محلية

تقرير-(خاص): المرأة تشارك في ’الانتخابات البلدية’ بدون محرم!

 

سمحت السعودية للمرأة بمشاركة في الترشيح الانتخابات البلدية لهذا العام، خطوة اعتبرها التقدميون في المملكة غير كافية، ولاقت اعتراضاً من قبل اسلاميين فأفتى البعض بحرمتها، كموقف الشيخ عبد الرحمن البراك .

 

كلام "البراك" جاء رداً على سؤالٍ حول حكم "اشتراك النساء في المجالس البلدية"، بقوله إنه يحرم ذلك "لما يترتب عليه من المفاسد التي يشتمل عليها الاختلاط بين الرجال والنساء، ولما يترتب عليه أيضًا من تغريب مجتمع بلاد الحرمين" بحسب موقع عاجل.

 

وبدءاً من اليوم السبت 12 من ديسمبر 2015م، تنطلق الانتخابات البلدية بمشاركة المرأة ترشيحاً وانتخاباً للمرة الأولى. وسيقوم الناخبون والناخبات باختيار ثلثي أعضاء المجالس البلدية بينما تعين السلطات الثلث المتبقي.

 

وسائل الإعلام الرسمية، والأوساط المقربة من السلطة طبّلت للحدث ووصفته "بالتاريخي"، ووّجت إلى أن الخطوة "غير المسبوقة" -على حد وصفها- سترسم معالم طريق وصول المرأة في المملكة إلى حقوقها مستقبلاً. مقابل هذا الرأي، ينتقد آخرون هذه الخطوة ويعتبرونها مجرد إجراء شكلي لا يحمل أي مضمون، ويبقي على تقييد المرأة كما أنه لا يحل أياً من مشاكلها اليومية، فيما يصفه آخرون بأنه:  مجرد "ورقة توت لستر العورة".

 

محاولات الإعلام  تلميع الانتخابات وتسليط الضوء على مشاركة المرأة، لايزال يقابله مبدأ الفصل الكامل بين الجنسين في المملكة، التي تبقي على مجموعة من القيود على مستوى التواصل بين الجنسيين، ولاتزال تمنع المرأة من قيادة السيارة. ويخلق هذا المبدأ عقبات أمام مشاركة المرأة في الانتخابات البلدية، أهمها ما يُعرف بنظام "المَحرَم"، والذي يشدد على مرافقة أحد محارم المرأة لها لإجراء معاملاتها في الدوائر الحكومية، وحتى تلك المتعلقة بإجراءات العمليات الجراحية. وعلى ذلك يعلق رواد مواقع التوصل الاجتماعي بأن المرأة المنتخبة والمقترعة لا يمكنها التوجه للمشاركة في صناديق الاقتراع مفردها!

 

"مجرد خطوة تجميلية"

ترى منظمة "هيومن رايتس ووتش" في القرار "علامة تقدم"، لكنها تضيف أن الخطوة "غير كافية لدمج المرأة بشكل كامل في الحياة السياسية السعودية". وتعتبر أن تطور وضع المرأة السعودية يلزمه "إلغاء نظام الإذن" العائلي المفروض على الراغبات في العمل والسفر، والسماح لها باختيار الزوج بكل حرية، وذلك في بيان نشر في وقت سابق من هذا الشهر.

 

توافق المدونة والكاتبة السعودية إيمان النفجان على هذا الرأي، وتقول في تصريح لوكالة "فرانس برس": إن ما تشهده السعودية في هذا الصعيد يشكل "خطوة ايجابية"، إلا أنها تأسف "لاستمرار وجود عدد من العوائق التي ستحول دون ذهاب النساء للاقتراع، مثل التنقل".

 

وتضيف في تعليق لها مع DWعربية، حول مشاركة المرأة في الانتخابات البلدية: "لا أنتظر أي قرارات جديدة، لأن القرارات الحالية صدرت خلال العهد السابق (الملك عبد الله) ... ولكن إعاقة المرأة البالغة واحتياجها إلى ولي أمر ذكر لإجراء أوراقها في جميع الوزارات ... هذه تؤثر على الحياة اليومية المرأة".

 

التعبير الأقوى أتى على لسان مدير منظمة القسط لدعم حقوق الإنسان في السعودية، يحيى العسيري، فيرى، في حديثه مع DWعربية. يؤكد العسيري أن إشراك المرأة في الانتخابات البلدية "مجرد خطوة تجميلية للنظام، بالنظر إلى الانتهاكات في مجال حقوق الإنسان بالسعودية، وخاصة في مجال حقوق المرأة". ويعتبر أن وجود المرأة في المجالس البلدية، إن وصلت إليها، لن يمكّنها من خدمة السعوديات بشكل عام، مستدلاً على ذلك بأن "عضوات مجلس الشورى لم يكن لهن تأثير فيه ... عضويتهن في المجلس ، مجرد عضوية تشريفية لا تحمل معها ذلك النفوذ".

 

وتعلق الناشطة السعودية المقيمة في لندن، الدكتورة مضاوي الرشيد، القول بأن الحدث تاريخي بقولها: "هذه الانتخابات البلدية هي انتخابات محدودة جدا، لأن مجالس البلدية ليست لها سلطة وكذلك ليس كل أعضاء المجالس هم منتخبون".

 

لذلك يأتي دخول المرأة كناخبة ومرشحة في هذه الانتخابات من واجهة تمكين المرأة وهو المشروع الذي تبناه الملك الراحل عبدالله واليوم يستمر، حسب قول الدكتورة الرشيد، التي أضافت في حديث حول هذا الموضوع مع DW: "لكن التمكين الحقيقي لا يكون في إظهار وجه المرأة كواجهة للمؤسسات أو بعض المؤسسات في السعودية".

 

وتضيف الدكتورة مضاوي "كما لا تستطيع المجالس أن تحل بعض المشاكل العالقة على المستوى المحلي. فمثلا موضوع الفيضانات والتي تحصل في المدن السعودية كل سنة تقريبا وتوجه أصابع الاتهام فيها إلى بعض الموظفين في المجالس المحلية أو في ما يسمى بالإمارات السعودية. لذلك، فهذه المجالس محدودة جدا ويجب أن نفهم أن صلاحياتها قليلة جدا".

 

لذلك فوجود المرأة أو عدم وجودها لا يعطيها ذلك الزخم المطلوب، حسب رأي الدكتورة مضاوي. توضح الدكتورة الرشيد ذلك بالقول: "لأن الدولة السعودية لا تمكن المواطن، امرأة كان أو رجلاً، من أن يكون له تمثيل على المستوى المؤسساتي كبرلمان منتخب أو حتى في المجالس المحلية في المناطق المختلفة في المملكة".

 

وبين من يرى أن مشاركة المرأة في الانتخابات البلدية حدث تاريخي وبين من يؤكد أنها خطوة شكلية، يقف "المحرم" الخيط الفاصل في تحركاتها اليومية، فضلاً عن الانتخابية!

أضيف بتاريخ :2015/12/12

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد