آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
د. حسن عبد الله عباس
عن الكاتب :
كاتب وأكاديمي كويتي

تمخّض الجبل فولد أسداً

 

اندلعت الثورات العربية في كل مكان، وأشدها حصل في سورية. لكن، ثم ماذا؟ فهل النتيجة المتحققة كما ظنها الإنسان العربي منذ البداية؟

 

دخلت الآن الأزمة السورية عامها الخامس، ولا يبدو في الأُفق حل مفهوم ومنطقي لها. فقد قدمت سورية أكثر من ثلاثمئة ألف قتيل، وهذا عدا الجرحى والمصابين والمشردين واللاجئين، فالعدد الإجمالي للضحايا قد يفوق الخمسة ملايين. أضف إلى ذلك مناظر المدن المهدمة والخراب والدمار، تخرج بمحصلة نهائية أن الخسارة هائلة، وهذا باختصار ما حصل في سورية.

 

هذه النتيجة التدميرية في سورية مازالت غير قادرة أن تصل بالصراع إلى خط النهاية، ولا تُقنع الأطراف بضرورة النزول عند شروط الآخر باستثناء الفترة الأخيرة وبعد دخول الروس على ساحة المعركة وبعد طرحهم لمبادرتهم الجديدة لإنهاء الملف.

 

المُلفت ليس هذا ولكن التبدل الكبير في مواقف معسكر الموالاة برئاسة الولايات المتحدة الأميركية وتركيا والذي أدار الملف السوري بالكثير من العناد والتحدي. فلا داعي لأذكركم بتصريحات مسؤولين حول دعم الجيش السوري والتعهد بدفع الرواتب وتوفير السلاح والعتاد والمزيد من العناصر البشرية والزج بالمتشددين إلى الداخل السوري عبر الحدود التركية والأردنية.

 

فهذا كله حصل ولا زال على أمل أن يسقط النظام ويتنحى الأسد مُرغماً نزولاً عند إرادة المجتمع الدولي والإقليمي والعربي. إلا أن هذا لم يحصل مما تسبب بأزمة كبيرة لهذه الدول التي بدت تتعب وتُعاني من استنزاف وعجز شديد في ميزانياتها، وهو بالمناسبة ما قلناه سابقاً مرات عدة من أن معسكر المقاومة لديه نفس طويل وخبرة كبيرة في التحدث والعناد على عكس الطرف المقابل.

 

عموماً دول الموالاة أقنعتنا منذ بداية الأزمة بلاءاتها ومواقفها المُعلنة بأنها لا ترضى بأقل من إزالة نظام الأسد وإبعاده عن سُدّة الحُكم. لكن الغريب أنها بعد كُل هذه السنين وبعد كل هذه التضحيات والمطالبات، تراجعت، واختزلت الموضوع في شخص الأسد وضرورة تنحيه فقط، فلم يعد الأمر يتعلق بالنظام، ولا حزب البعث، ولا الشخصيات ولا الوزارات ولا الهيكل الإداري والمؤسساتي للبلد، فكل ذلك لم يعد ممكناً والمطلوب الآن أن يختفي الأسد من المشهد السوري وألا يكون له أي دور!

 

هذا الموقف الدولي بالمناسبة ليس جديداً. فالعراق أيضاً كان ضحية سابقة لهذا الاستهتار الدولي حيث الصراعات والنزاعات والمفخخات البشرية والعبوات المزروعة، وبالأخير لم يستطع هذا التحالف إلا أن يزيح نوري المالكي من الترشح ومن منصب رئاسة الوزراء، وهذا الأمر سيتكرر في الشأن السوري حيث سيتنازل معسكر المقاومة عن شرط وجود الأسد في الفترة المقبلة، لكنه بالتأكيد سيكون المنتصر لأنه أبقى الدولة في ظل عباءة المقاومة بوجوه جديدة.

 

الكاتب: د. حسن عبد الله عباس

المقال لصالح صحيفة الراي الكويتية.

أضيف بتاريخ :2015/10/29

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد