آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
هاني الفردان
عن الكاتب :
كاتب وصحفي بحريني

مواثيق الشرف الصحافية... وماذا بعد؟

 

هاني الفردان

في العام 2004 كتبتُ مقالاً بعنوان «نحو ميثاق شرف صحافي حقيقي في البحرين»، وذلك على إثر اجتماع رؤساء تحرير الصحف الأربع في ذلك الوقت.

كنت في ذلك الوقت قد ركّزت على أهمية أن يركّز الميثاق على عدم الإساءة أو التشهير بأية طائفة أو فئة أو حتى فرد مهما كان توجهه، والمحافظة على الروابط القائمة وتنميتها بما يعزّز الوفاق والتآلف وتفادي كل ما يفرّق أو يشتّت الصفوف.

في العام 2008 كتبتُ مقالاً آخر بعنوان «كذبة مواثيق الشرف»، وذلك لما تلمسناه من تضليل حقيقي من قبل بعض من يدّعون أنهم قائمون على مهنة الصحافة، ومن يتشدّقون دائماً وأبداً بسعيهم لوضع ضوابط أخلاقية لهذه المهنة النبيلة، فيما هم لا يحترمونها.

خلال العقد الماضي بتنا نشاهد تعدد مواثيق الشرف التي تسعى أطراف من خلالها لإضفاء نمط ما من العمل بطريقة توافقية مرضية تخدم المجتمع، تقدم له المفيد بعيداً عن أية صراعات أو مهاترات، قد تنعكس بالسلب على تلك العملية وعلى وظيفتها المجتمعية.

كان شعار ميثاق شرف الصحافيين في العام 2008 هو «صحافيون ضد الطائفية»، وكان سؤالي في ذلك الوقت، هل توقفت الطائفية في صحفنا المحلية؟ وهل توقفت تلك الأقلام عن تأجيج الوضع وخلق الزوابع للتحريض على أطراف أو جماعة أو فئة معيّنة؟

في ذلك الوقت كان هذا السؤال، ولكني في هذا الوقت لا أجد ما أستطيع أن أعبّر فيه عن حقيقة الدور الطائفي والتأزيمي الذي يقوم به البعض وبشكل واضح وعلني، كانت تلك الأقلام تتشدق في مختلف المراحل بسعيها لوضع مواثيق شرف شكلية، دعائية، بعيدة كل البعد عن أية أخلاقيات مهنية.

ميثاق الشرف يعيش لدى كل إنسان في داخله، في أسلوبه وفهمه وتفكيره، لا على أوراق غير ملزمة. هناك كتاب صحافيون طائفيون وقَّعوا على ميثاق «صحافيون ضد الطائفية»، ليس لأنهم تغيّروا أو سيتغيرون، بل لأنهم بحاجة إلى غطاء يحميهم وقت الحاجة، فكذلك المواقع الإلكترونية والمدوّنون والمنتديات وقعت، ولكن لم تتوقف عن عملها الذي أنشئت من أجله.

أحد المسئولين في الحكومة، ربما لا يعلم أن الصحف المحلية التي كانت موجودة في العام 2004 (أربع صحف) وقعت على ميثاق شرف، ولذلك يرى في الميثاق الذي دشن يوم الأربعاء (2 ديسمبر/ كانون الأول 2015) قد يكون فريداً من نوعه.

نخشى أن تكون مواثيقنا للعرض فقط لا للتطبيق، لأنها تفتقد أهم ميزة وهي الكيان الجامع القادر على المحاسبة في حال المخالفة، وبالتالي فإنّ ما نشهده من مواثيق لا يتعدى عتبة الاستعراض الإعلامي واختلاق إنجازات. وهذا ما شهدناه خلال المرحلة الماضية من التقاتل على من جاء بالفكرة، أكثر من الحرص على تفعيل الفكرة وقدرتها على تحقيق الهدف، وبالتالي حُكم على هذه المواثيق بالموت قبل الولادة.

ميثاق الشرف الحقيقي يكمن في داخل الإنسان سواء كان مسئولاً أو رئيس تحرير أو صحافياً وكاتباً، هذا الميثاق هو الذي يخلق الواعز الكافي لاحترام المهنة والآخرين، أليس من الأجدر أن ينص ميثاق شرف الصحف المحلية على عدم الطعن في بعضهم، والعمل على تقديم رسالتهم التي يؤمنون بها دون محاولة إسكات الآخرين، وخنق آرائهم؟ أليس من الأجدر أن تتجه الصحف لتوسيع قاعدة الحريات الإعلامية، بدلاً مما نشهده حالياً من دعوات لخنقها!

لتنجح فكرة «ميثاق الشرف» كان لابد أولاً من تلمُّس أعراض المرض، ووضع المعالجات الصحيحة لها، والمساواة بين الجميع في الثواب والعقاب، بدلاً من نفي وجود العلة، والهروب عنها، والتستر على البعض وتصيُّد الأخطاء على البعض الآخر.

لتنجح فكرة «ميثاق الشرف» لابد من أن يكون الجميع سواسية أمام القانون، ولا أحد فوقه مهما كان وكان مَن وراءه، ربما أول علامات فشل «ميثاق الشرف» الجديد تعمد البعض قطع صور الموقعين على ذلك الميثاق في رسالة واضحة ومفهومة.


صحيفة الوسط البحرينية

أضيف بتاريخ :2015/12/14

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد