التقارير

تقرير خاص: عن واقع حقوق الإنسان في #المملكة.. اعتقال نعيمة المطرود نموذجا

 
مالك ضاهر ..

عندما أردت أن ألتقط بعض الأفكار لكتابة هذا المقال، حاولت إلقاء نظرة سريعة عن أحوال حقوق الإنسان في المملكة السعودية وقد تفاجأت في بحث بسيط على شبكة الانترنت بأجوبة واضحة وسريعة لكن صادمة ومؤكدة أنه: لا وجود للحريات السياسية في المملكة، لا وجود للحريات الدينية في المملكة، المعارضة مُجَرّمَة، لا مجال للتعبير عن الآراء الفردية، حقوق المرأة تبلغ درجاتها الدنيا نسبة لباقي دول العالم، العقوبات الجسدية والإعدام والعقوبات القاسية والمشددة إلى أقصى الدرجات تكاد تكون السمة العامة في نظام العقوبات الموجود لدينا، حقوق العامل والمواطن منتهكة لعدم توفير العمل بالشكل المطلوب ونحن في أجواء عيد العمال العالمي، واللائحة تطول وتطول وقد لا يتسع لها المقام هنا.
 
كل ذلك يدفعنا إلى طرح الكثير الكثير من التساؤلات، لماذا أحوال الحقوق والحريات متدهور لهذه الدرجة في المملكة؟ وأي نظام حقوقي وإنساني نتمسك به حتى وصلنا إلى هذا المستوى المنحدر في معايير حقوق الإنسان والحريات؟ هل التمسك بأفكار دينية محددة أوصلنا إلى ذلك؟ هل نطبق الشريعة الإسلامية الحقة في هذا المجال؟ هل الإسلام يوجب كل ذلك وأين حقوق الإنسان في الإسلام؟ هل الإسلام يضرب منظومة الحقوق الفردية والعام بهذا الشكل أم أن المشكلة في تطبيق الأحكام الشريعة وطريقة فهمها وتأويلها؟ وهل نحن نطبق الإحكام الشرعية والقانونية بالشكل السليم؟ وهل بهذه الصورة نعطي الانطباعات الايجابية ونعكس صورة الإسلام الحقيقي للعالم؟
 
انتهاكات بالجملة..
 صحيح أن البعض يطرح مسائل الحقوق والحريات الخاصة ببعض الفئات والشرائح كحقوق المرأة وحرياتها مثلا ويكاد يحصر القضية بحدود جواز قيادة السيارات وما شاكل من المسائل التي لا تخلو من أهمية في الحياة، إلا أن الواقع يكشف انتهاكات بالجملة لجميع شرائح وفئات المجتمع السعودي، ولا تقتصر على فئة دون أخرى، فأين حقوق الرجل هل هي مصانة بشكل كامل أم أنها كحقوق المرأة منتهكة بشكل كبير؟ هل حقوق الطفل مصانة؟ هل حقوق الفقراء مصانة؟ هل حقوق المواطن العامل مصانة هل الحقوق الفكرية والدينية مصانة؟ هل التعبير عن الرأي وإحياء الشعائر الدينية تسمح به السلطات الحاكمة في المملكة؟ هل الأنظمة القانونية والقضائية تضمن حقوق الموقوف والمحكوم عليه وتضمن المبادئ الأساسية في المحاكمات العادلة والنزيهة؟ هل يسمح للنشطاء والمفكرين التحرك بحرية تامة وإبداء رأيهم دون قيود ونشر ما يريدون في مواقع التواصل الاجتماعي وبالأساليب المختلفة؟ هل يباح للعلماء ولائمة المساجد إعلاء الصوت بالحق الصادح دون وجل أو خوف أو دون ردود فعل قاسية بحقهم قد تصل إلى حدود التوقيف أو الإعدام؟
 
والإجابة عن كل الأسئلة المطروحة أعلاه كثيرة وتكاد لا تحصى، وهي لا تبدأ من مسألة اعتقال النساء بسبب مواقفهن من القضايا العامة كما حصل مع المناضلة إسراء الغمغام والمناضلة الصابرة نعيمة المطرود ولا تنتهي باعتقال الأطفال ومحاكمتهم واغتيالهم أحيانا في شوارع القرى والمدن أو تشريد الناس من بيوتهم بينما القصور تبنى للبعض من أموال الناس وصولا لاغتيال العلماء كما جرى مع الشهيد الشيخ نمر باقر النمر، ولكن كيف يمكن وصف الواقع الحقوقي والإنساني في المملكة أمام هذا السيل الهائل من الانتهاكات لحقوق الأفراد والحريات العامة والخاصة؟ وكيف يقيّم النشطاء وأصحاب الفكر الوضع القائم حاليا في المملكة؟ هل الواقع يبشر بالخير نحو التحسن أم أنه ينذر بتدهور كبير في المجالات الحقوقية والإنسانية في مختلف المجالات في ظل التضييق على كل أصحاب الرأي من مختلف الانتماءات والتيارات؟
 
قمع وترهيب.. وقضاء مسيس
 حول كل ذلك قال عضو "المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان" عادل السعيد إن "واقع الحريات السياسية والدينية في السعودية أقل ما يقال عنه بأنه سيء للغاية فالاعتقالات التعسفية والمحاكمات على خلفية حرية التعبير في حالة ازدياد رهيب فضلا عن تهديد الحكومة السعودية المتواصل لأصحاب الرأي والنشطاء والكتّاب"، ولفت إلى أن "الحريات بشكل عام مكبلة في السعودية سواء كان الأمر يتعلق بالمواطنين أو العمال بالإضافة أن عدم وجود قضاء مستقل يجعل الجميع يعيشون حالة من الخوف والشعور بعدم وجود الأمن"، مؤكدا أن "الأجهزة الأمنية التابعة لوزارة الداخلية تُمارس الترهيب والقمع بحق المواطنين ولا يوجد قضاء عادل يلجاؤن إليه في حال تعرضوا لانتهاكات".


وأوضح السعيد في حديث خاص لـ"خبير" أن "التضييق الفكري على النشطاء والمفكرين يتعارض كليا مع المواثيق الدولية والعربية التي تعتبر السعودية طرفا فيها"، وأشار إلى أنه "من الملاحظ أن السعودية لا تمتثل للآراء والقرارات الدولية التي طالبتها بالإفراج عن بعض النشطاء وأصحاب الرأي والمتظاهرين"، ورأى أن "اعتقال المدافعة عن حقوق الإنسان نعيمة المطرود وأخريات يأتي في سياق حملة الاعتقال التعسفية والانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها السعودية بحق المرأة خصوصا أن بعضهن مورس بحقهن التعذيب والإهانات"، وهذا ما لا يقبله قانون أو دين أو عرف وطني ما يشكل سابقة خطيرة تعمل بعض الجهات والأجهزة على تكريسها في حياة المواطن السعودي في محاولة لضرب الفكر والحضارة والتراث التي تمثلها عادات العائلات وتقاليدها والتي أساسها الاحترام.

 

نقض للمواثيق الدولية.. وسوء السمعة يلاحق المملكة
 وأكد السعيد أن "محاكمة المدافعة عن حقوق الإنسان نعيمة المطرود وغيرها الكثير من الحالات تفتقد لمعايير العدالة ومسيسة إلى أبعد الحدود"، وشدد على أن "القضاء في السعودية غير مستقل والمحاكمات فيها تتم بسرية كما لا يسمح لأحد بحضورها من عموم المواطنين ما عدا الإعلاميين العاملين في الصحف الرسمية"، وبالتأكيد هذا يشكل ضربا لمبادئ قضائية معتمدة في كل دول العالم لا سيما مبدأ العلانية وشفافية ووضوح المحاكمات والإجراءات، ولفت السعيد إلى أن "تهم المدافعة نعيمة المطرود تتعلق بحرية التعبير وتجريمها بقوانين محلية هو انتهاك للمواثيق الدولية والعربية التي تتعلق بحرية التعبير والتي السعودية طرفا فيها".
 
واعتبر الناشط الحقوقي أن "السلطات في السعودية تقوم منذ العام 2011 بترهيب واعتقال المصلحين والنشطاء والمتظاهرين في السعودية من أجل إيقاف نشاطهم الإصلاحي"، وذكّر أن "هذه السلطات قامت في 2 يناير/كانون الثاني 2016 بقتل المدافع عن الحقوق والحريات الشيخ نمر باقر النمر مع 46 شخصا آخرين كان من بينهم 4 من القصّر هم علي سعيد آل ربح، مشعل الفراج، أمين الغامدي ومصطفى أبكر والمتظاهرين محمد الشيوخ ومحمد الصويمل"، ولفت إلى أنه "بالرغم من التضليل الذي تمارسه السعودية في سبيل إيهام العالم بأن كافة المعتقلين من أصحاب الرأي هم مجرد مجرمين نرى بأنها لم تجن من كل ذلك إلا الخيبة وسوء السمعة دوليا لأن الانتهاكات السعودية واضحة للمجتمع الدولي ولمن يبحث عن الحقيقة".
 
وسوء السمعة التي تلاحق المملكة اليوم لا تقتصر فقط على ما يجري في الداخل من ممارسات وانتهاكات لحقوق الإنسان، وإنما باتت تلاحقنا أيضا فيما يتعلق بالحروب التي تشنها السلطة الحاكمة مباشرة أو بالواسطة من اليمن إلى سوريا والعراق وليبيا، بالإضافة إلى سوء السمعة الإدارية والسياسية التي تلاحقنا سواء فيما يتعلق بالفساد في الإدارة داخليا أو ما يقال عن أننا نشتري أصوات الدول وتأييدها في مختلف المجالات، ومن الأمثلة الحية على ذلك انتخاب المملكة السعودية لعضوية لجنة حقوق المرأة بالأمم المتحدة، الأمر الذي يدعو للتأمل مع كثير من الحيرة والاستغراب!!

أضيف بتاريخ :2017/05/05