آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
هتون أجواد الفاسي
عن الكاتب :
أستاذة تاريخ المرأة في جامعة الملك سعود وكاتبة في جريدة الرياض حاصلة على البكالوريوس في التاريخ من جامعة الملك سعود بدرجة امتياز مع مرتبة الشرف عام 1986، ونالت الماجستير من نفس الجامعة عام 1992، وحازت على شهادة الدكتوراه في التاريخ القديم، قسم دراسات الشرق الأوسط، جامعة مانشستر في بريطانيا.

من حديث بريطانيا 2016.. صناعة السياحة


هتون الفاسي ..

أتابع الحديث عن صيف بريطانيا ونحن نحتفل اليوم بسلامة الحجيج وتمام حج 1437 ولله الحمد بنجاح، وكل عام وأنتم بخير.

وعودة إلى ما سبق، يطيب لي أن أشارككن/م آلية بحثنا عن أهم مواقع بريطانيا الطبيعية، فقد بدأنا من جانب بخبرتي السابقة ومعرفتي بالمناطق المهمة، لكن الأكثر توفيقاً كان في النظر في تسميات اليونسكو بمواقع التراث الإنساني الطبيعي أو التاريخي بها، وهو الذي استطعنا من خلاله تحديد مسار حركتنا للاستفادة القصوى من مشاهدة الأهم والأقيم.

بريطانيا الطبيعية كانت اكتشافاً مهماً، ما بين متنزهاتها الطبيعية سواء على مستوى تكويناتها النباتية من غابات أو نباتات خاصة، أو حيوانات برية أو بحرية في البحيرات أو الأنهار، أو التكوينات الطبيعية الأخرى من جبال أو وديان أو حواف صخرية أو بركانية، ولبريطانيا 41 موقع تراث إنساني.

لا شك أن الحديث عن مواقع البلدان الأخرى السياحية بثير في النفس تساؤلات ومقارنات وهي مشروعة ولا شك أن القائمين على السياحة في بلادنا يدركونها جيداً، لكن لا بأس بمزيد من التذكير بين الفينة والأخرى. فلا يكفي أن يكون لدينا موقع جميل فحسب، حيث إن هناك صناعة سياحة متكاملة تدور حول هذا الموقع أو ذاك. صناعة السياحة تعني شبكة متكاملة من الخدمات التي يقدمها الناس والدولة بما يتناسب مع الإمكانيات المادية لكافة المستويات. هي تعني شبكة متكاملة من المواصلات العامة، القطارت، قطارات الأنفاق، الترام، الباصات، الباصات النهرية، تأجير السيارات بأشكالها وخدماتها السلس.

يعني كذلك خدمات عامة وعلى رأسها دورات المياه العامة التي تتبع معايير لا يُتنازل عنها، تشمل الصحة والسلامة والنظافة وتوفرها، في محطات البترول والمتنزهات العامة وغيرها.

ويعني أيضاً خدمات سكن متنوعة كانت في كثير من الأحيان خلاقة، فقد حول البريطانيون كل شيء إلى سكن بخدمة فندقية أو "سرير وإفطار Bed and Breakfast"، فضلاً عن المساكن ذاتية الخدمة وهي أكثر تنوعاً، فالمسكن ليس فندقاً أو شقة فحسب، فقد جعلوا من الأكواخ مساكنَ، من المزارع وملاحقها، من الفنارات، من مساكن عمال المناجم، من السفن الصغيرة، من مساكن الأنهار، من القلاع القديمة، من القصور المنيفة، حتى الكنائس حولوها إلى مساكن ومطاعم. كانت أيضاً هناك مساكن الطلبة من كل الأصناف، ومساكن الجامعات حيث تؤجر مساكن طلبتها خلال العطلة الصيفية للسياح أو لخدمات المؤتمرات، وكثيراً ما أقمنا فيها خلال حضور مؤتمرات أو ورش عمل في بريطانيا.

كل شيء تحول إلى مسكن مؤجر، صغيراً كان أو كبيراً وفق معايير وحدّ أدنى من الخدمة التي لا يُقبل تصنيفها أن يُدرج على قائمة المساكن المسموح بها. وكان هناك أيضاً موقع يؤجر بيوت الأشخاص ممن يسافرون خلال فترة الصيف فيعرضون بيوتهم للتأجير أو إحدى غرف المنزل وهم يقطنون بها. هذا التنوع في خدمات الإقامة والحركة تخلق فرصة لكل مستويات السفر والقدرة المادية ابتداء من الطلبة وحتى الميسورين، فيجد كل فرد فرصته في أن يعاين الجمال والإبداع سواء كان طبيعيا أو بشريا، ثقافيا أو رياضيا دونما إرهاق.

ويتبع الصناعة أيضاً إبراز تاريخ وقصص كل قرية ومدينة ومبنى وحجر. وهناك مدن محظوظة بأن أحد أبنائها أو بناتها كانوا ممن تركوا بصمة في التاريخ وبالتالي من السهل أن يبرزوا هذا التاريخ كشكسبير، الأخوات برونتي، ورولد دال، تشارلز ديكنز، وآخرين خلقوا لأنفسهم تاريخاً لم يكن معروفاً جاعلين منه علامة فارقة لكل من مرّ بهم. كنا لا نمر بقرية أو ناحية إلا ونجد شيئاً جديراً بالاهتمام أو التوقف.

جريدة الرياض

أضيف بتاريخ :2016/09/18

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد