التقارير

تقرير خاص: أميركا تدير العلاقة #السعودية_الإسرائيلية: أبرامز راعي التطبيع

 

علي جواد ..

يتولى ثلاثي أميركي - إسرائيلي - سعودي مهمة تقريب وجهات النظر بين السعودية والاحتلال، سواء في اللقاءات السابقة في واشنطن أم في الأراضي المحتلة. اللواء السابق في القوات المسلحة السعودية أنور عشقي من الجانب السعودي، ومدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية دوري غولد من الجانب الاحتلال، والمسؤول عن ملف الشرق الأدنى وأفريقيا الشمالية في مجلس الأمن القومي الأميركي أليوت أبرامز من جانب الأميركي، الذي ظهرت صوره في معظم لقاءات عشقي بغولد في واشنطن.

تحاول الحكومة السعودية أمام شعبها والشعوب العربية والإسلامية التنصل من ضلوعها في عملية السلام مع إسرائيل، وتساعدها في ذلك الصحافة الإسرائيلية التي تشير دائماً إلى أن زيارات عشقي مبادرة "فردية" في إطار السمسرة مع الاحتلال على تطبيع مبادرة السلام العربية المقترحة من قبل الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز في العام 2002. لا حسيب ولا رقيب لزيارات عشقي لإسرائيل ولقاءاته بالمسؤولين الإسرائيليين، ولا إنكار للوعود والتمنيات التي يطلقها في الإعلام باسم السعودية بتطبيع العلاقة وتجديد اللقاءات في الرياض يؤكّد أن تحركات عشقي تأتي بموافقة ودفع مسبق من آل سعود. فالعلاقات السعودية - الإسرائيلية ليست بالأمر الجديد، وهي لا تتوقف على زيارة لمسؤول سابق أو "مجموعة على واتساب" تجمع المسؤولين السعوديين والإسرائيليين المعنيين بعملية التطبيع، أعلن عنها عشقي في زيارته الأخيرة. تقاطع المصالح والتنسيق الأمني والسياسي العلني ترقى إلى حد الصداقة والتحالف في كل الملفات التي تظهر بالعين المجردة من خلال تناغم التصريحات خصوصاً تجاه إيران وسوريا و"حزب الله" والشعور المتبادل بوحدة المصير.

 

أبرامز يدير مسلسل التطبيع

في لقاءات عشقي مع غولد، تظهر الصور التي نشرتها الوكالات الرسمية والصحف الأمريكية، الوسيط الأمريكي أبرامز في الوسط، وهو المسؤول عن ملف الشرق الأدنى وأفريقيا الشمالية في مجلس الأمن القومي الأميركي. سياسي يميني متشدد ومؤيد لإسرائيل ربما هو الأشهر في أمريكا.. ومعروفٌ بأنه يدافع عن إسرائيل أكثر من المسؤولين الإسرائيليين أنفسهم، ويشرف من موقعه هذا على ملف "عملية السلام الفلسطينية - الإسرائيلية" من بين أشياء أخرى..  للرجل سجل حافل في دفع الدول العربية إلى تطبيع العلاقات مع إسرائيل، ولديه قدرة على الضغط وتحصيل التعهدات لمصلحة إسرائيل، فقد وقف أبرامز مثلاً في العام 1993 ضد "اتفاقات أوسلو" واعتبرها تشكل خطراً على أمن "إسرائيل"، وهو لذلك، كان محط ثقة عالية لدى الرئيس الأميركي السابق جورج بوش، الذي وضع ملف العلاقات العربية - الإسرائيلية في عهدته منذ ذلك الحين.

أبرامز يحمل العرب مسؤولية فشل مبادرة السلام العربية، وهو يرى أن التغلب على جمود عملية التسوية يتطلب قيام الولايات المتحدة بإلزام الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي بتأكيد التزامهما بحل الدولتين واعتراف العالم العربي بإمكانية التعايش مع إسرائيل، وذلك في دراسة نشرها مع زميله  مايكل سينج، الباحث بمعهد دراسات الشرق الأدنى، في دورية "وورلد جورنال أفيرز".. واعتبر السياسيان الأمريكيان أنّ التسوية تبدأ بحصار إيران إقليمياً، ويقترحان انخراط الدول العربية "المعتدلة" حسب تعبيرهما، (السعودية والإمارات..) في الجهود الدولية لفرض عقوبات على طهران على المستويين الاقتصادي والتجاري.

ويقترح الكاتبان أيضاً بدء حوار عربي - فلسطيني مفتوح حول ما يمكن الوصول إليه من خلال المفاوضات مع إسرائيل ومستقبل الدولة الفلسطينية وكيف يمكن التعامل مع حركة "حماس" مستقبلاً، ناهيك عن دفع الدول العربية لزيادة مساعداتها المالية للسلطة الوطنية الفلسطينية، وهو ما تعمل عليه قطر والسعودية والأمارات، وتركيا في طريقها إلى غزة بعد تطبيع العلاقات.

تدعي السعودية منذ إعلان "مبادرة السلام العربية" التي أطلقها الملك عبدالله في العام 2002، أن هدفها من المفاوضات مع إسرائيل إنشاء دولة فلسطينية معترف بها دولياً على حدود الرابع من حزيران العام 1967، وعودة اللاجئين وانسحاب من هضبة الجولان المحتلة، مقابل اعتراف وتطبيع العلاقات بين الدول العربية مع إسرائيل. لكن من يرفض التطبيع هذه المرة هو الاحتلال بل يطالب بتعديل مبادرة السلام السعودية وفقاً لما يخدم إسرائيل فقط لا غير، وهو ما يقوله علناً رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إن إسرائيل ترفض الانسحاب لحدود العام 1967، وترفض أيضاً تبادل أراضٍ بالإضافة إلى عودة اللاجئين، أي أنها عملياً ترفض كل الشروط السعودية لكنها مستعدة للتطبيع من دون شروط إضافية.

هنا يأتي دور أبرامز في تليين الموقف السعودي، فهو يدعو منذ العام 2009 إلى ضرورة تعزيز علاقات الدول العربية مع إسرائيل خارج إطار ما تفرضه مبادرة السلام العربية من قيود لتقديم ما يحفز الطرف الإسرائيلي على المضي قدماً في عملية التسوية وذلك عبر تبادل التمثيل الديبلوماسي وتعزيز العلاقات التجارية بصورة تدريجية. وهذا ما بدأت تنفذه السعودية من خلال حراك متمثل بثنائي التطبيع في الآونة الأخيرة، تركي الفيصل الوجه اللامع في المؤتمرات الإسرائيلية في الخارج وتفعيل النقاش مع العدو، وأنور عشقي الذي تعد زياراته المتتالية، خطوة جدّية من قبل آل سعود إلى وضع النقاط المشتركة ومد جسور تنتهي بتطبيع العلاقات، في ظل المصالح المشتركة خصوصاً في مواجهة إيران.

أضيف بتاريخ :2016/07/27

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد