آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
نبيل نايلي
عن الكاتب :
باحث في الفكر الإستراتيجي الأمريكي، جامعة باريس.

إلى أين تتدحرج هذه الأمة؟ وهل التطبيع مع إسرائيل هو خيارها الجديد


نبيل نايلي

“إن الأزمة الخليجية تمنح إسرائيل إمكانية للتعاون في محاربة الإرهاب. إن الدول العربية أيضا تدرك بأن الخطر الحقيقي على المنطقة كلها ليس إسرائيل، أو اليهود أو الصهيونية، بل الإرهاب”. وزير الدفاع الصهيوني ليبرمان.

في الوقت الذي تبلغ فيه أزمة الخليج الأوج الذي أريد لها أمريكيا أن تبلغه، حصارا ومقاطعة، ليتسنى بعدها ابتزاز جميع الأطراف مواقف وصفقات، على شكل “جزيات”، وفي الوقت الذي أستغني فيه عمّن وُظّفوا في تفتيت المفتت وإفشال الدول وتحويلها إلى مرتع لأمراء حروب الإمبراطورية يطلّ علينا مقال صحيفة “التايمز،  “The Times البريطانية الذي نقل عن مصادر أميركية وعربية، قولهم إن “إسرائيل والسعودية تجريان مفاوضات على إقامة علاقات اقتصادية بينهما”!!

كلاّ! ما عاد التطبيع وجهة نظر..ولا عاد الكيان الصهيوني محظورا لا يقترب منه ولا يتعامل معه إلاّ بصفته عدوا ومحتلاّ غاصبا!

أما عملية التطبيع  فتؤكد الصحيفة، أنها “ستبدأ بخطوات صغيرة، كالسماح لشركات إسرائيلية بالعمل في الخليج العربي، والسماح لطائرات العال بالتحليق في الأجواء السعودية”.

“التايمز″ نقلت أيضا عن مصادر لها علاقات بالسعودية أن “تحسين العلاقات بين إسرائيل والسعودية هو بمثابة أحلام للبيت الأبيض المعني بعرض نتائج فورية لجولة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الشرق الأوسط”. فلا يكفي ترامب الـ460 مليار دولار التي منحت له بينما عرب اليمن وسوريا والعراق وليبيا بتلك الأموال أحوج لو يعلمون!

أما صحيفة “الوول ستريت جورنال،”The Wall Street Journal فقد أشارت في تقريرها منذ نحو شهر، أن دول الخليج وعلى رأسها السعودية والإمارات، “بلورت اقتراحاً توافق بموجبه على القيام بعدة خطوات تطبيعية مع إسرائيل في حال قامت الحكومة الإسرائيلية، برئاسة بنيامين نتنياهو، بخطوات تجاه الفلسطينيين، مثل تجميد البناء في المستوطنات في جزء من الضفة الغربية، وتخفيف القيود التجارية المفروضة على قطاع غزة”!

لم لا والجماعة يثقون ببنيامين نتانياهو وبسياساته ويطمعون بـ”خطواته التطبيعية”!

يؤكد التقرير الصحيفة أيضا أن “السعودية والإمارات أطلعتا الإدارة الأمريكية، وإسرائيل أيضاً، على الاقتراح الذي يتضمن خطوات مثل إقامة خطوط اتصالات مباشرة بين إسرائيل وعدة دول عربية، وبضمن ذلك السماح لشركات الطيران الإسرائيلية بالتحليق في المجال الجوي لدول الخليج، وإزالة القيود القائمة اليوم على التجارة مع إسرائيل”!

صحيفة “التايمز″ أشارت إلى ما أسمته “غضبا فلسطينيا” من إجراء هذه المحادثات، وذلك بدافع الخشية من أن تشكل هذه الخطوة تطبيعاً للعلاقات مع إسرائيل دون ضمان أي مقابل سياسي.

غضب فلسطيني ليس احتجاجا على التطبيع كما هو متوقّع، بل خوفا من ضمان “مقابل سياسي”!!!

لم نسمع لـ”مثقفي” هذه الأمة لا في الخليج العربي ولا غيره من احتج أو حتى استنكر أو ندّد بما يجري تماما كما خفت صوتهم في ظلّ الأزمة “الخليجية” ليآثروا الاصطفاف والشحن والمساهمة في تعميق جراح هذه الأمة إلاّ بقية لا تسمع لهم كلمة في زمن بيع الذمم والمواقف لمن يدفع أكثر!

كيف، بربكم، يمكن، بعد هذا، أن نحتج على من يساند قضايانا ونحن أول من يتاجر بها في سوق النخاسة الدولي؟ فهذه الهند تتخلّى عن موقفها التقليديّ بدعم القضيّة الفلسطينيّة لتُبرم مع شركة الصناعات الجوية تاعاس للكيان الصهيوني أكبر صفقة في تاريخها لتزويد البحرية الهندية بمنظومة صواريخ دفاعية جوية من طراز “باراك 8″ بقيمة 2 مليار دولار؟؟؟

لا عتب- على الجميع وهم كثر- ما دمنا من نهرول إلى التطبيع مع الكيان في مهانة ومذلة!! ونحقق ما كان يصبو إليه أب مفاعل ديمونا وقاتل الأطفال في حديثه عن “سلام اقتصادي”!

كيف نكابر وقد صار الجميع يسير على هدي “أعمدة حكمة” توماس فريدمان يوصي بأن “هذا التعاون الضمنيّ بين إسرائيل والعرب السنّة، يستند على التقاليد القبلية التي تقول عدو عدوّي هو صديقي، والعدو هو إيران”؟

أين فلسطين والأمة من كلّ هذا؟؟ ليس قبل انتهاء جهابذة الجيو- إستراتيجية في مجلس التعاون من أداء دور الوكالة لتدمير الخليج والمنطقة وإعادة رسم خرائطها، بوهم التصدي إلى هذه التي يوصّفونها بــ”رأس الأفعى”! من “التسوية الشاملة إلى التصفية الشاملة”! لا خجل! ولا مواربة!

هل تفرض الحاجة عودة أهل النظام العربي الرسمي إلى إعادة اكتشاف الهوية الأصلية، بل الهوية التي لا بديل منها، لهذه الأمة، ومحاولة إحياء ما تهدّم من روابط حياتهم وأسباب تقدمهم في اتجاه الانتماء إلى العصر… كما حدث مع شعوب العالم المتقدم قبل 200 عام أو أكثر؟! أم ستطول الغفلة وإنكار الذات والتاريخ، بحيث تتقاسم هذه المنطقة مشاريع الهيمنة التركية والإيرانية أو الصهيونية تحت المظلة الأميركية.

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2017/06/20

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد