آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
قاسم حسين
عن الكاتب :
كاتب بحريني

القرية المحرومة من الكهرباء!


قاسم حسين ..
ذكرت صحيفة «حرييت» التركية في نسختها الإنجليزية، أن سكان قرية تركية محرومة من الكهرباء تقع على سواحل البحر الأسود، علموا بمحاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها تركيا في 15 يوليو/ تموز الماضي، بعد عشرة أيام من حصولها.

الخبر نشرته العديد من الصحف العربية لما فيه من طرافة، ولما يثيره من استغراب، ففي دولة متطورة مثل تركيا، تعيش عند نقطة التقاء آسيا وأوروبا، وتشكّل جسراً يصل بين القارتين الكبيرتين، وعضو بحلف الأطلسي، وتتمتع باقتصاد قوي، ولها تطلع واسع للمشاركة في حروب وأزمات المنطقة، لا يصل خبر الانقلاب العسكري الذي هز أركانها، إلى سكان إحدى قراها، إلا بعد عشرة أيام.

ما يزيد الاستغراب، أن الخبر حين وصلهم، لم يصل عبر الإنترنت أو الفضائيات التركية أو الأجنبية أو حتى جهاز الراديو، وإنّما عبر راعٍ للماشية، حيث أبلغ السكّان بأن فصيلاً من الجيش حاول الانقلاب على الرئيس رجب طيب أردوغان. ولا ندري هل هذا هو ما وصله فقط، أم هناك تفاصيل أخرى وصلت إلى مسامعه فنقلها إليهم بهذه الصورة أو تلك!

عموماً، هذه الواقعة كانت فرصةً استغلها سكان القرية الواقعة في محافظة غيرسون شمال تركيا، ليرفعوا عريضةً للمطالبة بتوصيل خدمة الكهرباء أسوةً بالقرى الأخرى الواقعة على سواحل البحر الأسود.

السيدة المسئولة عن توقيع العريضة، قالت إن «عدم توفر التيار الكهربائي يحرمنا من الاستماع إلى الإذاعات أو مشاهدة التلفزيون أو سماع نداءات الصلاة. حتى أن راعياً هو الذي أبلغنا بنبأ محاولة الانقلاب الفاشلة»! وهو أمرٌ يبدو غريباً ولا يمكن احتماله بالنسبة لنا، الذين نتابع عدة نشرات أخبار في اليوم الواحد لنكون على معرفة بتطورات الأوضاع في المنطقة والعالم، ونرتبط بالأجهزة الذكية على مدار الساعة، ولا نفارقها إلا عندما نخلد إلى النوم.

الغريب أن السيدة التركية التي تحركت على توقيع العريضة، قالت: «نريد الكهرباء للاستفادة من أجهزة التقنية الحديثة»، وهو ما يفترض أن لا يكون أولويةً، فغياب الكهرباء يعني عدم الاستفادة من أنظمة التبريد وتخزين الغذاء، والمعاناة من الحر صيفاً، والبرد القارس شتاءً، وهو أمرٌ مقدَّمٌ على الأجهزة التقنية الحديثة التي تدخل في دائرة «التسلية» مثل التلفاز.

إنّنا نتصوّر هذه القرية على أنها قرية محرومة بائسة، تعيش بعيداً عن الحضارة ومنتجاتها، في منأى عن مجرى الحياة الحديثة وتياراتها، لكن السؤال: هل نتوفر نحن على الطمأنينة وراحة البال التي قد يتمتع بها سكانها؟ وهل الحرص على متابعة الأخبار ومعرفة آخر التطورات بهذا الشكل اليومي، جلب لنا الراحة النفسية أم المزيد من القلق والتوترات؟

اسمعونا يا سكان القرية المحرومة من الكهرباء... ابقوا في عالمكم وعزلتكم وحافظوا على سكينتكم، بعيداً عن أخبار الحروب والتدخلات العسكرية، وإثارة الفتن والانقلابات!

صحيفة الوسط البحرينية

أضيف بتاريخ :2016/08/26

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد