قصة وحدث

قصة وحدث: #الشهيد_الصدر ..اغتيال عبقرية..(٣)

 

سحر صالح ..

شكّل السيد محمد باقر الصدر ظاهرة تاريخية نادرة الحدوث، وعبقرية لم تعرف لها الحوزات العلمية مثيلا،..قدّم نفسه فداء لمبادئه؛ ومشروعه الإسلامي..، إذ كانت الشهادة وسيلة لإظهار قبح الطاغوت الذي كان يحاول تجميل صورته عبر إغراء السيد الصدر، وعندما فشل وعجز عن استمالته كان لابد له من قتله..فماذا كان مشروع السيد الصدر الذي خافه طاغية زمانه حدّ الجرأة على سفك دمه...؟

 

السيد أبو القاسم الخوئي زعيمًا للحوزة ..

بعد وفاة المرجع الحكيم أعلن السيد محمد باقر الصدر تأييده لمرجعية السيد أبي القاسم الخوئي. جاء هذا الإعلان بعد تباحث مع العلماء في الحوزة، وبعد أن قام السيد الصدر بزيارة السيد الخوئي طالبًا منه أن يواصل النهج الذي سارت عليه مرجعية السيد محسن الحكيم، واتفق معه على مسائل تتعلق بالتنظيم داخل الحوزة، وإدارة شؤون الوكلاء.

 

تهجير الطلاب..

٢٣ديسمبر ١٩٧١م، أصدر النظام البعثي قرارًا بتهجير أكثر من ألف عائلة إيرانية تسكن العراق. وبعد هذا القرار أعلن الإمام الخميني "رض" من على منبر درسه في مسجد الأنصاري؛ وكان عدد الحاضرين أكثر من ألفي شخص؛ أنه عازم على السفر إلى لبنان، وأرسل برقية في نفس اليوم إلى أحمد حسن البكر محذرًا إياه من التمادي في سياسة التهجير.

طلب السيد محمد باقر الصدر من الطلبة الأجانب الذين بقيت في تأشيرات سفرهم مدة صالحة للبقاء بأن يبقوا؛ ويتحدوا قرار النظام. كما زار السيد الصدر المرجع السيد على السيستاني لطلب العون منه، وتوحيد المواقف، و كان متفائلا جدا بلقائه مع السيد السيستاني.

أثمرت الجهود، واضطر النظام العراقي إلى التوقف مؤقتًا عن تسفير الطلبة.

 

الاعتقال الأول..

في العام ١٩٧٢م،  تمّ تأميم النفط العراقي، حينها أرسل المرجع السيد أبو القاسم الخوئي برقية إلى أحمد حسن البكر ثمّن فيها "الجهود العالية لأحمد حسن البكر في حماية مصالح المسلمين و الدفاع عنها"، فقامت الحكومة باستغلال رسالة السيد الخوئي لتوجيه نقد حاد للسيد محمد باقر الصدر، حيث وزعت منشورًا دعت فيه الناس للاقتداء بالمرجع الخوئي، ووصفت السيد الصدر بالعمالة والخيانة والرجعية. كما بعثت للسيد الصدر موفدًا من قبلها يهدده بأن الحكومة لن تتساهل معه.

ولَم يطُلْ التهديد، ففي يوم الأربعاء ١٦أغسطس ١٩٧٢م /رجب ١٣٩٢هـ، تم اعتقال السيد محمد باقر الحكيم، والسيد محمد باقر الصدر الذي كان مريضًا في المستشفى، فتمّ تقييده بالسلاسل إلى السرير. و لاحقًا بوساطة من كلّ من الشيخ الدكتور أحمد الوائلي والسيد مصطفى جمال الدين عند محافظ كربلاء أُطلق سراح السيد محمد باقر الصدر.

جاء في رسالة بعثها السيد محمد باقر الصدر إلى السيد علي رضا الحائري بعد خروجه من الاعتقال.."إنّ هذا الزمن المرير والحمدلله على كل حال، أذاقني من مرارته ألوانًا و أشكالًا من يتم وغربة في الطفولة، وضيق و حرمان في الشباب، وألوانا من التحدي والاستهانة والإصرار أفرادًا و جماعات على الإيذاء والعداء، حتى توّجت تلك التحديات والاستهانات بعرض أبيكم في رجب الذي قيد فيه كما يقاد المجرمون"

 

المرجعية الرشيدة..

بعد هذا الاعتقال أقام السيد الصدر مجلسًا أسبوعيًا يبحث فيه مع مجموعة من خيرة طلابه موضوع "المرجعية الصالحة"، وهو تنظير للمرجعية حسب رؤية السيد الصدر. كما بحث السيد في جلسات البحث مرحلية الدعوة داعيا "حزب الدعوة" للسعي إلى تسلم السلطة، و نُقل عنه قوله:" لقد أتخمتم الأمّة بالفكر حتى حولتموها إلى حوزة كبيرة". إلا أنّ حزب الدعوة لم يستجب لدعوة السيد الصدر، ولأن قادة الحزب لم يؤمنوا بما نظر له السيد من ولاية الفقيه المطلقة كان هناك تباعد في الآراء، وجاء في مخطوطة من العام ١٩٧٦م موجهة من السيد الصدر إلى أحد تلاميذه: "لأني كنت أؤمن ولا أزال بضرورة الانفصال بين المرجعية الواعية و حزب الدعوة، و لزوم اللقاء في نفس الوقت في إطار اعتراف حزب الدعوة بالإمامة الفكرية والتشريعية، والنيابة عن الإمام للمرجعية الصالحة. ورؤيتي لهذه الحقيقة ليست وليدة ظرف معين أو محنة معينة، بل هي رؤية عقلية متبصرة دعمتها تجارب مايقارب عقدين من الزمن، وإذا كان هناك عمل مجد في إنقاذ حزب الدعوة من الانحراف فهو العمل من أجل جعلهم يتبنون تلك الأصول الموضوعية، وتلك النظرة إلى الإمامة و المرجعية"

 

استهداف حزب الدعوة..

بين العامين ١٩٧٣م و ١٩٧٤م، ارتفعت وتيرة تهجير الطلاب الأجانب من الحوزة، و بعد اكتشاف مخابرات النظام  لتنظيمات  في حزب الدعوة اعتقل ٨٠٠ شخص و من ضمنهم عدد كبير من العلماء المرتبطين بالسيد الصدر، واستشهد عبد الصاحب الدخيل القيادي في حزب الدعوة تحت التعذيب، و اعتقل الشيخ عارف البصري و أربعة من رفاقه، واعتقل السيد محمود الهاشمي و عذّب تعذيبًا شديدًا، في حين رحل السيد كاظم الحائري إلى إيران بعد الاعترافات عليه.


في هذه الفترة أصدر السيد الصدر فتوى بالفصل بين العمل الحوزوي والحزبي، و دعا جميع طلابه والمقربين منه إلى الخروج من الدعوة. وبهذه الفتوى أراد السيد الصدر الحفاظ على الحوزة والدعوة في آن من بطش النظام البعثي، لكن لم يتوقف النظام بل ازداد طغيانًا فأعدم خمسة من المعتقلين هم الشيخ عارف البصري و رفاقه،.. فتأثر السيد الصدر لذلك تأثرا كبيرًا و لشدة حزنه أصابه شلل في قدمه اليسرى لأكثر من شهر، و يذكر أحد تلاميذه بأنه دخل عليه فوجده يبكي بكاءً عاليًا و ينتحب.

 

تصدِّيه للمرجعية..

لم يكن للمرجعية العظمى في ذلك الوقت المتمثّلة في السيد أبي القاسم الخوئي أيّ موقف تجاه الأزمة، و اقتصرت علاقتها بالشارع العراقي على بيان الحلال والحرام.

في هذه الأجواء أعلن السيد محمد باقر الصدر عن تصديه للمرجعية وذلك في العام ١٩٧٦م، و كان عمره آنذاك لم يتجاوز ٤١عامًا، و لصغر سنه، مع وجود فقهاء أكبر سنًا في الحوزة كان ذلك أمرًا غير مألوف في عرف الحوزة. و رغم ذلك فقد حصل السيد الصدر على عدد كبير من المقلدين قياسا بالفترة الزمنية القصيرة التي تصدى فيها للمرجعية لم يحصل عليه أحد من المراجع قبله..

 

الثورة الإسلامية في إيران..

في العام ١٩٧٧م، استشهد السيد مصطفى الخميني، نجل السيد الإمام الخميني على يد جهاز المخابرات الإيرانية "السافاك"، و بعد استشهاده خرجت الجموع في الشارع الإيراني متعاطفة مع الإمام الخميني، و مؤيدة له فكانت بداية الثورة الإسلامية.

عطّل السيد محمد باقر الصدر درسه إثر استشهاد السيد مصطفى، و ذهب لزيارة الإمام الخميني لتعزيته، كما أقام مجلس عزاء على روح السيد مصطفى..

 

التشكيك في الثورة..

بعد انطلاق الثورة الإسلامية في إيران كان هناك من يرسل للسيد محمد باقر الصدر من بعض طلابه في إيران- و نتيجة لنقاشاتهم مع طلاب الإمام الخميني و معاينتهم للواقع- يشككون في إسلامية الثورة في إيران، و مدى تأثير الإمام الخميني في الشارع الإيراني،..حتى جاءه أحد طلابه بمجلات تنقل أخبار الثورة من بغداد ليستوضح السيد الصدر الأمر..

ومع نفي الإمام الخميني إلى فرنسا تصاعدت الثورة، و كانت خطابات الإمام من هناك تثير الجماهير، فأيقن السيد الصدر حينها أنّ مرجعية الإمام الخميني هي المحرك للثورة..

 

تأييد الثورة الإسلامية..

وجه السيد الصدر رسالة إلى الشعب الإيراني في ٤يناير ١٩٧٩م دعاهم فيها إلى الالتفاف حول الإمام ..

وردًا على المشككين قال السيد الصدر" إنّ هؤلاء الذين يطلبون مني أن أتريث، و أن أتخذ موقفًا من الثورة الإسلامية لا يثير السلطة الحاكمة في العراق حفاظًا على حياتي و مرجعيتي، لا يعرفون من الأمور إلا ظواهرها. إنّ الواجب على المرجعية و على النجف كلها أن تتخذ الموقف المناسب و المطلوب تجاه الثورة الإسلامية في إيران."

 

الإسلام يقود الحياة..

وقبيل انتصار الثورة الإسلامية في إيران كتب السيد الصدر سلسلة كتيبات تحمل عنوان "الإسلام يقود الحياة"، تحوي رؤيته للدولة الإسلامية، وبعث السيد الصدر بأول كتيب منها والذي يحمل عنوان "لمحة فقهية تمهيدية عن مشروع دستور الجمهورية الإسلامية في إيران" إلى تلميذه السيد محمد الغروي في لبنان، ليقوم بطباعته، و يأخذ نسخ منه إلى قيادة الجمهورية الإسلامية، و هذا ماحصل بعد أن انتصرت الثورة المباركة، حيث ذهب السيد الغروي مع مجموعة من العلماء إلى إيران، حاملا خمس نسخ من الكتيّب المطبوع، و تمّت الاستفادة منه كمرجع في كتابة دستور الجمهورية الإسلامية في إيران.

 

ذوبوا في الإمام..

بعد الانتصار العظيم للثورة الإسلامية دعا السيد محمد باقر الصدر طلابه إلى الكف عن الدعوة إلى تقليده، و الدعوة إلى تقليد الإمام الخميني، و كان يردد في أكثر من موقف بما مفاده "لو أنّ الإمام الخميني طلب مني أن أكون عالما في أي قرية من قرى إيران لاستجبت له"

هنا يظهر جانب ذوبان الشهيد الصدر في مبادئ الإسلام، و فِي أهدافه العليا، حيث لم يكن يرى لنفسه ذلك الكيان الذي هو مستقل عن تلك الأهداف، و كان يردد أيضًا "ذوبوا في الإمام كما ذاب هو في الإسلام"..

في هذا الشأن يقول المؤرخ عادل رؤوف إنّ السيد الصدر "انفجر في وجه البعثيين عندما انتصرت الثورة الإسلامية على يد الإمام الخميني، و قال مقولاته الشهيرة.. اقتلوني، افعلوا ماتشاؤون فحلمي قد تحقق.. فكان هو ساحق لذاته و أناه بدرجة مرعبة!، وهذا قلّ مايحصل في تاريخ البشر.. عندما يتواضع هذا العملاق الفكري، و يخاطب الإمام الخميني بقوله أنا أقبل أن أكون وكيلًا في أي قرية من قرى إيران..، هذه الدرجة من التواضع و سحق الأنا، هل تجسدت لدينا في التاريخ بقيادة ما؟ سواء كانت مرجعية أو غير مرجعية!"

 

في مواجهة الطاغوت..

و أرسل السيد الصدر عدة برقيات تأييد للإمام الخميني و الثورة الإسلامية، وكان لانتصار الثورة في إيران أثره على حركة السيد الصدر إذ صارت مواجهته مع السلطة أكثر وضوحًا و تسارعًا.. فأذن بالمواجهة المسلحة مع النظام البعثي، كما أجاز قتل صدام حسين لمن يقدر على ذلك، وأفتى بحرمة الانتماء لحزب البعث علنًا، و كان يقول لمن يدعوه للحذر بأنّ هذا الحزب يحارب الإسلام علنًا فيجب أن تكون مواقفنا منه واضحة.

ألغى السيد الصدر حكمه السابق بالفصل بين العمل الحزبي و طلب العلوم الدينية، وكان يعوّل على حزب الدعوة كثيرًا في مواجهة النظام.

 

السيد ينعى نفسه..

ألقى السيد محمد باقر الصدر محاضراته في التفسير الموضوعي للقرآن الكريم في مسجد الشيخ الطوسي التي بدأها بتاريخ ١٤ أبريل ١٩٧٩م، و استمرت لسبعة أسابيع، و فِي المحاضرة الأخيرة تحدث في الأخلاق، و ذم الدنيا، و نعى نفسه فبكى وبكى الحضور..

 

رسالة غريبة..

في ١٦ مايو ١٩٧٩م، أبرق الإمام الخميني إلى السيد محمد باقر الصدر برقية تم بثها عبر القسم العربي لإذاعة طهران يطلب منه عدم مغادرة العراق،..رغم أن السيد الصدر لم يكن عازما على ترك العراق، و لم يعرف سبب هذه البرقية التي يظن البعض أنها بسبب مؤامرة ومعلومات مغلوطة من بعض الشخصيات في إيران آنذاك ضد السيد الصدر..

 

وفود البيعة..

إثر البرقية تحركت الجماهير التي عُرفت بـ"وفود البيعة" من جميع المدن و المحافظات في العراق زاحفة نحو النجف، و معلنةً دعمها المطلق للسيد محمد باقر الصدر..

ولكي يضغط على الجماهير عمد النظام إلى اعتقال علماء المناطق البارزين، كما شنّ حملة اعتقالات واسعة طالت الآلاف خصوصا من الشباب الجامعي، بتهمة الانتماء لحزب الدعوة الذي صدر بحق أعضائه و المنتمين له حكم الإعدام، و أُعلنت حالة الطوارئ، و نزلت قوات الأمن و الاستخبارات للشارع بشكل لا مثيل له..

 

الاعتقال الثاني..

وفِي ١٧ رجب ١٣٩٩هـ، هجمت قوات النظام البعثي على بيت السيد الصدر وقامت باعتقاله،  ..وحينها انتفضت أخته السيدة الشهيدة بنت الهدى، و نادت الناس تدعوهم لنصرة مرجعهم.
و اجتمع كل من السيد عبدالعزيز الحكيم، و السيد علي أكبر الحائري، و السيد صدر الدين القبنجي، فنظموا مظاهرة جماهيرية اتفقوا على أن تنطلق من مرقد الإمام علي عليه السلام..

خاف محافظ النجف، و أبرق لأحمد حسن البكر للإفراج عن السيد محذرًا من خروج الأوضاع فيها عن السيطرة في حال لم يتم الإفراج عن السيد الصدر.

وخلال اعتقاله حاول سجانوه فرض شروط عليه كسحب دعمه للجمهورية الإسلامية، فرفض السيد جميع شروطهم..

 

حصار وغربة..

و بعد إطلاق سراحه تم حجز السيد الصدر وعائلته تحت الإقامة الجبرية في منزلهم في النجف، و عاشوا تضييقًا وحصارًا شديدين حتى في الأكل والشرب، و يروي الشيخ النعماني الذي بقي مع السيد الصدر في منزله خلال تلك الفترة-التي استمرت لعشرة أشهر حتى الاعتقال الأخير- بأنّ النظام حاول أن يغتال السيد بأكثر من طريقة خلال تلك الفترة، فمرة يرسلون متفجرات، ومرة يفتحون الماء تحت بيت السيد حتى ينهار، و لكن لطف الله جرى أن ينهدم جزء من البيت ويبقى الجزء الآخر..

وخلال هذه الفترة العصيبة من حياة السيد الصدر فكر في قيادة تنوب عنه بعد استشهاده، فكان مشروع "القيادة النائبة" الذي لم يُكتب له أن يتحقق لعدم موافقة الأطراف المعنية به..

بقي السيد الصدر وحيدًا حينها، فحتى الجماهير العراقية أبيدت، مئات الآلاف أودعوا السجون، و الآلاف قتلوا، و كثير منهم يدفنون أحياء..

 

صدام يحاول استمالة السيد الصدر..

بعد تولي صدام حسين السلطة في ١٧ يوليو١٩٧٩م، حاول استمالة السيد الصدر، و كان يرسل المبعوثين للسيد للتفاوض معه على أن يتنازل عن مواقفه الداعمة للجمهورية الإسلامية في إيران، و أن يؤيد صدام في أي موقف أو عمل خلال مقابلة مع صحيفة أجنبية، في مقابل أن يأتي صدام لزيارة السيد الصدر ويقدم سيارته كهدية له، إلا أن وفود صدام كانت تعود في كل مرة خالية الوفاض، و مهزومة أمام رجل عشق الشهادة، و كان ينتظرها بفارغ الصبر..

وقبل أيام من اعتقاله الأخير، يعلن  السيد الصدر عن فتواه بحرمة التعاون مع نظام البعث في حربه التي يزعم شنها على الجمهورية الإسلامية..

 

الاعتقال الأخير..حلم الشهادة يتحقق..

و في يوم السبت ٥ أبريل ١٩٨٠م/١٩جمادى الأولى ١٤٠٠هـ، في الساعة الثانية و النصف بعد الظهر، تهجم قوات البعث على منزل السيد الصدر و تقتاده، و حينها تخرج خلفه أخته الشهيدة بنت الهدى و تطلب اللحاق به، لكنّه يأمرها بالرجوع فترجع، و فِي اليوم التالي تعود قوات النظام لتعتقلها، و بعد ثلاثة أيام تراق الدماء الطاهرة للشهيدين بعد تعذيب شديد..
ويُروى أن السيد الصدر كان رغم التعذيب قويًا عزيزًا لم يتذلل للطاغوت، بل إنه قُبيل ارتكاب الجريمة كان صدام  يقف في مقابل السيد، و يعذبه، و كان السيد يغيظه بردوده القاسية، حتى غضب صدام وأمر بإطلاق النار على السيد و أخته التي كانت فاقدة الوعي من شدة التعذيب..


رحل السيد الصدر جسدًا لكنه ترك بصمة لا تمحى ..لم تقتصر على العراق وحدها بل إنّها امتدت غربًا وشرقًا، فباتت كتبه تترجم و تدرس حتى في الغرب..و بقيت حرارة قتله في قلوب المؤمنين كجده الإمام الحسين عليه السلام..

 

لو كان يعمل لدنياه!..

"هذه دنيا هارون الرشيد..نحن نقول أننا أفضل من هارون الرشيد..أورع من هارون الرشيد، أتقى من هارون الرشيد..عجبًا!

هل عُرِضت علينا دنيا هارون الرشيد فرفضناها، حتى نكون أورع من هارون الرشيد؟..

يا أولادي..يا إخواني..يا أعزائي..يا أبناء علي..هل عُرِضت علينا دنيا هارون الرشيد؟ في سبيل هذه الدنيا سجن موسى بن جعفر.. هل جربنا أنّ هذه الدنيا تأتي في يدنا ثم لا نسجن موسى بن جعفر؟!"

"لو كان علي يعمل لدنياه.. لقال والله إنّي أتعس إنسان لأني لم أحصل على شيء في مقابل عمر كلّه جهاد..كلّه تضحية..كلّه حب لله..لم أحصل على شيء..، لكنه لم يقل ذلك ..قال فزت ورب الكعبة.. إنّها والله الشهادة، لأنه لم يكن يعمل لدنياه..كان يعمل لربه.. والآن لحظة اللقاء مع الله سبحانه وتعالى ..هذه اللحظة هي اللحظة التي سوف يلتقي بها عليٌّ مع الله سبحانه و تعالى، فيوفيه حسابه، و يعطيه أجره، يعوضه عمّا تحمل من شدائد، عما قاسى من مصائب.. أليس هذا الإمام هو مثلنا الأعلى؟ أليست حياة هذا الإمام هي السنّة"

 

مؤلفاته..

"فدك في التاريخ"، طبع في العام ١٣٧٤هـ، "غاية الفكر في علم الأصول" طبع في ١٣٧٤هـ إلا أنّ السيد أشار أنّه بدأ تأليفه قبل ثلاث سنوات، "فلسفتنا"١٣٧٩هـ، "اقتصادنا" ١٣٨١هـ، "المعالم الجديدة للأصول" ١٣٨٥هـ، "الأسس المنطقية للإستقراء" ١٣٩١هـ، وقبله طُبع "البنك اللاربوي في الإسلام" وكان جوابًا عن استفتاء من بعض المؤمنين في الكويت عن طريقة تأسيس البنك بلا ربا، "المدرسة الإسلامية" في جزئين، "بحوث في شرح العروة الوثقى" في أربعة أجزاء ١٣٩١هـ، "دروس في علم الأصول" ثلاث حلقات، "بحث حول المهدي"، "بحث حول الولاية"، "الإسلام يقود الحياة" ١٣٩٩هـ، "بحث في المرجعية الصالحة والمرجعية الموضوعية"، رسالته العملية "الفتاوى الواضحة" جزء واحد، في طبعتها الثانية أضاف إليها مقدمة بعنوان"موجز في أصول الدين"، و في آخرها بحث بعنوان"نظرة عامة في العبادات"، تعليقة على "منهاج الصالحين"، تعليقة على "صلاة الجمعة من الشرائع"، تعليقة على "بلغة الراغبين كتبها و عمره ١٧عاما، تعليقة على "مناسك الحج"، "موجز أحكام الحج"..

 

المصادر:

- وثائقي "شهيد العراق"، شركة بيروت للإنتاج.
- "نبذة مختصرة عن حياة الشهيد الصدر" من كتاب "دروس في علم الأصول".
- "الحركة الإسلامية في العراق" منشورات لجنة مؤلفات العلاَّمة الفضلي.
- "الشهيدة بنت الهدى.. السيرة و المسيرة" عارف كاظم محمد، نشر دار المرتضى،لبنان-بيروت.
- "ويكبيديا" الموسوعة الحرة.

أضيف بتاريخ :2017/03/02

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد