قصة وحدث

قصة وحدث: درة الانتفاضة #الفلسطينية

 

أن يتم اقتحام المسجد الأقصى من قبل رئيس كيان الاحتلال الإسرائيلي والذي يتعمد استفزاز مشاعر الفلسطينيين بتأكيد حادثة لن تمر مرور الكرام في وعي أي مسلم، فضلا عن أي فلسطيني يعيش مرارة احتلال أرضه ومقدساته..

مع نهاية عام 1999 ساد شعور عام بالإحباط لدى الفلسطينيين بأن الاحتلال الإسرائيلي المدعوم من أمريكا لا يطبق شيئاً من الاتفاقيات التي جرت خلال المفاوضات الرسمية معه سوا أنها لا تتعدى الحبر الذي تكتب به فالإسرائيلي يعلم أنه فوق كل القوانين الدولية بل وأن القوانين توضع بحسب مصالحه حيث تقتضي ..لا اتفاقيات أوسلو ، ولا قمة كامب ديفيد، ولا غيرها تعني شيء..فالاغتيالات والاعتقالات والاجتياحات لمناطق السلطة الفلسطينية قائمة على قدم وساق دون رادع، ويقدم الاحتلال على بناء المستوطنات ويرفض عودة اللاجئين كما يرفض الانسحاب لحدود حزيران 1967، كل ذلك جعل الفلسطينيين متيقنين بعدم جدوى عملية السلام ، فالسلام مع الصهاينة وهم صنعه بعض المتآمرين على فلسطين والقدس..

 

شرارة الانتفاضة

في ظل كل تلك الانتهاكات والتجاوزات من قبل المحتل، وفي مثل هذا اليوم (28 سبتمبر/ أيلول 2000) أي قبل 16 عامًا، أقدم رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي الأسبق "أرئيل شارون" على إشعال شرارة الانتفاضة باقتحامه المسجد الأقصى، برفقة قوات كبيرة من جيش الاحتلال. ولم يكتفِ شارون آنذاك بالتجول في ساحات الأقصى فحسب، بل وتجاوز الحد بقوله: إنّ "الحرم القدسي" سيبقى منطقة إسرائيلية، مما أثار استفزاز الفلسطينيين، فاندلعت المواجهات بين المصلين والجنود الإسرائيليين، وسقط 7 شهداء وجُرح 250 آخرون، فيما أُصيب 13 جنديا إسرائيليا.

وعلى إثرها شهدت مدينة القدس مواجهات عنيفة، أسفرت عن إصابة العشرات، وسرعان ما امتدت إلى كافة المدن في الضفة الغربية وقطاع غزة، وسميت بـ"انتفاضة الأقصى".

 

محمد الدرة إيقونة انتفاضة الأقصى

يوم واحد فقط مر على تلك الأحداث..حتى التقطت عدسة المصور الفرنسي شارل إندرلان الذي كان مراسل بقناة فرنسا2 بشاعة وهمجية الاحتلال ..صورة صارت رمزاً للانتفاضة وإيقونة في ذاكرتها، إنها صورة ذاك الطفل البالغ من العمر 12 عاماً، محمد الدرة الذي احتضن والده خلف برميل إسمنتي في شارع صلاح الدين جنوب مدينة غزة.، ومع محاولات من الأب وإشاراته لمطلقي النيران بالتوقف إلا أنه لم ينفع معهم نحيب الطفل واستصراخ الأب حيث سقط الصبي بين ساقي أبيه شهيداً ...

إعدام جيش الاحتلال الإسرائيلي للطفل الدرة أثار مشاعر غضب الفلسطينيين في كل مكان، ما دفعهم بالخروج في مظاهرات غاضبة، ووقوع مواجهات مع جيش الاحتلال، أسفرت عن مقتل وإصابة العشرات منهم.

لم تكن صورة محمد الدرة إلا واحدة من الصورة التي رسمت العار على جبين الاحتلال وأظهرت بشاعته، في المقابل كانت صورته لوحة إنسانية مسالمة ومثالا ملهما للإنسانية جمعا من فنانين وشعراء وكتاب

 

القوة العسكرية والغطاء الدولي مقابل إرادة مقاومين

تميزت الانتفاضة الفلسطينية الثانية أو انتفاضة الأقصى، مقارنة بالانتفاضة الأولى، بكثرة المواجهات وتصاعد وتيرة الأعمال العسكرية بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحتلال الإسرائيلي.

وبحسب أرقام فلسطينية و"إسرائيلية" رسمية، فقد أسفرت الانتفاضة الثانية عن استشهاد 4412 فلسطينيًا و48322 جريحًا، فيما قتل 1069 إسرائيليًا وجرح 4500 آخرون. وتعرضت مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة خلال انتفاضة الأقصى لاجتياحات عسكرية، وتدمير لآلاف المنازل والبيوت، وتجريف آلاف الدونمات الزراعية. كما تم بناء "جدار الفصل العنصري الإسرائيلي".. وعمل شارون على اغتيال أكبر عدد من قيادات الصف الأول في الأحزاب السياسية والعسكرية الفلسطينية، في محاولة لإخماد الانتفاضة ولإضعاف فصائل المقاومة وإرباكها، وفي مقدمتهم مؤسس حركة حماس الشيخ أحمد ياسين.

ومن أبرز أحداث الانتفاضة الثانية، فقد استطاع مقاومون من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين من تصفية  وزير السياحة في حكومة الاحتلال الإسرائيلية آنذاك (رحبعام زئيفي)... كما شهدت هذه الانتفاضة تطورًا في أدوات المقاومة الفلسطينية، مقارنة بالانتفاضة الأولى، التي كان أبرز أدواتها "الحجارة" و"الزجاجات الحارقة".

وعملت فصائل المقاومة على توسعة أجنحتها العسكرية، وقامت كتائب القسام الجناح المسلح لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، بتطوير سلاحها في الانتفاضة الثانية، وتمكنت من تصنيع "صواريخ" لضرب المدن والبلدات الاحتلال الإسرائيلي.

أما مستوطنة "سديروت" جنوبي "إسرائيل"،فقد كانت على موعد مع تلقي أول صاروخ فلسطيني محلي الصنع، أطلقته كتائب القسام، بعد عام من انطلاقة انتفاضة الأقصى ( 26 أكتوبر/تشرين أول2001)، لتطور بعد ذلك وعلى نحو متسارع من قدراتها في تصنيع الصواريخ، ووصولها إلى كبرى المدن المحتلة.

 

انتفاضة الأقصى مستمرة إلى نهاية الاحتلال

في الثامن من فبراير/ شباط لعام 2005 توقفت "انتفاضة الأقصى" في شكلها الظاهري بعد اتفاق هدنة بين الإسرائيليين والفلسطينيين في قمة "شرم الشيخ"، أما في الباطن والواقع فأنها لم تنتهِ لعدم توصل الفلسطينيين والإسرائيليين إلى أي حل سياسي، وبقيت المواجهات مستمرة في مدن الضفة.

وهذا ما نشاهده اليوم مع استمرار تعنت المحتل الذي يمارس العنصرية والاستبداد ضد أصحاب الأرض الأصليين بلا تمييز بين الأطفال والنساء منهم بعمليات الإعدامات خارج القانون ووسط الشارع ..ماجعل الفلسطينيين يصرون على مقاومة هيمنة الاستكبار الصهيوني -المدعوم أمريكياً وغربياً ومع الأسف مدعوم أيضا من بعض الأنظمة العربية- حتى أخر رمق وبأي وسيلة متاحة كانت بيديهم حجارة أو سكين ...

أضيف بتاريخ :2016/09/28

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد