آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
علي ناجي الرعوي
عن الكاتب :
ولد في بلدة (السدَّة)، في محافظة إبّ. كاتب، صحفي. حصل على أكثر من دبلوم في الصحافة: ثلاثة منها في الصحافة المعاصرة والعلاقات الدولية. عمل في الصحافة منذ فترة مبكرة محررًا في صحيفة (الجمهورية) الصادرة في مدينة تعزّ، وتدرج في عمله في هذه الصحيفة حتى شغل منصب رئيس التحرير، ثم مديرًا عامًّا لمؤسسة (الجمهورية) للصحافة الحكومية، ثم عمل رئيسًا لمجلس الإدارة لمؤسسة (الثورة) للصحافة والطباعة والنشر، ورئيسًا لتحرير صحيفة (الثورة) اليومية التي تعد الصحيفة الرسمية الأولى في اليمن. شارك في عدد من الندوات والمؤتمرات الرسمية داخل اليمن وخارجها، وكتب لعدد من الصحف العربية، وحصل على الكثير من الجوائز والشهادات التقديرية في مجال الصحافة من عدد من المنظمات العربية والدولية. وهو عضو في طائفة من الهيئات والمنظمات؛ منها: نقابة الصحفيين اليمنيين، واتحاد الصحفييين العرب، واتحاد الأدباء والكُتّاب العرب، وترأس العديد من الجمعيات المتخصصة في هذا الجانب.

أزمتنا.. أين تكمن؟!


علي ناجي الرعوي ..

هل المثقفون العرب حاضرون في كل مايجري من تحولات وتقلبات وأحداث في العديد من البلدان العربية.. أم أنهم غائبون عنها بالكامل؟ مثل هذا التساؤل يطرح نفسه بإلحاح في ظل تراجع دور وحضور وتأثير النخب الثقافية والفكرية رغم ما تفرضه المرحلة ومسار التاريخ العربي المعاصر من مسؤوليات على تلك النخب التي كانت حتى الأمس القريب تشكل العقل الاستراتيجي العربي والرافعة الحقيقية لاستنهاض المجتمعات العربية وتحصينها بمشتركات الهوية الوطنية والحضارية التي يتكامل فيها مفهوم الكرامة والسيادة بمدلول الانتماء والاعتزاز بالنفس لدى المواطن العربي المستهدف في وجوده وثقافته وخصوصيته الوطنية.

قبل أسابيع وقفت على تحليل معمق عن أزمة حاضر الأمة ومستقبلها وكان اللافت في هذا التحليل انه الذي جاء بالمؤشرات الكافية للتدليل على أن الفراغ الذي يخيم على الساحة العربية وما نتج عن هذا الفراغ من تصدع وتشرذم في النسيج المجتمعي العربي الذي فقد مناعته وتكالبت عليه الأمراض والعلل بفعل التدخلات الخارجية والمخططات التي تحيكها بعض الأطراف الإقليمية والدولية ضد هذه الأمة إنما يعود في المقام الأول إلى تخلي النخب الفكرية والثقافية والسياسية عن واجبها في مواجهة القوى المتربصة التي تسعى إلى ضرب مفاصل الواقع العربي عن طريق التعبئة الطائفية والمذهبية والاثنية ونخر الهوية الوطنية الواحدة بعد أن نجحت هذه القوى في تفكيك الهوية العربية المشتركة وتوزيع العرب في أطر وقوالب قطرية منقسمة جغرافياً وشعبياً وسياسياً.

قد يكون من الصعب حصر الحديث عن الانكسارات المتلاحقة التي أصابت المجتمعات العربية في السنوات الأخيرة بتراجع مهمات الفكر والثقافة أو اختزال هذه الانكسارات في ظواهر الأمور أو في نقاط سطحية محدودة، مع ذلك يمكن القول ومن دون مكابرة أن هذه الأمة قد تم وضعها على طاولة التشريح ومرمى نيران المناوئين والحاقدين والمتآمرين بمجرد أن انصرف المفكرون والمثقفون وعلماء الدين من ابنائها عن مهامهم ومسؤولياتهم في التصدى والتحذير من عواصف التدخلات الخارجية الموجهة كالسهام ضد هذه الأمة وبنيانها الثقافي والحضاري حتى بتنا نصبح ونمسي مع طروحات لا تخجل من توزيع العرب على طوائف ومذاهب وكيانات يجري تحريض بعضها ضد بعضها الآخر.

ومن هذه الزاوية أزعم أن الأمة تواجه اليوم مأزقا يتعين الاعتراف به والتعامل معه بجديه ووعي وهذا المأزق يتمثل في أزمة النخب الثقافية والفكرية التي توارت عن الأنظار أو انشغلت بتجاذباتها دون أي اعتبار للخطر الكارثي الذي يرنو إلى تفكيك الوحدة الثقافية والحضارية الواحدة لهذه الأمة وفتح الأبواب واسعة أمام انفراط عقد المجتمع العربي عن طريق استدعاء الصراعات والخلافات السياسية والطائفية والمذهبية على غرار ما تفعله إيران في العراق وسورية وبلدان عربية أخرى يرتفع فيها منسوب الصراع والتصعيد الذي يدار من قبل أطراف خارجية نعرفها جيدا.

ما نراه منذ بضع سنوات هو جنوح النخب الثقافية والفكرية العربية نحو اللا مبالاة وهي حالة لا تنم سوى عن أن هناك في هذه النخب من يعمل وبصورة غير مفهومة على التقليل من خطورة المؤامرات والمخططات التي تستهدف الوجود العربي وبما جعل من هذه النخب منفصلة أو معزولة عن تلك التحديات التي تحيط بمجتمعاتها أو أن تفكيرها أصابه التكلس والشيخوخة وأصبحت عاجزة عن ممارسة دورها بصفتها المكلفة بحيثيات الدفاع عن رصيد هذه الأمة وحشد طاقات شعوبها وتوحيدها وبما يمكنها من تجاوز كل المنعطفات وإسقاط الرهانات التي ما انفكت تحاول أن تفرض واقعاً إقليمياً جديداً يقوم على تغيب العرب وتهميشهم عن طريق تقسيم أقطارهم، إما على قاعدة العرقية والاثنية أو على قاعدة الطائفية والمذهبية.
 
جريدة الرياض

أضيف بتاريخ :2016/08/25

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد