آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
قينان الغامدي
عن الكاتب :
كاتب وصحفي سعودي

مدير ’تبليم’ الطائف: قل آمين يا العيسى تكفى!

 

قينان الغامدي

أثبت مدير التعليم بالطائف -عملياً- أن وزارة التعليم هي "وزارة التبليم"، كما يسميها الزميل اللامع الساخر دائماً "محمد السحيمي"، وواضح أن السحيمي يكتب عن خبرة ودراية، فهو كما قلت في مقال سابق، أُبعد هو وماجستيره عن الميدان، وحولوه إلى إداري بوظيفة "مسولف عام"!

 

في لقاء مفتوح مع طلاب الثانوية العامة بالطائف وقف طالب نابه يسأل مدير التعليم، وقال له: أنت تركز على أمور أقل أهمية وتترك الأهم! فما كان من المدير الذي يبدو أنه ارتبك من السؤال إلا أن قال للطالب ما هو اسمك ومن أي ثانوية وبعد أن عرفه قال: "تجيني في المكتب! بعد ما ننتهي"، ولم يجب عن سؤاله! وأسلوب "تجيني في المكتب" قديم وعريق، قدم وعراقة رواد ورعاة ومسؤولي وناشري "التبليم" في بلادنا وفى العالم العربي كله، ويبدو أن هؤلاء الرواد والمسؤولين لا يعلمون أننا الآن في القرن الخامس عشر الهجري، والواحد والعشرين الميلادي، ولهذا فإن عقولهم "متربسة" عند القرون الوسطى المظلمة، ولو كانت عقولهم مبرمجة على توقيت العصر الذي نعيش فيه لكنّا بخير، ولوجد مدير تعليم الطائف أسلوباً أفضل يمتص به انفعال هذا الطالب ويشرح له ولزملائه الحضور مفاهيم ما سأل عنه بحرقة وهو "التغابن" في درجات التحصيلي الذي أصبح عقدة العقد لطلاب الثانوية العامة، ولا أعرف من هو "المبلم" الذي ابتكره. المهم أن مدير "تبليم" الطائف، حاول "ترقيع" سقطته، بعد حملة النقد والسخرية التي تعرض لها، فاستدعى الطالب، وكرّمه في مكتبه، ولم ينس أن "يتصور" معه! واسم الطالب النابه فعلا: ماجد مطلق العتيبي من ثانوية الحوية، وأنا أنشر اسمه هنا لسببين: الأول فخراً به وتقديراً لنباهته وجرأته الواعية.

 

 أما الثاني فلعل وزير "التعليم" الجديد الدكتور "أحمد العيسى" يجد وقتاً لقراءة مقالي هذا فيعرف أن: "ماجد" أنموذج واحد من آلاف النابهين مثله الذين تمتلئ عقولهم بالكثير من الأسئلة التي لا يجدون في ميدان الوزارة من يجيب عنها ويستوعبهم ويحتويهم، وأن فشل الوزارة في هذا الجانب التربوي هو أحد أهم الأسباب التي مهّدت الطريق لمن عرف كيف يستثمر هذا "التبليم" الممنهج، وهؤلاء المستثمرون هم من داعمي داعش وغيرها ومن "والمحرضين على رفع راية دولة الإسلام في العراق والشام"، فالسعوديون من ثمار "التبليم والغفوة" أصبحوا قادة كباراً وجنوداً مخلصين في ساحات الوغى الإرهابي العالمي وهم –أوفياء– فلا ينسون أهلهم ووطنهم في الداخل، إذ بين الحين والآخر ومنذ عام 2003، وهم يتفضلون على وطنهم وأهله ببعض "غاراتهم الهمجية"، ولولا الله ثم رجال وزارة الداخلية لرأينا "أعلام داعش" ترفرف على سيارات وبيوت كثير من "الدواعش" في الداخل الذين لم تصل إليهم يد رجال الأمن الأشاوس حتى الآن، لكنهم يظهرون بوضوح لو شاء أحد تتبعهم على بعض المنابر، وفى تويتر، وهم متغلغلون في مواقع كثيرة، وأهمها وأخطرها "وزارة التبليم" نفسها.

 

الوزارة منذ بضعة أشهر أشغلتنا وأشغلت نفسها بفصول ومدارس "تحفيظ القرآن الكريم"، وكأن بلادنا منذ تأسيسها ووحدتها كانت تدرس في مدارسها "الإنجيل"، ولم تلتفت إلى أهمية "القرآن الكريم" الذي هو دستورها ومصدر تشريعها إلاّ هذه السنة، فوجهت الوزارة كل جهودها وجهود مدارسها لتفتح فصولاً جديدة لحفظ القرآن الكريم، الذي تنتشر مدارسه للتحفيظ "بنين وبنات" منذ أكثر من 20 سنة، أما حلقات التحفيظ فلا يخلو منها مسجد من التسعين ألف مسجد في المملكة، عدا الجمعيات الخيرية وغيرها، لكنني أظن –والله أعلم– أن أحد مسؤولي الوزارة أو مستشاريها قدّم مقترحاً عظيماً هدفه دغدغة مشاعر التيار المتطرف في الداخل، سواء كانوا دراويش –وهم الأكثرية– أو ممن يخطط مستغلاً شعار الدين، كما فعل ويفعل "السروريون"، وها نحن اليوم نرى ونقرأ حملتهم الشعواء على الدكتور أحمد العيسى، الوزير الجديد، وهو لم يباشر عمله بعد، لمجرد أن له آراء سابقة متميزة لا تتفق مع ما يريده هذا التيار، بل ولأنه مطلع خبير بتنظيماتهم وتكتلاتهم "الحركية" المتغلغلة في مفاصل مهمة وكثيرة.

 

لقد كان المؤمّل أن تواصل الوزارة تطوير التعليم بكل معطياته ومكوناته، وأن تكون حذرة منتبهة للوبيات "السرورية" المتمكنة منذ عقود في الوزارة من مبناها العتيق في شارع الوزارات بالرياض ومروراً بكل إدارات التعليم والمدارس بمختلف مراحلها "بنين وبنات"، ولكن لم نر أي مؤشر للتطوير، والخطة التي نال عليها الأمير خالد الفيصل موافقة الملك عبدالله، رحمه الله، وخصص لتنفيذها 80 مليار ريال لمدة 5 سنوات، وبدأت خطواتها فعلاً قبل أن يغادر الفيصل الوزارة ويعود إلى إمارة مكة، هذه الخطة يبدو أنها تأجلت أو تعثرت أو أنها قبرت في حوش الوزارة الضخم فنبتت فوق القبر نبتتان قطفهما اللوبي ووضعهما في حوضين زجاجيين كأنهما وردتان وقدمهما باسمين لامعين هما: "تحفيظ القرآن، و"فطن" لإتحاف التعليم والشعب كله بجمال النبتتين اللتين لم تكونا سوى خطة محكمة جاهزة للقبض على التعليم مرة أخرى وإيداعه في القبر الأوسع المتمثل فيما سمي "الصحوة" من جديد، وأعان الله الوطن وحفظه وأعان الوزير الجديد، فمهمته شاقة وضخمة وخطرة، أعانك الله ووفقك يا دكتور أحمد العيسى، قل آمين تكفى!

 

صحيفة الوطن أون لاين

أضيف بتاريخ :2015/12/15

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد