آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
كمال خلف
عن الكاتب :
إعلامي وكاتب فلسطيني

قراءة في دعوة السيد نصر الله الجماعات المسلحة لوقف القتال


كمال خلف ..

أطلق السيد نصر الله موقفا لافتا ومفاجئا بدعوته الجماعات المسلحة في سوريا، وسمى بالاسم جبهة النصرة وداعش، لوقف القتال وإلقاء السلاح ولاحقا بحث المصالحات والتسويات، إذا كان لتلك الجماعات بقية من الإسلام والقرآن وإيمان بالنبي محمد كما قال.

الدعوة جاءت في الذكرى العاشرة لنصر حزب الله على إسرائيل ، إذن هنا تعمد بتقديرنا نصر الله إطلاق الدعوة بلحظة انتصار وقوة، وبمناسبة هزيمته لإسرائيل، ليقول أننا نمد اليد القوية القادرة على صنع انتصار تاريخي على عدو شرس هزم العرب لعقود خلت. وبذات الوقت ليقول أن الحرب على إسرائيل لا مساومة فيها، هو عداء مبدئي لإسرائيل، ولكنه ليس كذلك تجاه جماعات أخرى في المنطقة العربية مهما كانت عقيدتها التكفيرية لأنها حسب وجهة نظر السيد جماعات تدفعها الولايات المتحدة لتحقيق أهداف سياسية وبعد أن ينتهي دورها تقضي عليها.

من المؤكد أن السيد نصر الله يعلم تماما وهو يلقي هذه البادرة للسلام أن هذه الجماعات التكفيرية لن تستجيب لها، وستعتبرها وهن وتراجع من حزب الله. فمن غير المنطقي أن تستجيب هذه الجماعات لدعوة من حزب الله لوقف القتال وهي لم تستجب لنداء الطفل المريض عبد الله عيسى وهو يستجدي أن يقتلوه بالرصاص بدلا من النحر، وقاموا بذبحه من الوريد إلى الوريد أمام الكاميرات وبفخر كبير. وهي نادرا ما تستجيب لدعوات الصلح فيما بينها، وتقتتلكما حدث في الغوطة من أقتتال دموي بين جيش الفسطاط وجيش الإسلام وفي القلمون بين تنظيم الدولة والنصرة، وفي أدلب بين النصرة وأحرار الشام …. الخ، رغم أنها تحمل نفس الفكر تقريبا، وتنتمي لذات المذهب، فكيف سوف تستجيب لحزب تصفه ليل نهار بالرافضي والمجوسي. إذن لماذا أطلق السيد نصر الله هذه الدعوة؟؟

قد ننطلق  من تفسير ذلك بأنه إلقاء الحجة على هذه الجماعات في قتال يسقط فيه المئات قتلى والآلاف جرحى ، وإلقاء الحجة هنا إذا كان فعلا هو القصد فهو حتما ليس إلقاءها في وجه الجماعات المسلحة التكفيرية أو رسالة لها بذاتها ، إنما إلقاء الحجة هنا على تيارات إسلامية وأحزاب وشخصيات ذات منهج إسلامي في العالم العربي والإسلامي تعارض دخول الحزب في قتال مع جماعات ذات صبغة إسلامية في سوريا ، وتتعاطف مع تلك الجماعات لأسباب أيديولوجية ومذهبية ومصلحية وعقائدية ترتبط بمشروع الخلافة الإسلامية الذي يداعب مخيلة كل الحركات الإسلامية في العالم العربي حتى لو لم تعلن ذلك؟

بالمقابل لماذا يلقي السيد نصر الله الحجة الآن؟؟ هل لأنه مقبل على معركة حاسمة في حلب وهو بذلك يطلق الإنذار الأخير قبل الشروع في عملية تصفية تلك الجماعات في معركة ستكون من أكثر المعارك دموية في سوريا خلال السنوات الماضية . ؟

لكن لنوضح هنا أن حزب الله يعتبر أنه ألقى هذه الحجة منذ زمن ، في بداية الأزمة السورية أطلق نصرالله نفسه نداء للجماعات لوقف القتال والشروع بحل سياسي ، لا بل كرر السيد نصر الله ذلك في أكثر من مناسبة ، وقال نحن لسنا هواة قتال وحرب ونحن ندعو لحل سياسي يشمل كل السوريين ، من أجل حقن الدماء . قد يكون الأمر مختلف قليلا هنا فهو يوجه الدعوة للجماعات التكفيرية التي لا تؤمن بالحل السياسي أصلا.

ربما يكون لنا تقدير أيضا  بعيد عن إلقاء الحجة بمناسبة انتصار وقوة أي من موقع القادر في الذكرى العاشرة لحرب تموز  ، وقريب هذا التقدير  من الوضع السياسي القائم حاليا المتمثل بالحراك الدبلوماسي بين موسكو  وأنقرة ، وطهران وأنقرة. وبهذا المعنى تكون دعوة السيد نصر الله ليست مفاجئة أو جاءت في سياق الكلام ، إنما دعوة متفق عليها في السياق الإقليمي الجديد . وقد تكون من متطلبات التحرك التركي المقبل تجاه إعادة التموضع في ملف الأزمة السورية.

لا نعتقد أن السيد نصر الله يقول هذا الكلام دون أسس وقواعد وسياق كامل قد يفتح الطريق لتركيا لاستثمار هذه البادرة  للشروع في بناء موقف جديد، أو يفتح الطريق لإيران وحزب الله معا لفتح حوار مع حركات إسلامية في العالم العربي والإسلامي هي خارج دائرة النزاع  المسلح في سوريا، ولكنها تعترض على مشاركة الحزب هناك. وتسببت الأزمة السورية في شبه قطيعة بين حزب الله وإيران وهذه التيارات التي كانت العلاقة معها جيدة جدا قبل الأزمة السورية .ومن الغير المستبعد أن تكون هذه البادرة من السيد قد جاءت بطلب منها.

ربما يفسر السيد نصر الله أكثر في لقائه المطول بعد أيام على قناة المنار . الله أعلم

إعلامي وكاتب فلسطيني
صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2016/08/15

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد