التقارير

تقرير خاص: #جدة على خط النار: النزف مستمر.. من يوقف هذه الحرب العبثية؟

 

مالك ضاهر ..

للمرة الأولى تدخل مدينة جدة في "معمعة" المستنقع اليمن عبر استهدافها بصاروخ أطلق عليه اسم "بركان-1" ويقال إنه روسي الصنع ولكنه معدل يمنيا، جدة المدينة التي يعتبرها كثيرون العاصمة الاقتصادية والحيوية للمملكة السعودية وأحد أهم شرايين الحياة فيها في مختلف المجالات، باتت اليوم ضمن "بنك الأهداف" التي قد يستهدفها اليمنيون ردا على الحرب التي تقودها المملكة عليهم.

 

وبالتالي أن ما جرى سيدخل البلاد في مرحلة جديدة تتطلب الجلوس والتروي والتفكير مليا قبل الغوص فيما سيأتي من الأيام، لأن استهداف جدة التي تبعد 1.112 كلم عن الحدود مع اليمن يعني أن هناك قدرة يمنية على استهداف مناطق كثيرة في المملكة وقد تكون الرياض(التي بعد فقط 993 كلم عن حدود اليمن) بالإضافة إلى كل مناطق الجنوب والوسط تحت مرمى الصواريخ اليمنية، فماذا نحن فاعلون؟ وأي اتجاه سنسلك؟ هل سنستمر إلى ما لانهاية في الحرب دون الأخذ بالاعتبار كل هذه الخسائر والأضرار التي لحقت وقد تلحق بنا؟ أم إننا سنجلس اليوم للقول كفى مغامرة ويجب التوقف عن إغراق البلد في حرب عبثية لا طال منها ولا جدوى؟

 

المفاجآت اليمنية والخسائر السعودية

الحقيقة اليوم أن باتت المملكة السعودية على الأرجح وحيدة في المعركة أو تكاد، وهي ستدفع من لحم شعبها الحي ومصالحهم المباشرة فاتورة الحرب التي دخلتها كطرف في "تحالف"، ولكن الواقع أظهر أنها وحيدة لا سند لها ولا معين باستثناء بعض الطلعات أو المشاركات التذكيرية لبعض الدول الخليجية الأخرى، والحقيقة أيضا أن اليمني يقاتل "وظهره للحائط" كما يُقال وليس لديه ما يخسره في هذه المعركة، وبالتالي فهو سيقاتل حتى الرمق الأخير، وطالما هو سيخسر كل شي فلن يتوانى عن إلحاق ما يستطيع من أضرار بنا، ويبدو أنه ألحق وسيلحق أضرارا أكثر مما توقعنا أو توقعت قيادتنا السياسية والعسكرية، لأن اليوم أطلق صاروخا واحدا على جدة ومن يدري عدد هذه الصواريخ التي ستسقط على المدينة في المستقبل، ومن يدري إذا كان اليمنيون سيستهدفون لاحقا مدنا أخرى على امتداد مساحة المملكة.

 

والأصعب أن اليمنيين قد يكون عندهم مفاجآت لا نتوقعها أو لا نحسب لها حسابا، فماذا نفعل وقتها وكيف يمكن لنا أن نتصرف، علما أن اليوم باتت لدينا فرصة ذهبية جديدة للخروج من هذا المستنقع وللوقوف بجرأة والقول إن لدينا شعب وبلد ومصالح ناس نريد أن نحافظ عليها فحماية وطننا أهم من أي أمر آخر "وكفى الله المؤمنين القتال"، لأنه في كل مرة كنا نضيع على أنفسنا الفرصة التي تلوح كما هي الحال بعد قصف صالة صنعاء، نتورط بمواقف أصعب من ذي قبل، فهل نستفيد من هذه الفرصة للخروج من الأزمة اليمنية ونلتفت إلى مصالحنا الوطنية العليا مع ما نعانيه من أزمات كبيرة أبرزها النفط والاقتصاد.

 

اليوم جدة.. وغدا؟!

وبحسب مصادر مطلعة على الشأن الخليجي فإنه من "الواضح أن اليمنيين لديهم من المفاجآت ما يكفي للاستمرار حتى اليوم بهذه الوتيرة التصاعدية في الحرب ضد المملكة"، ولفتت إلى أنه "في كل يوم يمر على الحرب تزداد المفاجآت بالظهور عبر التقدم الميداني اليمن والفشل الكبير في تحقيق انجازات نوعية للسعوديين".

 

وقالت المصادر في تصريحها لـ "خبير" إن "بعض الظروف قد تمنع اليمنيين من كشف كل ما لديهم لكن المملكة هي التي تدفعهم إلى التصعيد حتى وصلوا اليوم إلى استهداف جدة ومن يدري غدا ربما إلى الرياض وغيرها من المناطق السعودي الحساسة خاصة أن اليمنيين يتدرجون في إظهار المفاجآت".

 

وأشارت المصادر المطلعة إلى أن "الإستراتيجية اليمينية هي إستراتيجية دفاعية بالدرجة الأولى هدفها الأساس هو الحفاظ على الأرض وصد هجمات التحالف وكذلك الدخول المدروس في الأراضي التي تحت سيطرة النظام السعودي بحيث تهدف دائما إلى إيصال رسالة معينة إلى الطرف الآخر كي يغير في ممارساته ويوقف الحرب"، وأضافت من "هذه الرسائل الصاروخ باتجاه جدة ومن قبله استهداف العمق السعودي ولكن يبدو أنه حتى الساعة لا تريد الجهات السعودية المعنية تلقي هذه الرسائل أو أنها لم تستطع فهم المعاني المقصودة".

 

الهروب إلى الأمام

وبالحديث عن الرسائل التي يجب فهمها من رسالة "الصاروخ على جدة"، أنه بالدرجة الأولى هناك رسالة واضحة ممن أطلق الصاروخ بأن لدينا القدرة على استهدافكم في العمق السعودي بشكل كبير وعليكم وقف الحرب، فكيف جاء الرد السعودي السياسي والإعلامي؟ الجواب يبدو واضحا من محاولات التوجيه الغريبة بأن اليمنيين كانوا يستهدفون مكة المكرمة وبالأخص الحرم المكي وما شابه مما لا يمكن فهمه من جهات لابدَّ أنها تتمتع بوعي أعلى من هذا بكثير ولا تعمد بهذه الطريقة إلى تسخيف المواضيع عبر التحريض الطائفي أو المذهبي، وكأن اليمنيين ينتمون إلى دين آخر غير الإسلام ومهما تعددت مذاهبهم فكل المسلمين بالتأكيد لا يرضون المساس بـ"البيت العتيق" فكيف بمسألة قيامهم باستهدافه، وهذا الأداء للأسف يدل أن خصيصة تلقي الرسائل يبدو أنها ما زالت معطلة في المملكة أو لا يراد لها أن تعمل أي أن الحرب ستستمر وكأن القدر يريد للسعوديين كافة تحمل تبعات حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل.

 

فالإشارات واضحة من فترة ليست بقريبة بأن المعادلات التي ستفرض مع مرور الوقت لن تكون بصالحنا بل في صالح اليمنيين، ويكفي مراجعة أهداف الحرب وما تحقق منها وإلى أين وصلنا اليوم لنعرف أي مصلحة لنا في الحرب وأي ضرر لحقنا بسببها، فعلى ماذا نراهن بعد كل ما جرى وبعد إضاعتنا لكل الفرص المتاحة أمامنا للخروج بمظهر لائق من الحرب، وفي هذا الإطار اعتبر المغرد السعودي الشهير "مجتهد" أن "الحرب لن تقف إلا بعد دخول الحوثي جيزان"، بمعنى آخر هل تنتظر الجهات السياسية إلحاق المزيد من الأضرار بالمواطنين حتى يتم تقييم الوضع بشكل جدي يوصل إلى وقف الحرب؟ سؤال يبقى برسم المعنيين الذين يجب أن يتوقفوا عن الهروب إلى الأمام وإطلاق الاتهامات لليمنيين بمحاولة قصف مكة لأنها لن تجدي نفعا في حرب نحن من أطلقها ضدهم.

أضيف بتاريخ :2016/10/29

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد