التقارير

تقرير خاص: تجاوزات #السبهان.. تشويه للعمل الدبلوماسي وإضرار بعلاقات #المملكة

 

ليست المرة الأولى التي تثار الانتقادات وردات الفعل حول تصريحات السفير السعودي ثامر السبهان بحق العراق والعراقيين، فيما اعتبر خروجا عن الأصول والأعراف الدبلوماسية وتدخلا في الشؤون الداخلية العراقية.

 

فخلال شهر كانون الثاني/يناير الماضي، استدعت وزارة الخارجية العراقية السفير السبهان لإبلاغه احتجاجها الرسمي بخصوص تصريحات حول الجيش العراقي والحشد الشعبي، وخلال شهر نيسان/أبريل الماضي أيضا دعت جهات نيابية عراقية "المملكة السعودية إلى إخضاع السبهان إلى دورة مكثفة حول أصول العمل الدبلوماسي"، ووقتها تحدث السبهان عن تدخل إيراني بالعراق خلال محاربة الجيش العراقي لتنظيم "داعش" الإرهابي، كما استُدعي السبهان الشهر الماضي من قبل الخارجية العراقية التي اعتبرت أنه "أطلق تصريحات طائفية".

 

استجابة سعودية.. ولكن؟!

ومؤخرا طالبت وزارة الخارجية العراقية الرياض باستبدال السفير السعودي في العراق ثامر السبهان، وهذا ما تم فعلا، وذلك على خلفية تغريدات له على وقع "توتير" تظهر بوضوح النفس الطائفي والمذهبي بما يؤكد خروجه عن أي قانون أو عرف أو تقليد دبلوماسي.

 

وقانونا السفير هو الموظف الدبلوماسي الأعلى الذي يترأس السفارة لتمثيل بلاده في دولة أخرى، فهو من المفترض أنه يمثل حكومة بلاده وسياساتها ويعمل على رعاية مصالح دولته الوطنية ويساعد على تحسين صورتها وعلاقاتها مع الدول الأخرى وبالأخص التي يُمثل وطنه فيها، ومن هذا المنطلق لا يحق ولا يُقبل من السفير أن يقوم بنشر مواقفه الخاصة بما يسيء إلى علاقة بلاده بأي دولة وبالأخص التي يوجد فيها، وهذا بالتحديد ما فعله السفير السبهان في مواقفه التي أطلقها على "توتير" دون مراعاة للمصالح الوطنية السعودية والعلاقات الثنائية مع العراق، فالموقف الرسمي السعودي بما يتعلق بالشؤون الخارجية يتم التعبير عنه عبر القنوات الرسمية المخولة بذلك قانونا وضمن آليات محددة سواء عبر وزارة الخارجية أو المتحدث باسمها أو عبر رئاسة الدولة أو الحكومة، بحسب ما تنص عليه القوانين الداخلية ولكن بالتأكيد ليس عبر سفير من هنا وقنصل من هناك.

 

هل نقبل الانتقاد.. والتدخل بشؤوننا؟

لأنه بمنطق الأمور لو أعطي كل سفير في كل الدول على امتداد هذا العالم الحق بالتعليق وإبداء الآراء وتوجيه الانتقادات كيفما شاء وبالشكل الذي يريد، لكانت قد فسدت العلاقات بين الدول وما عاد ممكنا بعدها التفريق بين العمل السياسي والعمل الدبلوماسي بالإضافة إلى الفوضى التي ستحدث نتيجة لذلك، ناهيك عن أن ترك أي سفير يبدي مواقفه سيعني فتح الباب أمام سفراء الدول الأخرى للقيام بذلك، وبالتالي يمكن لسفرائنا ولغيرهم الإدلاء بالمواقف، فهل نقبل وقتها أن يخرج سفير أو أكثر لانتقاد سياسة المملكة في الداخل والخارج؟ وهل نقبل لسفير نستضيف سفارة بلاده في "أرض الحرمين" أن يبدأ بانتقاد سياساتنا على راحته وبحسب مزاجه الخاص والفردي؟ بالتأكيد لا ولن تمر هذه الأمور عندنا بهذه السهولة، فلماذا نقبل على غيرنا ما لا نقبله على أنفسنا؟

 

هذا الكلام بالتأكيد موجه لكل صوت ارتفع مدافعا بشكل أو بآخر عن مواقف السفير السبهان، فالمواقف الخاصة والرغبات الشخصية لا يمكن إقحامها في العلاقات الدبلوماسية التي لها أصولها ولياقاتها وأساليب عملها، ومن هنا لا يمكن للسفير أن ينجر كأي إنسان عادي لا يفقه شيئا في الأصول الدبلوماسية ومبادئ التمثيل بين الدول، ولا يمكن تسيير علاقات الدول عبر إعمال الرغبات الخاصة الجامحة لاطلاق المواقف السياسية وغير السياسية بدون ضوابط أو حدود وإلا نكون قد وقعنا في المحظور القانوني والدبلوماسي، وعليه يجب أن يخضع كل من يخالف ذلك للعقوبات المسلكية والتأديبية أو حتى الجزائية التي تنص عليها القوانين، لا أن تتم مكافأة السفير المخطئ بنقله من دولة إلى دولة ببساطة وسهولة.

 

الجميع تحت سقف القانون؟

وحسنا فعلت السلطة المعنية في المملكة السعودية بسحب السبهان من العراق ولكن كان الأجدر أن يتم ذلك بمبادرة سعودية خاصة بدل أن ننتظر الطلب العراقي للقيام بذلك، كما أنه من الأفضل أن يقام تحقيق وتنشر معلومات عنه أمام الرأي العام المحلي والدولي للتأكيد أن القيادة السعودية هي قيادة تأتمر بالقانون والضوابط والأعراف الدبلوماسية ولا تقبل من موظفيها مخالفتها أيا كانت الأسباب وأيا كانت رتبهم.

 

وبحسب المعلومات الواردة فإن السفير السبهان سينقل إلى دولة أخرى لتمثيل الممكلة، وهنا تطرح إشكالية جديدة بأن السبهان قد يذهب إلى لبنان، وللملاحظة أن في هذا البلد الكثير من المسائل الشبيهة إلى حد كبير لما هو الحال في العراق، حيث تتداخل المسائل الطائفية والسياسية والاجتماعية وتتنوع وتتشابك القضايا الفكرية والدينية بالحياة اليومية، فهل سيقدم السبهان على ما سبق أن قام به في العراق أم أنه سيتعلم من التجربة ومما جرى ويلتزم الأصول والأعراف الدبلوماسية؟ بالتأكيد أن المعنيين يجب أن يلفتوا نظر جميع السفراء بمن فيهم السفير المنقول، بالخطاب اللازم والمناسب في هذا المجال كي لا نقع في المحظور مرة جديدة بما يضر بشكل مباشر بسمعة ومصالح المملكة. 

أضيف بتاريخ :2016/09/03

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد