّث عن البحرين «لم» و«لن» تتأثر بتقلبات أسعار النفط، وذلك بفضل السياسات المتبعة.

حتى رفع الدعم عن الوقود واللحوم، خرج بعض الخبراء لتأكيد أن ذلك القرار «لن يؤثر»، بل سيقوي الاقتصاد ولن يضُرَّ بالاستثمارات الموجودة في البحرين. ولأن القرار كان يراد تمريره بأي شكل، صار «الخبراء والاقتصاديون» يؤكدون أنَّ الاستمرار في السياسات الحالية للدعم يعني استمرار الهدر في الموازنة العامة للدولة، مشددين على أنّ قرار رفع الدعم سيستفيد منه المواطن!

حتى على مستوى الأمراض والأوبئة التي تجتاح العالم بسرعة كجنون البقر، انفلونزا الخنازير، الزيكا، والكوليرا وغيرها من أمراض العصر الجديدة، فإنَّ هناك من السباقين للحديث عن أننا بعيدون ولن نتأثر أبداً بتلك الأمراض.

في ظل تعرض العالم بأسره لمعركة إرهاب حقيقية مع «داعش» فإن هناك من لا يتحدث عن ذلك الخطر، بل يؤكد أنها بعيدة عنه، وكل ما هو مؤكد، أن البحرين تتعرض لنوع آخر من الإرهاب وهو مختلف عن إرهاب «داعش».

على الصعيد الاجتماعي، فالبحرين أيضاً لم ولن تتأثر بما يجتاح المجتمع في المنطقة من صراعات طائفية، ومعارك مذهبية، بل حتى الحديث السابق عن الأزمة السياسية في البحرين كانت «طائفية» تمّ التراجع عنها، وسكت من كان يروج لها.

بعض خبراء البحرين في الاقتصاد والسياسة، دائماً ما يؤكدون أن ما يؤثر على العالم بأجمعه من أزمات مالية وسياسية أو حتى اجتماعية، لن تؤثر في البحرين وذلك بفضل سياساتها المالية والمصرفية وقوة إجراءاتها وغيرها، ولكن الخبراء ذاتهم سيرون أن الإجراءات السابقة ذاتها ستكون عاجزة أمام ما قد تسببه فعالية بسيطة من إضرار بالاقتصاد البحريني وسمعتها ومكانتها المالية، وقد تكون سبباً في عجز الموازنة وارتفاع الدين العام، والحاجة إلى المزيد من الإجراءات للاحتماء من أثرها الكبير اجتماعيّاً وسياسيّاً!

صحيفة الوسط البحرينية

أضيف بتاريخ :2016/07/18

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد