آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
عواجي النعمي
عن الكاتب :
كاتب سعودي

حوالينا ولا علينا

 

عواجي النعمي

تحكي لنا الأساطير أن الأفارقة في العصر القديم كانوا يُقدِّمون كل سنة قُربانا لنهر النيل اعتقادا منهم أن ذلك القربان سيحميهم من الجفاف القاتل وسيمنع عنهم الهلاك من الفيضانات الجارفة. كان تقديم القرابين في ذلك الوقت دليلا على ضعف النفس البشرية وخنوعها في مواجهة متغيرات الطبيعة ومجابهة الكوارث والتغلب عليها. وفي المقابل فإن التاريخ يحفظ في ذاكرته تلك الهمّة البشرية التي طوعت النيل وبنت السد العالي الذي تحكم في تدفق النهر وخفف من آثار الفيضان.

 

تذكرت حادثة النيل وأنا أرى سنويا ما تخلفه السيول من دمار وخراب، وأصبح دورنا يقتصر على انتظار موعد قدوم ذلك السيل ليأخذ حصيلته من البشر والحيوان والممتلكات وكأنه مصير حتمي لا نستطيع معه حتى تحفيز الهمم لمواجهته. لقد كان وادي بيش أعظم سيول منطقة جازان وأشدها خطرا، كان هو نيل المنطقة الذي هدم قرى بكاملها وتسبب في نزوح أهلها، وظل ذلك الوادي مصدر تهديد لقرى المنطقة حتى تم بناء سد وادي بيش الذي كان حلا لخطر دام مئات السنين. وحيث إن طبيعة منطقة جازان الجغرافية تتميز بتنوع الجغرافيا فهناك الجبل والسهل والبحر وترتب على ذلك وجود العشرات من السيول الجارفة التي تتسبب سنويا في الكثير من الدمار والخراب.

 

هذه السنة أيضا كانت جازان على موعد مع كوارث الأمطار التي دمرت الطرق وأتلفت الممتلكات واجتاحت المنازل وأخذت نصيبها السنوي من الأرواح البريئة. واقتصر دور المسؤول على التحذير من خطر تلك السيول وتجنب أماكن تجمعها. وتم تشكيل اللجان التي زارت مواقع الدمار عشرات المرات واستمعت ورأت معاناة المتضررين ووعدت بإيجاد الحلول المجعجعة.

 

ولم تقتصر معاناة أهالي المنطقة مع الأمطار على مواقع السيول والقرى المتاخمة لها. فمدينة جازان والمحافظات الكبرى لها ذكريات مع كل زخة مطر، تتمثل في امتلاء الطرق والممرات بالمياه وانعدام وسائل التصريف الفاعلة. وأصبح مشهد المواطنين وهم يمارسون حلولهم التقليدية في نزح المياه المحيطة ببيوتهم وشوارعهم أمرا مألوفا بل ومحمودا. واقتصر دور المسؤول مع كل موسم أمطار على رفع اليدين إلى السماء والدعاء بأن يكون ذلك المطر حوالينا ولا علينا.

 

صحيفة الوطن أون لاين

أضيف بتاريخ :2017/05/22

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد