آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
عبد الباري عطوان
عن الكاتب :
كاتب وصحفي سياسي فلسطيني رئيس تحرير صحيفة رأي اليوم

خطر “الدولة الإسلامية” يتضاعف بعد تفجير شرم الشيخ

 

الكاتب: عبد الباري عطوان

تؤكد جميع التصريحات التي تصدر هذه الأيام عن اجتماعات فيينا، وجولات المبعوث الدولي استيفان ديمستورا، أن مستقبل سورية يتوقف حول تحقق شرطين:

 

الأول، القضاء على خطر “الدولة الإسلامية”، والجماعات الجهادية الأخرى المتشددة، والثاني، انطلاق عملية سياسية تؤدي إلى حكومة انتقالية، وانتخابات رئاسية وبرلمانية، ولكن لا توجد خطط عملية حول كيفية تحقيق هذين الشرطين، أو الأول منهما على وجه التحديد.

 

بعد حادث تفجير الطائرة الروسية في أجواء سيناء، ومقتل جميع ركابها، وتوجيه معظم أصابع الاتهام نحو “الدولة الإسلامية”، باعتبارها المسؤول الأول، بات واضحا أن خطر هذه الدولة بات عابرا للحدود والقارات أيضا، ولم يعد محصورا في الأرض التي تسيطر عليها على جانبي الحدود السورية العراقية.

 

حتى هذه اللحظة لم تكشف لنا التحقيقات في هذه الجريمة، وربما لا يراد لها أن تكشف، عن كيفية حدوث هذا التفجير، فهل جرى دس القنبلة في أحد الحقائب، وكيف، أم أن انتحاريا تسلل إلى الطائرة وسط الركاب، وفجر حزامه الناسف فور إقلاعها؟

 

 

في ظل هذا التكتم الشديد، هناك حلقة مفقودة ربما تسلط الكثير من الأضواء حول هذا التفجير، وتفكك بعض ألغازه، حتى أن “الدولة الإسلامية” لجأت إلى تكريس هذا الغموض عندما قالت في بيانها الثاني الذي صدر عن “ولاية سيناء” التابعة لها، أنها ستكشف عن الطريقة التي تم من خلالها التفجير “في الوقت المناسب”، ولكنها لم تقل لنا متى سيكون هذا الوقت المناسب، ولا بد أنها “استعارت” هذه الفقرة من بيانات حكومات عربية.

 

نظريات عديدة انتشرت صحف ووسائط تواصل اجتماعي، من الصعب تبني أي منها، أحداها تقول أن أحد رجال الأمن في مطار شرم الشيخ تورط في دس القنبلة في أحدى الحقائب بعد مرورها على الجهاز الكاشف للمتفجرات، وأخرى تقول أنه جرى استبدال حقيبة بأخرى، وثالثة تتحدث عن استرخاء عمليات التفتيش، وعدم أخذ الأمر بجدية، لأن الطائرة روسية، وليست أوروبية، وهناك عشرات الرحلات الروسية أسبوعيا إلى هذا المنتجع.

 

أخطر هذه النظريات تلك التي تحدث عنها خبير عربي يعمل مع الأمم المتحدة، وقال همسا في جلسة خاصة، أن فرضيات لا تستبعد شرب أحد الانتحاريين محلولا معينا، وبعد الإقلاع مباشرة ابتلع “كبسولة” تحول هذا المحلول إلى قنبلة، تنفجر بقوة، وتؤدي إلى انقسام الطائرة في الجو، ولهذا السبب تركز إجراءات الأمن في المطارات الأوروبية إلى منع صعود أي سوائل مع الركاب.

 

هذه النظريات إذا صحت، ولا نملك أي أدلة على صحتها من مصادر أمنية أو علمية وثيقة، ربما ستحدث أصداء مرعبة في صناعة النقل الجوي، لأنه سيكون من الصعب اكتشاف هذه المادة المتفجرة بالأجهزة المستخدمة حاليا في المطارات.

 

التكهنات عديدة مثلما قلنا، ومعظمها، أو حتى كلها، سيظل مفتقدا للمصداقية طالما لم يتم نشر نتائج ما ورد في الصندوقين الأسودين للطائرة من قبل الجهات المختصة التي أشرفت على تحليل المعلومات فيهما، والشيء الوحيد شبه المؤكد حاى الآن هو أن الطائرة أسقطت نتيجة انفجار، وليس خللا فنيا، دون تحديد هويته أو المواد المستخدمة فيه.

 

الأمر الذي يخرج عن نطاق التكهنات ولا يحتاج إلى تأكيد أن “الدولة الإسلامية” تزداد قوة وتمددا، في وقت تتكاثر فيه اجتماعات المسؤولين الروس والأمريكان، ومن يلف لفهم من العرب، يبحثون كيفية مواجهتها والقضاء عليها.

 

وعندما يقول جنرال أمريكي متقاعد في وزن بيل ماكرايفن، القائد السابق للقوات الأمريكية الخاصة، أن العالم يخوض “حرب أجيال” مع تنظيم “الدولة الإسلامية”، ويضيف “إذا ثبت أن “الدولة” تقف خلف انفجار الطائرة الروسية فإن هذا يحتاج إلى إستراتيجية شاملة لمحاربتها”، ويكشف ضابط سوري في الوقت نفسه، يعمل في قاعدة عسكرية في مدينة حماة في حديث لصحافيين روس أن في قبضة الجهاديين صواريخ مضادة للطائرات من طراز “ستينغر” الأمريكية الصنع قادرة على إصابة أهدافها على ارتفاع 4500 متر، ونجح أحداها في إسقاط طائرة من طراز “ميغ 21″ في الرابع من الشهر الحالي فإن الصورة تبدو “غير وردية” على الإطلاق بالنسبة لأعداء هذه الدولة وحربهم ضدها في المستقبل المنظور.

 

 

لا نتردد في القول بأن هذه “الدولة” متقدمة ودموية في الوقت نفسه، وربما تملك العديد من المفاجآت غير السارة، قد لا يكون تفجير طائرة شرم الشيخ آخرها، ولا نستبعد وجود أسلحة كيماوية في حوزتها، ستستخدمها، أن لم تكن قد استخدمتها فعلا، ضد خصومها، فهي ليست مجموعة من المتشددين “الجهلة” الذين لا يعرفون غير تفجير أنفسهم بأحزمة ناسفة، أو قطع الرؤوس، وحرق الأعداء أحياء، مثلما يتصور الكثيرون في الشرق والغرب، على حد سواء، وإنما مجموعة من العقول في مختلف الميادين العسكرية والأمنية والإعلامية والإدارية.

 

الأمر يحتاج إلى إستراتيجية فعلية لمواجهتها، فمن سيضع هذه الإستراتيجية، وهل قبل المرحلة الانتقالية في سورية أو بعدها؟ وحتى يحسم هذا الجدل المماثل لنظيره أيهما قبل الآخر: البيضة أو الدجاجة، لا نستبعد مفاجآت أخرى، ربما أكثر دموية في مكان مجهول آخر.

 

المقال لصالح صحيفة رأي اليوم.

أضيف بتاريخ :2015/11/09

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد