آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
نبيل نايلي
عن الكاتب :
باحث في الفكر الإستراتيجي الأمريكي، جامعة باريس.

القضاء على تنظيم داعش.. أم تفكيك سوريا والعراق؟


نبيل نايلي

” إن الشرق الأوسط الذي نعرفه، انتهى إلى غير رجعة وإن دولا مثل سوريا والعراق، لن تستعيد أبداً حدودها السابقة! وإن المنطقة لن تستعيد شعوبها أيضاً”! مدير الاستخبارات الفرنسية برنار باجوليه، Bernard Bajolet، و مدير الاستخبارات الأمريكية، جون برينان، John Brennan.

يكتسي قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تسليح وحدات حماية الشعب الكردية التي تشكل العمود الفقري لقوات سورية الديمقراطية وتكليفها بمهمة استعادة مدينة الرقة من براثن تنظيم داعش، أهمية بالغة ويعتبر خطوة جديدة نحو إنشاء “الدولة الكردية المستقلّة” أو “كردستان العظمى” ليضاعف من جراحات هذا الوطن ويثخنها.

وحين يعلن المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع الأمريكية جيف ديفنز، Jeff Davis، أن الرئيس ترامب “أعطى إذنا للوزارة بتجهيز الميليشيات الكردية بكلّ ما يلزم لتحقيق انتصار واضح على تنظيم داعش في مدينة الرقة”. ويذهب  المتحدث الأمريكي باسم التحالف الدولي العقيد جون دوريان، John Dorian، ليشدّد على أن “قسما من العتاد موجود أصلا في المكان نفسه” بل ويمكن توزيعه “سريعا جدا”. يعني ذلك أن واشنطن قطعت شوطا في تشريح هذا الوطن ومزيد شرخه!

تجدر الإشارة إلى أن الأسلحة التي ستمنح لحليف أمريكا الجديد من الأكراد “دبابات ومدرّعات ومدفعية ثقيلة وجراّفات، وصواريخ مضادّة للدروع، وأسلحة خفيفة”،  في عملية تسليح أقرب منها لتسليح جيوش لا مجرّد ميليشيات في حين ظلّ الجيش العراقي ينتظر أكثر من سنتين يستجدي عتادا لم يظفر به حتى تمكنت دولة التنظيم وسيطرت على ما بات إمارة!

ثم أن “قوات سورية الديمقراطية” الكردية في الإستراتيجية الأمريكية  قد تشكل نواة “جيش” دولة الأكراد الموعودة في خرائط الشرق الجديد الذي تخطط لها الولايات المتحدة تركية.

حديث مزيد الدعم والتعاون العسكري وتسليح الأكراد يأتي فقط مدة بعد توقيع “بروتوكول عسكري” ستقوم بموجبه الولايات المتحدة الأمريكية ب”إنشاء 5 قواعد عسكرية في إقليم كردستان في اربيل، وتعهّد واشنطن “تدريب وتأهيل ودفع رواتب قوات البشمركة لمدة 10 سنوات”. قواعد عسكرية قيل إنها ستتوزّع على محافظات اربيل ودهوك وإثنان منها في حرير باربيل وواحد في اتروش بدهوك.

يأتي كل هذا في ظلّ تزايد أعداد القواعد العسكرية الأمريكية في العراق، خلال السنوات الثلاث الماضية، مما يثير فعلا تساؤلات ملحّة  حول الغايات والأبعاد السياسية والعسكرية التي ترسمها واشنطن في العراق وسوريا.

 مركز “سورية النظر من الداخل، Insidesyriamc.com” كشف عن وثائق تؤكد إقامة دولة جديدة تحت مسمى “كردستان العظمى”، حيث اتفقت الولايات المتحدة والأكراد السوريون على حدود “حكم ذاتي كردي” ضمن الأراضي السورية سيتم إنشاؤه “عقب الاستيلاء على مدينة الرقة ومدينة الطبقة”. معلومات تؤكد جيّدا “خطط الولايات المتحدة  لتقسيم سوريا وإن الولايات المتحدة “رسمت حدود دولة جديدة كردستان العظمى في سوريا والعراق التي “سيتم إقامتها بعد “الإنهيار النهائي للجمهورية العربية السورية” و”القضاء على داعش”. ذات التنظيم الذي وفّر ويوفّر الذريعة والأداة لرسم خرائط وحدود شرق أوسط جديد بشّر به مدير الاستخبارات الفرنسية برنار باجوليه، Bernard Bajolet، و مدير الأستخبارات الأمريكية، الـ «سي آي ايه، CIA» جون برينان، John Brennan، في تصريح، لا مواربة فيه، مفاده أنّ: “الشرق الأوسط الذي نعرفه، انتهى إلى غير رجعة”، وأنّ دولا مثل سوريا والعراق، “لن تستعيد أبداً حدودها السابقة”! مشدّدين على إضافة لا تقلّ دلالة ولا خطورة عن نعيهما لدولتين محوريتين، وهي أنّ المنطقة “لن تستعيد شعوبها أيضاً”!

كلاّ لم يتّعظ الأكراد في مهندسي الخراب وهم من دفعوا  فاتورة تحالفاتهم السابقة مع من يعدهم –زيفا- ويوظفهم معولا ومخلبا في خاصرة نازفة على امتداد هذا الوطن المستباح!

أردوغان الغاضب لم يتّعظ هو الآخر فدعم الرئيس ترامب للأكراد السوريين، ومن تعتبرهم خطرا وجوديا عليها، وتسليحهم بدبابات ومدرعات وصواريخ حديثة متطوّرة، واعتمادهم كحليف لـ”تحرير” مدينة الرقة، ومحاولتها  تأسيس ميليشيات تابعة لها على غرار “الفيلق الأول” التابع لفصائل المعارضة السورية المسلحة، لن يهدّد وحدة سوريا والعراق، فحسب، بل سيهدّد وحدة تركيا  نفسها ..الترابية كما الديمغرافية!

 ولا يغرنّه مطلقا تصريح وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس، James Mattis، “الكلب المسعور” -كما يلقّب- الذي أعرب عن ثقته بأنه  لا “يشكّ في أن تركيا والولايات المتحدة ستجدان حلاّ، إذا كرّستا كلّ الاهتمام الضروري لأمن تركيا وأمن حلف شمال الأطلسي والحملة المستمرة ضد تنظيم داعش”، ولا جزمه أن واشنطن “لا تزوّد حزب العمال الكردستاني بالسلاح، وأنها لم تقم بذلك البتة ولن تقوم به أبدا”.

الوعود، في حضور العلاقات الدولية ومصالح الأمم، لا تلزم إلاّ من يصدّقها!

باحث في الفكر الإستراتيجي الأمريكي، جامعة باريس.

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2017/05/15

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد