آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
عبد الباري عطوان
عن الكاتب :
كاتب وصحفي سياسي فلسطيني رئيس تحرير صحيفة رأي اليوم

لماذا اغتيل اللواء الغضبان الوسيط المفاوض لإنهاء “حرب المياه”..؟


عبد الباري عطوان ..

إذا كانت هناك شكوك حول وقوف فصائل في المعارضة السورية خلف قطع مياه نبع عين الفيجة عن العاصمة دمشق، وتعطيش حوالي خمسة ملايين مواطن من أهلها، فإن عملية اغتيال اللواء أحمد الغضبان منسق عملية المصالحة ووقف إطلاق النار في وادي بردى من قبل أحد المحسوبين عليها، قد بددتها، وأظهرت المعارضة السورية بمظهر من لا يحترم التعهدات والاتفاقات، ويغتال الوسطاء والرسل في أعين الكثير من السوريين، وبعض المواطنين، في الوطن العربي والعالم الإسلامي.

اللواء الغضبان الذي عينه الرئيس بشار الأسد لإدارة شؤون قرى وبلدات المنطقة، والتفاوض مع المعارضة المسلحة المتواجدة فيها، اغتيل بعد توصله إلى اتفاق يسمح بدخول ورش الصيانة والمهندسين، لإصلاح مضخات عين الفيجة، وبما يسمح بعودة المياه إلى سكان العاصمة، مثلما كان عليه الحال طوال السنوات الست الماضية من عمر الأزمة، مما يعني أن هناك جهات في المعارضة، وبتحريض، أو أوامر، من حكومات داعمة لها، لا تريد نجاح الاتفاق، وعودة التهدئة، وتحقيق مصالحة، تحقن الدماء، وتنهي استخدام المياه كسلاح وورقة ضغط، وهو استخدام يرتقي إلى مستوى جرائم الحرب، حسب القوانين الدولية والإنسانية.
***
لا نستغرب وجود انقسامات وخلافات في أوساط فصائل المعارضة حول مسألة إعادة المياه إلى العاصمة، فهناك فصائل تأتمر بأوامر دول عربية جرى تهميشها ودورها، في عملية السلام الحالية التي انطلقت بعد استعادة الجيش السوري لمدينة حلب، وتعاظم التحالف التركي الروسي، وعدم توجيه أي دعوة لها للمشاركة في مؤتمر الآستانة الذي سيعقد يوم 23 الشهر الحالي، ولذلك لا تتورع هذه الدول بالإقدام على عمليات تخريب لأي اتفاق في وادي بردى أو غيره، لأنه لا يهمها، وهي التي أخذت على عاتقها تدمير سورية، وصب المليارات وأطنان الأسلحة على نار الحرب فيها، أن يموت سكان العاصمة عطشا، أو تتعرض صورة المعارضة للتشويه.

ربما تفيد العودة في هذا السياق، إلى التسجيل الصوتي المنسوب إلى السيد ميشيل كيلو، ولم ينف ما ورد فيه من اتهامات وانتقادات لاذعة لدول الخليج، والمملكة العربية السعودية على وجه الخصوص، واتهمها بأنها “لا ترغب أن تتمتع سورية بحكم ديمقراطي ولا حكم إسلامي، فلا هذا الحكم ولا ذاك يناسبها، لأن ما يريدونه هو تفشي الفوضى في سورية”، أما السيد معاذ الخطيب رئيس الائتلاف السوري الأسبق، فقد انتقد حالة الفلتان في أوساط الفصائل المسلحة، وهاجم بشدة “من أحرق الباصات الخضراء التي تخفف الموت عن الناس وكانت مخصصة لإجلاء المدنيين من بلدتي كفريا والفوعة بمقتضى اتفاق دولي”، وقال “هذه التنظيمات لم تأت من فراغ بل هي أدوات لدول إقليمية”، مؤكدا أن أسوأ ما قامت به هو شيطنة الإسلام كله، وتخريب سورية”.

إن من يقتل اللواء الغضبان، يقوم بالدور نفسه الذي قام به من أحرق الحافلات الخضراء في بلدتي كفريا والفوعة، وقطع المياه عن خمسة ملايين مواطن سوري عربي ومسلم سنيّ (ونأسف لاستخدام هذا التوصيف مضطرين)، بهدف التخريب ونشر الفوضى، واستمرار مسلسل سفك الدماء، وعرقلة الحوار وعملية التسوية السياسية.
***
الهدف من اغتيال اللواء الغضبان بدأ يتحقق، فها هي السلطات السورية أدركت أنه لا فائدة من المفاوضات مع فصائل لا تحترم العهود، وقررت سحب ورش الصيانة، ووقف عملية إصلاح المضخات، لأن حياة هؤلاء باتت معرضة للخطر، وبدأت الإعداد لهجوم عسكري موسع، مما يعني المزيد من القتلى والجرحى من الجانبين، واستمرار أزمة المياه في العاصمة، وهي نتيجة لا يتمناها إلا أعداء سورية وشعبها، أيا كان الخندق الذي يقف فيه أبناء هذا الشعب.

لا يخامرنا أدنى شك بأن الشعب السوري بدأ يتعرف على الحقائق، وتنقشع غمامة التضليل عن عيون معظمه، وبات يدرك إبعاد المخطط الذي جرى طبخه في غرف مغلقة بمشاركة عربية، وبتنفيذ بعض أبنائه، لتدمير بلده، وإغراقها في حال الفوضى التي تعيشها منذ ست سنوات، و”الصحوة” تتبلور وتتطور بسرعة حاليا تؤكد لنا أن الحل السياسي بات اقرب من أي وقت مضى، ونأمل أن لا نكون مخطئين في تفاؤلنا هذا.

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2017/01/16

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد