آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
إسماعيل القاسمي الحسني
عن الكاتب :
كاتب جزائري

يا أشقاءنا في قطر: ما قولكم اليوم في مأساة اليمن؟

 

إسماعيل القاسمي الحسني
يا أصحاب السمو و المعالي، و يا أصحاب الإعلام المهني الحر المستقل، و يا سادتنا المشايخ و العلماء، نحن معكم، لا تستغربوا موقفنا هذا، فحقا و صدقا نعم نحن معكم و نشد على أياديكم، نحن ضد قطع العلاقات و ضد غلق الحدود البرية و البحرية و الجوية، و نعترض على كل الإجراءات التي اتخذت ضد قطر من قبل بعض دول الخليج و على رأسها السعودية.

نحن معكم ليس حبا فيكم و لا طمعا، و لو كان الأمر كذلك لكنا سباقين إليكم من قبل و لكان لنا السبق دون سوانا، و لا نحن معكم كراهية و نكاية فيمن أعلن عليكم حربه ذات ليلة؛ نحن معكم في هذا الموقف تحديدا و ليس سواه، لأننا من قبل كنا كذلك، لم نحد عن خطنا و لا غيرنا في مبدئنا، و لا نملك ميزانا بمكيالين؛ تماما مثلما كنا ضد القطيعة مع العراق و ليبيا و سوريا و اليمن ثم الحرب عليهم؛ تماما كنا نقول ساعتها مثل يومنا هذا و ما نقوله الآن: نحن أمة واحدة و خلافاتها تحل بالحوار و التواصل أكثر؛ قلناه بالأمس و رفضتم موقفنا جملة و تفصيلا، اليوم نعيده و لا يحول دون ذلك ما سبق و فعلتم.

لن أحدثكم اليوم يا أصحاب السمو و المعالي، و يا أصحاب الإعلام المستقل المهني و يا سادتنا المشايخ، عن ليبيا و ما صنعتم بها، و لا عن سوريا و ماذا فعلتم بها، لن أحدثكم أبدا عما كنتم تقولون و تفعلون، لا عن الصور و الأشرطة المفبركة المركبة، و لا عن منطق شرعية الحاكم من عدمها، و لا عن دعوة قلب الأنظمة و تجييش العوام و الدهماء، و لا عن تسليح الجماعات و حثها على القتل و التخريب و التدمير و الاختطاف و الاغتصاب و السبي تحت مسمى الجهاد المقدس؛ لن أحدثكم عن شعار “إيران تحتل سوريا” و الدليل وجود الحرس الثوري بها، و لا عن احتلال روسيا؛ لن أحدثكم و لن أسألكم عن تفسير كل ذلكم و غيره مما لا يتسع المقال لذكره.

و إنما سؤالي الآن عن موقفكم اليوم من العدوان الإجرامي على اليمن؟ نعم هناك بلد و شعب عربي أصيل في الجزيرة العربية، أقدم وجودا و حضارة و دولة منكم جميعا؛ لقد عدت للبيان الذي أصدره اتحاد دول الخليج و وقفت على إمضاء قطر؛ و كان من أهم مرتكزاته و مبررات العدوان هو وجود قوى أجنبية (إيران) تهدد أمن دول الخليج و العالم العربي كله.

و لماذا أسأل؟ ببساطة لأن أهم أسباب القطيعة و الحرب النفسية عليكم من قبل شركائكم في العدوان على اليمن، هي ذاتها و عينها لم تتغير، لقد صرح مسؤول إماراتي رفيع بالقول: لن نقبل أن تكون قطر أداة في يد الفرس لتضرب بها دول الخليج. و المسؤول الرفيع السعودي يصر على أن تعيد قطر صياغة علاقتها بإيران؛ نعم هذا من بين أهم الأسباب التي اعتبرها الأشقاء مشروعة لفرض القطيعة الجوية و البحرية و البرية، و أنتم ترفضونها شكلا و موضوعا، و تعتبرونها تدخلا في الشؤون الداخلية، و محاولة لمصادرة القرار السيادي لقطر، و نحن هنا معكم لا حبا في إيران و لا حبا فيكم أنتم كذلك.

و الآن أليس هذا هو السبب الذي رأيتموه شرعيا، ليس لمقاطعة اليمن و إنما لضرب حصار إجرامي قاتل على كل شعبه؟ قطعتم عليه الهواء و الماء بحجته؟ أليس هذا الذي سوّقتم له بهتانا و زورا -كما اليوم عليكم- لتشرّعوا حربا عمياء لم تترك بشرا و لا حجرا؟ ألم تكونوا شركاء السعودية حينما صنفتها هيئة الأمم المتحدة ضمن القائمة السوداء؟ هل تذكرون بأن سبب التصنيف كان العدد المروّع من ضحايا الأطفال؟ هل تذكرون كم عدد الأبرياء في اليمن الشقي بجواركم الذين قتلوا بقصف طائراتكم بحجة وجود قوى أجنبية تهدد أمنكم؟ هل تذكرون عدد المستشفيات و المدارس و الأسواق و المزارع و الفنادق و المصانع و الطرقات و الجسور التي خربتموها تماما؟ هل تعلمون أنكم قصفتم حتى عُلب السردين متى فتحت كما قال محمود درويش رحمه الله !!! الآن تقولون إن الإمارات ارتكبت جرائم ضد الإنسانية في اليمن، و تعرضون صور السجون و التعذيب، هل هذا اكتشاف جديد؟ أم وحي من السماء نزل لتوه؟ أم كنتم على علم به بل و كنتم شركاء في تلكم الجرائم؟.

أليس من حق اليمن هو كذلك ألا يصادر قراره و يحجر عليه مثلكم؟ ألا ترون الآن بأن ما يقال عنكم من وجود حرس ثوري إيراني لحماية الأمير، هو نفسه تقريبا ما كنتم تقولونه لتبرير العدوان على اليمن؟ و اتخذتموه وِردا تجترونه عن سوريا من قبل ذلك؟ إذا صدّقنا قول السعودية فيكم، يكون موقفكم من اليمن بحد ذاته تشريعا لموقف أشقائكم منكم اليوم، و قد لطفوا بكم إذ لم يعلنوا عليكم حصارا و حربا و قصفا جويا، و إذا صدّقنا نفيكم فلماذا كذّبتم نفي أهل اليمن لمزاعمكم !!!

راجعوا البيان الذي أصدرتموه في 2015/03/26 و كم وردت فيه من مرة عبارة “قوى إقليمية تريد الهيمنة على المنطقة” (إيران)؛ إذا صدقتم مع أشقائكم في هذا الادعاء، فقد صدق الأشقاء اليوم في الادعاء عليكم، و ما أجريتم على اليمن يجري بالطبيعة عليكم؛ و إن كذبتم يومها فنرجو أن تبيّنوا لنا موقفكم اليوم مما فعلتم.

لا يستقيم في عقلي كمواطن عربي أن تكون مقاطعة قطر حراما و عملا غير مشروع، و يقابله حصار اليمن و التنكيل بشعبه و تدمير بلده و تمزيقه جهادا في سبيل الله ليس حلالا فحسب بل فرض عين، و متماشيا مع القوانين الدولية، مع أن الذرائع في الحالتين تكاد تكون واحدة…… و أرجو ألا تقولوا لي الدفاع عن شرعية عبد ربه، فلدى أشقائكم و شركائكم ما يقولونه كذلك بخصوص شرعية حكم آل ثاني…….. بالمناسبة و للتذكير فقط: هذا رمضان “الرحمة و التوبة و الغفران” هو الثالث الذي يمر جحيما على اليمن شعبا و أرضا و دولة….
و سامح الله مظفر النواب.

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2017/06/15

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد