آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
عبد اللطيف الضويحي
عن الكاتب :
مستشار إعلامي، كاتب في جريدة عكاظ، مدير إعلامي تنفيذي #فقه_الضويحي

السعودية وأمريكا.. أسئلة الجذور ونضج البذور

 

عبداللطيف الضويحي ..

ليس ثمة صدفة أو حظ أو حتى خطأ في سياسات دولة مثل الولايات المتحدة ومواقفها وقراراتها، لأن الصدفة والحظ والخطأ كلها أصبحت عملاً مدبرا بحرفية، تتم صناعتها وتنفيذها بسيناريوهات فائقة التلقائية والعفوية.

 

النظام السياسي في الولايات المتحدة من أكثر الأنظمة في العالم قابلية لاستيعاب المستجدات ومن أسرعها استجابة للمتغيرات والتطورات ربما على الإطلاق. لكنه من أكثر الأنظمة مؤسساتية ومن أشدها تركيزا على الهدف وانفتاحا على قبول الممارسة الأفضل في أدوات التنفيذ وضمن مناخات بالغة التحفيز والتنافس الرأسمالي.

 

في عرف السياسة والقانون الأمريكيين، من المألوف أن تسن القوانين والتشريعات في الكونغرس سواء في مجلس الشيوخ أو مجلس النواب أو فيهما معا وباستمرار، لكن هذه القوانين والتشريعات تصبح بمثابة العصا والجزرة عندما يتعلق الأمر بالسياسة الخارجية وتوظيف تلك القوانين في الدبلوماسية الأمريكية.

 

أمريكا هي الفكرة ونقيضها، وأمريكا هي مئات وآلاف التناقضات الداخلية وهي مئات وآلاف التناقضات الخارجية، وأمريكا هي مئات محطات اليمين ومئات محطات اليسار، وأمريكا هي مئات الحقوق ومئات المصالح، ناهيك عن أمريكا مئات الأعراق ومئات الخلفيات الثقافية والإثنية واللغات فضلا عن آلاف المشارب والعقائد السياسية والدينية. فالتحدي بليغ بإيجاد التوازن في الحسابات.

 

من هنا، تبدأ محاولة فهم كيفية ودوافع صناعة القرارات والتشريعات من قبل المشرعين في مجلسي الشيوخ والنواب وبقية المؤسسات بما فيها المؤسسة الرئاسية.

 

القوانين تسن في الولايات المتحدة الأمريكية لكي يتم تطبيقها، لكن لدى الأمريكيين المساحة القانونية الكافية للمناورة والابتزاز السياسي والاستمالة والإغراء والجذب والاستدراج والترويض والتسهيل في سبيل توسيع وتضخيم مصالح أمريكا وشركاتها ومؤسساتها ومصانعها ومنظماتها وفوق هذا وذاك سياساتها.

 

لدى الأمريكيين القانون وضده في العلاقات الدولية لتحقيق سياستها. فعلى سبيل المثال لدى الأمريكيين ما يكفي من القوانين والتشريعات المتعلقة بحقوق الإنسان المتنوعة، والتي كثيرا ما يتم توظيفها للضغط على الدول وابتزاز حكومات العالم لتحقيق مصالح أمريكية أو لإضعاف مواقف تلك الدول عن طريق انتزاع مواقف سياسية في قضايا بعيدة أحيانا كل البعد عن موضوع الحقوق، ولكن وفي المقابل لدى الأمريكيين والمؤسسات الأمريكية القوانين والتشريعات الكافية لإبادة أطفال العالم سواء في العراق أو في أفغانستان تحت عناوين شتى، منها ما يتعلق بالهيمنة على مناطق النفوذ في العالم والسيطرة على مصادر الطاقة والمعادن واحتكار سوق التسليح في مناطق النزاع، فضلا عن صناعة الأنظمة السياسية الموالية بجانب إنتاج الدول الفاشلة عن طريق تقسيم جغرافية الدول أو عن طريق تكسير مفاصل الحكومات المركزية وصناعة الفوضى ونشر الإرهاب.

فالقوانين والتشريعات تستعملها الخارجية الأمريكية كأحد أدوات وأذرع السياسة الخارجية الأمريكية والدبلوماسية الأمريكية في علاقاتها مع الدول. لقد نجحت أمريكا خلال السنوات الأخيرة بوضع وتطوير الكثير من الأدوات التي تستخدمها أحيانا كعصا أو كجزرة.

 

في الأمس تنفس السعوديون الصعداء إثر نقض الرئيس الأمريكي باراك أوباما لقانون «العدالة ضد رعاة الإرهاب» (جاستا) رقم 2040 والذي كان من شأنه أن ينسف القانون الدولي في حالة الاحتكام إليه لحل الخلافات بين الدول لأن قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب سيرفع الحصانة عن الدول أمام محاكم الدولة الأمريكية. ورغم أن نقض الرئيس الأمريكي لمشروع القانون ليس نهاية المطاف، إلا أن هناك جملة أسئلة يتحتم طرحها هنا بصرف النظر عما تم تبنيه الآن أو لاحقا أو تم إجهاضه.

 

فهل هناك علاقة بين ما يجري من صراعات وأحداث وإرهاب في منطقتنا العربية تحديدا في سورية والعراق واليمن والتشريع الأمريكي لهذا القانون خاصة عند التسوية النهائية في المنطقة ؟

 

هل يمكن أن يكون هذا القانون يهدف إلى ترشيد الحركة الضخمة للاجئين والنازحين والمهاجرين الأكبر في التاريخ وغير المسبوقة في العالم خاصة في أوروبا والأمريكتين ؟

 

هل من الممكن أن يكون هذا القانون تدشيناً لطموحات أمريكا المتزايدة باستغلال العولمة وتوظيفها في إحلال مشروع الأمركة بديلاً عن العولمة، بحيث تحل القوانين الأمريكية والسياسات والإجراءات الأمريكية تدريجيا بديلة عن القانون الدولي والمؤسسات الأمريكية بديلة عن المؤسسات الدولية ؟

 

هل من الممكن أن يكون هذا القانون أداة للضغط السياسي على المملكة ودفعها للتقارب مع الكيان الصهيوني وإقامة علاقات طبيعية معه ؟

 

هل من الممكن أن يكون هذا القانون ابتزازاً ماليا للمملكة خاصة في ظل انخفاض سعر البترول وفي ظل الحرب التي تخوضها المملكة للتأثير على الموقف حيال بعض الاتجاهات السلفية ؟

 

هل من الممكن أن يكون هذا القانون محاولة أمريكية للتأثير على الموقف حيال بعض الاتجاهات السلفية، ضمن الحملة

 

التي تواجهها السلفية والوهابية سواء في مؤتمر غروزني أو في العديد من المحافل والمنابر الإسلامية وغير الإسلامية؟

 

أخيرا، هل من الممكن أن يكون هذا القانون امتدادا للجدل السياسي الدائر بين الحزبين الأمريكيين الجمهوري والديموقراطي حول العديد من القضايا الأمريكية الداخلية والخارجية ؟

يوم وطني سعيد وكل عام والوطن بسلم وسلام..

 

صحيفة عكاظ

أضيف بتاريخ :2016/09/27

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد