التقارير

تقرير خاص: المملكة #السعودية والسلاح #الامريكي.. حلفاء أم زبائن؟!

مالك ضاهر..

 

لا أحد يشكك بأن العلاقة بين المملكة السعودية والولايات المتحدة الأمريكية لا تمر في أحسن مراحلها، وهناك العديد من الدلائل على ذلك، التي لا تبدأ بمسألة الضغط الأمريكي على المملكة من بوابة أحداث "11 سبتمبر 2001" ولا تنتهي عند الانتقادات الأمريكية بخصوص انتهاك حقوق الإنسان في اليمن أو في الداخل السعودي.

 

ولكن رغم كل ذلك برز مؤخرا في وسائل الإعلام الحديث عن عرض أمريكي قدمته إدارة الرئيس باراك أوباما للمملكة لبيعها أسلحة وأعتدة عسكرية وبرامج تدريب بقيمة خيالية تزيد عن 115 مليار دولار في أكبر عرض تقدمه أي إدارة أمريكية على مدى 71 عاما من التحالف بين الطرفين، ما يطرح الكثير من التساؤلات وعلامات الاستفهام حول طبيعة العلاقة بين الدولتين وهل هي علاقة تحالف حقيقي أو أنها علاقة "زبائنية" بامتياز يحكمها العرض والطلب بكل أوجهها؟

 

فالغريب أن الأمريكي الذي ينتقد دور المملكة في الحرب على اليمن اليوم موهما العالم أنه مع حقوق الإنسان ويقدسها، هو نفسه يستغل هذه الحرب للاستثمار فيها ولبيع السلاح ولتقديم عروض خيالية للمملكة، ومن يتصور أنه سيجني الأرباح الطائلة منها بما يدر عليه الفوائد المالية والسياسية والعسكرية، من رصيد المواطن السعودي وخزينة الدولة التي يثقلها الأمريكي بصفقات متعددة هدفها تحقيق مصلحته أولا وأخيرا.

 

كل شيء بمقابل؟!

فهل هناك حليف إستراتيجي أو غير إستراتيجي ينتقد شريكه وحليفه في العلن كما تفعل الولايات المتحدة مع المملكة السعودية وقاداتها؟ وعن أي علاقة أو حلف تاريخي بين الدولتين يتحدث البعض ولا نرى أي منحة مجانية تقدم أو خدمة في سبيل الصداقة المشتركة بينهما؟ فلماذا على السعودي أن يكون دائما هو من يدفع ويقدم الاموال بل ويعرض سمعته أمام الرأي العالم العالمي للإساءة بينما الأمريكي دائما يظهر بمظهر القائد أو الأستاذ أو الموجه؟ فما هذه العلاقة التي كل شيء فيها له مقابل وبالتأكيد لصالح واشنطن لا الرياض؟

 

والحقيقة أن الإدارة الإمريكية لم توقف الصفقات العسكرية مع المملكة رغم كل النقد الذي وجه لها سواء من داخل الولايات المتحدة أو حول العالم، باعتبار أن هذا السلاح هو الأداة التي تنفذ فيها العمليات الحربية في اليمن، ولفت التقرير الأمريكي الذي نشرته وكالة "رويترز" إلى أن "عروض الأسلحة الأمريكية للسعودية منذ تولي أوباما منصبه في يناير/كانون الثاني 2009 شملت كل شيء من الأسلحة الصغيرة والذخيرة إلى الدبابات وطائرات الهليكوبتر الهجومية والصواريخ جو أرض وسفن الدفاع الصاروخي والسفن الحربية"، وأضاف "كما توفر واشنطن أيضا الصيانة والتدريب لقوات الأمن السعودية".

 

دعم أمريكي غير محدود لـ"إسرائيل"

وللإشارة فقط وبالتوازي مع هذه الصفقة التاريخية الأمريكية السعودية، فإن الولايات المتحدة منحت "إسرائيل" مساعدة عسكرية بقيمة 38 مليار دولار على مدى عشر سنوات، في دعم قياسي جديد للحليف الإستراتيجي الحقيقي في المنطقة لواشنطن، وهنا يكفي أن نقارن بين الأمرين وبشكل بسيط ومن دون الكثير من التحليل والبحث لندرك من هو الحليف ومن هو "الزبون" بالنسبة للولايات المتحدة؟ بالتأكيد أن من تقدم له المساعدات والدعم اللامحدود في كل شيء هو الحليف والشريك والصديق... بينما من يدفع مقابل لأي شيء ما هو إلا الزبون الذي يمكن استبداله في أي لحظة وعند أي صفقة أو مصلحة تلوح في الأفق.

 

وعلينا نحن أن نفهم وندرك ذلك جيدا، ونصغي إلى صوت العقل الذي يقول لماذا أرمي نفسي وبلدي وكل خيراتي في أحضان من سيبيعني في لحظة ما؟ وكرمى لعيون من أشتري ممن يبيعني ويدعم عدوي وعدو الأمة كلها؟ وهل لي مصلحة في تقديم كل الدعم للولايات المتحدة عبر شراء الأسلحة منها ورفع قدراتها المالية؟ فصوت العقل يقول إن الإدارة الأمريكية قد تقدم الحماية لأي سلطة في الخليج أو المنطقة ولكن بالتأكيد أن هذه الحماية لن تدوم إلى ما لانهاية وإنما هي ستقف في يوم من الأيام كما جرى مع العديد من الأنظمة التي كانت تعتبر نفسها "حليفة" لواشنطن في المنطقة، فأين هذه الأنظمة اليوم بعدما تحركت الشعوب ضدها؟ وهل حمتها واشنطن من شرور أعمالها؟

 

حماية لا تدوم

الأكيد أن صوت العقل يدعو الحكام ولا سيما في الخليج وبالأخص في المملكة السعودية للعودة إلى الشعب والتحصن بدعمه لا بدعم الخارج وبحماية الناس والمواطنين لا بحماية واشنطن، لأن الناس لا تبيع نفسها وابناء وطنها وقياداتها المضحية في سبيلها وسبيل الوطن، بعكس الخارج الذي سيبيعنا لأول مشتر آتٍ وعند أول فرصة استثمار جديدة.

 

وحول كل ذلك، يمكن الإشارة إلى ما تحدث عنه التقرير الأمريكي بأن "مستوى مبيعات الأسلحة الأمريكية للرياض يجب أن يعطيها قوة ونفوذا للضغط على السعودية.."، إذن المسألة واضحة ولا تحتاج إلى كثير من التفسير والشرح، فالإدارة الأمريكية تريد الاستفادة من المملكة ذهابا وإيابا، أي أنها تستفيد ببيعنا السلاح

ومن ثم تستخدم هذه الصفقات للضغط علينا بسحبها أو تعطيلها أو حتى زيادتها بحسب ما تقرره هي كوسيلة للضغط على القيادة السعودية لتنفيذ ما تريده الإدارة الأمريكية.. فهل هذه علاقة صداقة وتحالف؟ سؤال برسم كل السعوديين شعبا ومسؤولين.

أضيف بتاريخ :2016/09/16

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد