آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
عبد الباري عطوان
عن الكاتب :
كاتب وصحفي سياسي فلسطيني رئيس تحرير صحيفة رأي اليوم

لماذا تراجع بوتين عن قرار طرد دبلوماسيين أمريكيين تطبيقا لمبدأ “المعاملة بالمثل”؟


عبد الباري عطوان ..

كانت خطوة ذكية من قبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تلك التي تمثلت في عدم تطبيقه لمبدأ المعاملة بالمثل، وطرد 35 دبلوماسيا أمريكيا كرد على قرار إدارة أوباما على ابعاد العدد نفسه من الدبلوماسيين الروس، كعقاب لتدخل بلادهم في الانتخابات الأمريكية الأخيرة لصالح المرشح الجمهوري دونالد ترامب، واختراق الحاسوب الخاص لمنافسته هيلاري كلينتون.

سيرغي لافروف زعيم الدبلوماسية الروسية اقترح على رئيسه طرد 35 دبلوماسيا أمريكيا وإمهالهم 72 ساعة للمغادرة باعتبارهم غير مرغوب فيهم، ولكن الرئيس الروسي لم يأخذ بهذه التوصية وفضل التهدئة والتريث، وليس خوفا، أو جبنا، وإنما لإدراكه بأن الهدف من هذه العقوبات الأمريكية “الاستفزازية” تخريب العلاقة المتنامية بين الرئيس الأمريكي القادم دونالد ترامب ونظيره الروسي بوتين.

الرئيس بوتين احتفظ “بحق الرد”، وفضل التريث حتى العشرين من الشهر المقبل، وربما بعده، لمعرفة نوايا الرئيس الجديد تجاه موسكو، والسياسات التي سيتبعها حول ملفات عديدة من بينها سورية وأوكرانيا، وحلف “الناتو”، ومنطقة جنوب شرق آسيا، على ضوء هذه النوايا، واتضاح طبيعة السياسات الخارجية الأمريكية في العهد الجديد سيتم اتخاذ ماهية الرد وتوقيته.
***
 
الحرب الباردة التي اشعل فتيلها الرئيس أوباما في أسابيعه الأخيرة اتسمت بالثأرية، والروح الانتقامية، بسبب الهزيمة المفاجئة التي حلت بالمرشحة الديمقراطية كلينتون، ولعبت المخابرات الروسية دورا كبيرا فيها، حسب اتهامات البيت الأبيض، ولكن لماذا لم تظهر هذه “الروح” طوال السنوات الثماني من عمر إدارته؟ وهل مردود ذلك الخوف والجبن، واتباع سياسة “زيرو مشاكل”؟

الرئيس أوباما قرر تصفية حساباته مع كل خصومه في “الوقت بدل الضائع″ من فترته الرئاسية الأخيرة، ابتداء من بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي تعمد اهانته، وتجاوزه كرئيس بالذهاب الى الكونغرس، وانتهاء بالرئيس بوتين الذي انحاز إلى خصمه ترامب، واسقط المرشحة الديمقراطية بطريقة أو بأخرى، من خلال تسريب مضمون رسائلها الالكترونية الخاصة الى الصحف قبل بدء الانتخابات الرئاسية بأيام معدودة، وفي وقت كانت تتصدر فيه جميع استطلاعات الرأي.

كان لافتا أن الرئيس السوري بشار الأسد كان متناغما كليا مع علاقات الصداقة بين حليفه الروسي بوتين والرئيس الأمريكي الجديد ترامب، حيث أجاب على سؤال لقناة “تي جي 5″ الإيطالية حول رده على انتخاب ترامب رئيسا للولايات المتحدة بقوله “إننا أكثر تفاؤلا.. لكن مع بعض الحذر لأننا لا نعرف السياسة التي سيتبعها حيال منطقتنا بشكل عام.. وكيف سيتعامل مع جماعات الضغط التي تعارض أي حل في سورية، وتعارض أيضا قيام علاقات جيدة بين واشنطن وموسكو”، وهذا الحذر مبرر ويرتكز على معطيات قوية، لأن القادم الجديد إلى البيت الأبيض ما زال “مجهولا”، وشخصيته الحقيقية قد تتضح بعد استلامه السلطة.
***
 
باختصار شديد نقول إن “الجميع″ بات في انتظار ترامب، وسياساته التي سيتبعها في أكثر من ملف، ولكن من غير المستبعد أن يفاجئ هذا الرجل “الجميع″ أيضا، أو معظم المراهنين عليه في أمريكا ومنطقة “الشرق الأوسط” لأنه صاحب مزاج “متقلب”، ويتراجع عن مواقفه بسرعة، ولا يستطيع مهما أوتي من قوة “الثورة” على إستراتيجيات “المؤسسة” الحاكمة في أمريكا التي تحكم من خلف ستار، ولا يخفي عداءه المطلق للعرب والمسلمين.

في جميع الأحوال لن ننتظر طويلا.. فالعام الجديد سيبدأ بعد يومين، وإدارة أوباما ستشد عصا الرحيل بعد عشرين يوما، وما علينا إلا التحلي بالصبر، والكثير منه، والتمسك بمبدأ راسخ أهم عناصره عدم الثقة بالإدارات الأمريكية، جمهورية كانت أم ديمقراطية، لأنها تقف دائما في خندق المصالح الأمريكية في دعم إسرائيل، واضعاف وتفتيت العالمين العربي والإسلامي.


صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2016/12/30

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد