آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
عبد الوهاب الشرفي
عن الكاتب :
‏‏‏محاسب قانوني معتمد ، رئيس مركز الرصد الديمقراطي (اليمن) ، كاتب ومحلل سياسي .

هل سينجح “اختراع عبدالعاطي” في تحويل “فيروسي” تيران و صنافير إلى “صباع كفتة” تتغذا عليه مصر؟


عبدالوهاب الشرفي

*  الاحقية التاريخية و الثبوتية و المؤيدات كلها تقول الحق أو الأحقية في الجزيرتين كلاهما لمصر

اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر و السعودية المعروفة باتفاقية تيران وصنافير هي أغرب قضية ترسيم حدود تتم بين دولتين على الإطلاق لسبب بسيط هو أن هناك دولة تملك زخما كبيرا في مؤيدات ملكيتها للجزيرتين فوق قضية الثبوت على الأرض  بمقابل دولة لا تمتلك شيئ يمثل مستمسكا لها بملكيتها أو حتى علاقة لها بهما أكثر من المطالبة .

المنطقة بالكامل هي منطقة تشكلت جغرافيتها السياسية بعد رفع اليد العثمانية عنها وهذا يعني أن مسألة الحدود السعودية المصرية هي مسألة ليست محل بحث قبل رفع اليد العثمانية عن المنطقة كون الجغرافيا السياسية للمنطقة ككل  بما فيها تيران وصنافير كانت داخله ضمن الأمبراطورية العثمانية أي أن كل من جغرافية  مصر و جغرافية ” السعودية ” وغيرهما من دول المنطقة  كانت جميعها داخله ضمن جغرافيا سياسية واحدة هي ” الخلافة العثمانية ”  ، ولم يكن هناك مجال لشيء اسمه تيران وصنافير مصريتان  أو ” سعوديتان ”  .

أخذت مسألة رفع اليد العثمانية من المنطقة مراحل متعددة بدأت بقرار عثماني – فرمان سلطاني –   في العام 1941 م يمنح مصر حكم  جغرافية مصر الحالية و صولا إلى شمال الحجاز وتحديدا إلى ” قلعة الوجه ” داخل عمق جغرافية المملكة العربية السعودية  الحالية ، أي أنه وحتى هذه المرحلة كانت  تيران وصنافير بل وخليج العقبة ككل و حتى أجزاء من الحجاز كان ضمن السلطة المصرية  .

استمر تشكل الخارطة السياسية للمنطقة لتصل الجغرافيا السعودية و الجغرافيا المصرية إلى ماهما عليه اليوم ،  فحق الحكم الذي منحته الأمبراطورية العثمانية لمصر في جزء من الحجاز انتهى به المطاف لصالح السعودية ( استعادته السلطة العثمانية )  كونها الدولة التي قامت في الحجاز ، ومن هذه اللحظة للجغرافيا السياسية للمنطقة يمكن  ( تصور)  أن يثار حديث عن هل تيران وصنافير مصريتان او سعوديتان لاعتبار أن مصر قد خسرت حقها الاتفاقي مع العثمانيين على جزء من ارض الحجاز و لم تعد نقطة التماس هي ” قلعة الوجه ”  وإنما أصبحت نقطة التماس بين الجغرافيتين لمصر و السعودية هي المياه التي بينهما و التي  توجد فيها تيران وصنافير ( أي خليج العقبة و البحر الأحمر  ) .

ما يمكن ( تصوره )  نظريا من إثارة مصرية أو سعودية تيران وصنافير في لحظة تشكل خارطتي السعودية و مصر السياسيتين الحاليتين هو أمر مختلف تماما على الواقع ، فالدولة العثمانية بعد منح محمد على باشا حكم مصر وشمال الحجاز عادت للسعي لاستعادة ما منحته له لكن  انتهاء بها  هذا السعي لاستعادة دون سيناء و تيران وصنافير ، أي أن الاستعادة العثمانية التي ألت فيما بعد للسعودية وقفت عند نقطة مصرية سيناء وتيران وصنافير .

كما أن لمصر بعد تلك المرحلة تاريخ طويلز من الثبوت و التواجد و الإدارة و القتال والتضحيات و الاتفاقات الدولية – بغض النظر عن موقفنا من الكيان الصهيوني –  والمويدات الكثيرة المصرية و الدولية والأممية  التي تؤكد مصرية الجزيرتين ، بينما كانت السعودية ولا زالت حتى ما قبل اتفاقية ترسيم الحدود البحرية في العام 2016 م لا تمتلك أي مؤيدات لحقها في الجزيرتين ولا أكثر من مطالبات محدودة و غير فاعلة بسعودية الجزيرتين، بل أن هناك ما يؤيد دخول الجزيرتين في جغرافية مصر الحالية بتأييد و علم واعتراف  و مباركة سعودية في  خمسينيات القرن الماضي  .

أثناء الفترة العثمانية لم يكن أحد يهتم لتبعية  تيران وصنافير فلم يكن هناك جغرافيات سياسية لا للسعودية و لا لمصر بشكلها الحالي تستدعي البحث في تبعية الجزيرتين لأي منهما ، وببدء رفع اليد العثمانية دخلت الجزيرتان في جغرافية مصر السياسية التي منحت حق الحكم إلى داخل الحجاز ولم تكن تيران وصنافير نقطتان حدوديتان أو طرفيتان بالنسبة لمصر ابتداء حتى يمكن مناقشة تبعيتهما لغير مصر في هذه الفترة كذلك ، وفي فترة سعي الدولة العثمانية لاستعادة ما كانت قد نقلته لحكم مصر انتهاء سعيها دون تيران وصنافير .

وبالتشكل الكامل لخارطتي السعودية ومصر الحاليتين لا وجود للسعودية في الجزيرتين بشكل مطلق و مع أن مصر كانت حتى بداية الخمسينيات ليس لها علم مرفوع في الجزيرتين  إلا أن ذلك لا يضعف حقها في الجزيرتين لتلك السنوات القليلة لثلاثة أسباب الأول هو أن تيران وصنافير كانتا في العمق المصري تبعا للاتفاق مع العثمانيين الذي منح مصر حق الحكم إلى داخل أراض الحجاز و لانتهاء سعي الاستعادة العثمانية بمصرية سيناء وتيران وصنافير رسميا وبحضور دولي في المسألة ( الموقف البريطاني )  ، و الثاني أن المملكة السعودية لم تدعي ملكيتها للجزيرتين في تلك الفترة مطلقا بل أن رفع المصريين لعلمهم عليهما تم بعلم واعتراف ومباركة بل وتشجيع السعودية  – و بمعنى لم يكن حينها إشكال حول تبعية الجزيرتان لمصر أساسا حتى لدى المملكة نفسها بل شجعت رفع العلم المصري عليهما ضمن التخوفات العربية من الأطماع الصهيونية  – و الثالث أن من كان يقتطع من الجغرافيا السياسية للأخر – بعد الاتفاق العثماني المصري 1941 م – هي الدولة العثمانية ( حلت محلها فيما تم اقتطاعه المملكة السعودية ) و ليست مصر وهذا الاقتطاع استمر حتى التنازع على سيناء قبل أن يحسم الأمر بمصرية سيناء وجزيرتي تيران و صنافير . وبعد ذلك كانت تيران وصنافير مصريتان في كل الوثائق و المحافل و الاتفاقات و الإدارة و التسجيل و الشهرة و الحرب والسلام و في مختلف التفاصيل كانتا جزيرتين مصريتان  .

أمام الصورة المرسومة في أذهاننا كعرب للمصري وحساسية مسألة الأرض لديه و حجم ” حب مصر ” و ” كله إلا مصر ” الطاغيان على المزاج المصري سيكون تعاطي الحكومة المصرية تجاه مسألة تيران وصنافير أمر يصيب بالذهول و لايمكن تقبله انطلاق من تصورنا للمزاج المصري في مسألة الأرض على الإطلاق . و المفارقة في الحق أيضا تصيب بالدهشة فبمقابل تراكم كبير لمؤيدات الحق المصري في الجزيرتين لا وجود لأي مؤيدات لهذا الحق باتجاه السعودية على الإطلاق وأكثر من ( مطالبات ) متأخرة لا يوجد شيء . وبعد الصورة المرسومة في الأذهان للمصري تجاه مسألة الأرض  و لتراكم المؤيدات للحق باتجاه مصر يأتي أسلوب إدارة الحكومة المصرية لملف تيران وصنافير ليصيب بالغرابة بل و بالريبة .

رغم كل الاستعراض أعلاه لوضع تيران وصنافير من الجغرافيات السياسية في المنطقة منذ العهد العثماني و حتى اليوم وهو وضع يقطع بمصريتهما مئة بالمئة في مختلف المراحل السياسية إلا أن الجزيرتان بالفعل هما نقطتان طرفيتان بالنسبة للجغرافيا السياسية لجمهورية مصر العربية الحالية  وقيام ( تنازع ) سعودي مصري حولهما هو أمر يمكن تقبله كنزاع حدودي يقوم  بين أي دولتين بينهما حدود مشتركة غير مسجلة وموثقة بشكل قانوني دولي وأممي وفقا لبورتوكولات التسجيل الحديثة  ، فمع كل مصرية الجزيرتين الذي استعرضناه أعلاه إلا أنه لا يمكن أن نقول للسعودية ليس من حقك أن ( تدعي ) ملكية الجزيرتين فالادعاء حق للسعودية أو لأي دولة كانت لكن الغرابة هو تعامل الحكومة المصرية تجاه هذه المطالبة .

من حق السعودية أن ( تدعي ) نعم لكن من واجب مصر أن ترفض هكذا يقول المنطق ، و يذهب الناس إلى محاولة التفاهم و الوصول لحل وأول ما سيتم هو النظر في مؤيدات الادعاء و كذا مؤيدات الرفض وبالطبع لا مؤيدات للادعاء بمقابل كم هائل من مؤيدات الرفض ، كذلك إذا أصرت السعودية على موقفها مقابل الإصرار المصري ( المفترض ) بالرفض يذهب الناس إلى طرف محايد ووصولا للمحكمة الدولية للنظر والفصل في القضية ، وهذا هو ما يقوله المنطق والذي يأخذ أقصى صور التشاؤم تجاه الموقف المصري و أقصى صور التفاؤل تجاه الموقف السعودي .

ما يحدث بخصوص جزيرتي تيران وصنافير هو أمر ملفت للنظر للغاية فالحكومة المصرية التي تمتلك كل تراكم مؤيدات الحق – بمقابل السعودية التي لا تمتلك شيء – هي نفسها تعمل لنقل الحق للسعودية هكذا بكل بساطة بل بكل لا منطق يذهب لدرجة القول ( ليس هناك ما يؤيد أن تيران وصنافير كانتا مصريتان في يوم ما ) !! بل الغرابة أكثر فلو أهدرنا كل ما سبق الحديث عنه من تراكم الحق المصري في الجزيرتين وافترضنا بالفعل عدم امتلاك الحكومة المصرية أي شيء فذلك أيضا لا يخرجها من دائرة الموقف الغريب ،  لأنه في حالة الافتراض هذه الحري بالحكومة المصرية هو أن تقول ” لا يوجد ما يؤيد سعودية الجزيرتين ” وهنا سيكون الموقف هو أن مصر لا مؤيدات لحقها – افتراضا بالطبع – و السعودية لم تقدم مؤيدات لحقها لكن تضل مصر هي المتواجدة على ارض الجزيرتين أي بعد التجريد من الكم الهائل من المؤيدات لمصر تضل مصر متفوقة وصاحبة أحقية بالثبوت  و تضل مصر – حتى عند أسوء الافتراضات –  هي  الأحق بالجزيرتين .

* إدارة ملف تيران وصنافير يتم بأسلوب هادف لتغيير حدود و ليس لترسيمها

الاستعراض السابق يضل قرائتنا نحن للحق في الجزيرتين ، و نضل نحن غير ذي اعتناء قانوني أو رسمي في التقرير في مسألة الحق أو الأحقية  في الجزيرتين ، لكن يضل لنا حق في الاعتناء بقراءة أسلوب التعامل تجاه المسألة – أو أسلوب التقرير في الحق أو الأحقية للجزيرتين – وما وراء ما نشاهده من تحول الحكومة المصرية من متمشكل مع السعودية كما هو المنطق إلى متمشكل مع الداخل المصري  ومناضل نضالا حثيثا لنقل السيادة على الجزيرتين للسعودية ؟!! .

جزيرتي تيران وصنافير ليسا أي جزيرتين فيما يتعلق بالأمن القومي العربي ، وإذا جردنا مسألة الحق لمصر أو للسعودية من الحساسية العالية   باعتبارهما دولتين عربيتين ومصر هي السعودية و السعودية هي مصر كأشقاء و جيران وعرب ومسلمون إلا أن وضع الجزيرتان ليس كذلك من ناحية العلاقة بالكيان الصهيوني فالسيادة على الجزيرتين هو أمر له مترتبات قانونية تجاوز مصر و السعودية وتصل للكيان الصهيوني ومدى حضوره في منطقة خليج العقبة و مياه البحر الأحمر ككل ، و بالتالي فمسألة السيادة على الجزيرتين هي مسألة غاية في الخطورة على مصر و على السعودية و على العرب جميعا في ضل حالة العداء –  أو الاستعداء الصهيوني تجاه الجميع بما فيها دول التطبيع –  الصهيوني العربي .

في يوم ما عندما تحارب العرب مع إسرائيل أغلقت مصر مضيق تيران في وجه الملاحة الصهيونية و هذا الأمر قامت به باعتبار حقها في تيران وصنافير وبالتبعية حقها في المياه من الساحل المصري و حتى  سواحل الجزيرتين ، وهذا الأمر ترتب عليه احتلال الكيان الصهيوني للجزيرتين لأن الإغلاق مثل تهديدا كبير له ،  و انتهاء الأمر باتفاق كامب ديفد الذي بموجبه توجد قوة دولية في الجزيرتين و تعهد مصري بعدم إغلاق مضيق تيران أمام الملاحة الصهيونية  وهو أمر يمثل انتقاص من السيادة المصرية تجاه تيران وصنافير،  و بالطبع ليس هو الانتقاص الوحيد فهناك أمر مماثل فيما يتعلق بسيناء ( وبرغم سلبيته باعتباره انتقاص للسيادة إلا أنه شاهد أخر على مصرية الجزيرتان ) .

مع أن اتفاق كامب ديفد بين مصر و الكيان الصهيوني تم بموجبه انتقاص في  السيادة المصرية على الجزيرتين إلا أنه لم يتمكن من أن ينتزع السيادة المصرية عليهما –  وهذا الأمر يؤيد الحق المصري في الجزيرتين أو بعبارة أخرى  كان الحق المصري في الجزيرتين قويا وواضحا وأكيدا  لدرجة عدم القدرة على مجاوزته رغم احتلال الكيان الصهيوني لهما و كلما حققه الكيان الصهيوني هو الحصول على ” استثناء اتفاقي ” بخصوص السيادة المصرية الكاملة على مياه مضيق تيران  – لكن ما يراد الأن هو انتزاع السيادة المصرية عن الجزيرتين لصالح السيادة السعودية  .

انتقال السيادة في الجزرتين من مصر إلى السعودية هو أمر لايجب أن يدخل فيه بعد الأشقاء و العرب و المسلمين – بل المفترض العكس تماما فدخول هذه العوامل يفترض تأكيد السيادة المصرية على الجزيرتين – لأن هذا الانتقال سيترتب عليه وضع قانوني جديد للممرات المائية في تلك المنطقة و سيكون المستفيد الوحيد من ذلك ليست السعودية وليست مصر بل سيكون الكيان الصهيوني هو المستفيد الوحيد .

انتقال السيادة على الجزيرتين للسعودية يعني أن يتحول الممر المائي بين الساحل المصري و بين سواحل الجزيرتين-  التابع حاليا بشكل كامل لمصر –  إلى ثلاث أقسام أولها مياه إقليمية للسعودية تبعا لسيادتها على تيران وصنافير و الثاني مياه إقليمية لمصر تبعا لسيادتها على سيناء  والثالث بينهما وهو الجزء الأكبر سيصبح وبموجب القانون الدولي  مياه دولية لن يكون لأي من السعودية أو مصر أي حق فيه وسيكون حق دولي للجميع أول المستفيدين منه هو الكيان الصهيوني بالطبع الذي ليس له حتى الآن أي حق في ممر إلى البحر الأحمر  .

ما يتم هو إهدار للحق المصري و الحق العربي ليس لصالح السعودية وإنما لصالح الكيان الصهيوني الذي سيكون له حق في ممر مائي دولي محمي بموجب القانون الدولي يكون العالم أجمع معني بالدفاع عنه – في حال تسجيل اتفاقية الحدود البحرية السعودية المصرية لدى الأمم المتحدة – بينما الآن رغم كل المؤامرات  والحروب والاتفاقات مع الكيان الصهيوني يضل الحق في هذا الممر المائي حقا مصريا عربيا بالكامل  .

الإدارة المصرية هي حكومة كان للإمارات دور في إيصالها للحكم و الإمارات مع السعودية يتصدران مشهد المنطقة بأدوار سياسية وأمنية وعسكرية مشبوهه ، وعندما يروّج لتمرير هذه الاتفاقية بأن يتم نقل السيادة على الجزيرتين إلى السعودية مع احتفاظ مصر بإدارتها هو أمر يعني أن السعودية لا تعنيها الجزيرتين سعوديتان كانتا أم مصريتان وكلما هو مطلب فقط كلام – اتفاقية – على ورق بالسيادة السعودية يتم تسجيله لدى الأمم المتحدة ويترتب عليه فتح الممر الدولي لصالح الكيان الصهيوني وبعد ذلك فلتذهب تيران وصنافير إلى الجحيم ، وعندما تُهدر الحكومة المصرية كل مؤيدات حقها في الجزيرتين و تتحول إلى الصراع مع قضائها ومجتمعها و تناضل من أجل نقل السيادة للسعودية التي لا تمتلك شيء بحقها فيهما فذلك يعني أن الأمر ليس ترسيم حدود بين السعودية و مصر وإنما هو صناعة حدود جديدة بينهما وأن الأمر متفق عليه بين الإدارة السعودية والإدارة المصرية تماما و هما يعرفان مايريدان الوصول إليه  من نتيجة بعيدا عن مسألة الحق و الأحقية .

السؤال الآن هو هل ستنجح الحكومات السعودية و الإماراتية و المصرية في تمرير الاتفاقية التي وقعت بين مصر و السعودية  في العام 2016 م وصوت عليها مجلس النواب المصري قبل أيام و يوصلنها إلى مرحلة التسجيل في الأمم المتحدة – و كما هو منصوص في أحد بنود هذه الاتفاقية –   وبالتالي فرض حق للكيان الصهيوني في المياه المصرية العربية ؟! .  هل بالفعل ستفعل الحكومات السعودية و الإماراتية و المصرية مالم يتمكن من فعله الكيان الصهيوني باتفاق كامب ديفد ؟!  ، هل سيفعل ” كبار العرب ” بالأمن القومي العربي مالم يستطع فعله الكيان الصهيوني باحتلال الجزيرتين و سيناء معهما ؟!  هل ستتحول مصر من دولة تمتلك كامل مياه مضيق تيران رغم تقييد سيادتها عليها  إلى دولة لا تمتلك إلا جزء صغيرا من مياه هذا المضيق رغم كل ماتحوزه من مؤيدات حقها و من تضحيات دفعتها دفاع عن الجزيرتان  ؟!! . و هل سيضل الشعب و الجيش المصريان مدووشان ” باختراع عبد العاطي الذي يحول الفيروسات إلى صباع كفته  ” أم سيتنبهان لما يحاك لمصر و للعرب ككل و يكون لهما موقف تجاه اتفاقية تيران وصنافير و ليس لعداوة بالسعودية وإنما لتبعات ذلك على الأمن القومي العربي ؟!! ..

أم أن الأمر سيمر رغم كل خطورته على مصر التي ستفقد نشاط قناة السويس بقدر كبير فطالما بات هناك ممر دولي في خليج العقبة فسيستكمل بشق قناة منافسة مملوكة للكيان الصهيوني وحينها لن يكون الأمر فقد خسارة مصر لجزيرتيها و لحقها في مضيق تيران وإنما ستخسر نشاط قناتها كذلك ، كما أن سيناء ستعود معرضة للأخطار من قبل الكيان الصهيوني كما لم تكن منذ مابعد كامب ديفد لأن الاتفاق المعترف بمصرية تيران وصنافير هو ذاته المعترف بمصرية سيناء ونقل الجزيرتان لمصر سيعني أن الكيان الصهيوني كان على حق في حروبه ضد مصر و الاتفاق لامحل له وستتخلى عن التزاماته تجاه مصر عندما تأتي مرحلة ذلك .

و رغم  خطورته قوميا لفقدان العرب ( الحق ) في نقطة جغرافية حساسة و غاية في الأهمية فيما يتعلق بأي صراع أو تنافس عربي صهيوني استخدمت في يوم ما ضمن الأسلحة الجغرافية في مواجهة عدائية الكيان الصهيوني تجاه الدول العربية المحيطة به ، وكذلك التأثير على حقوق الدول العربية المحيطة بخليج العقبة سلبا التي ستفقد جميعها حقها في عربية مياه الخليج بشكل رسمي و قانوني هذه المرة فهي لم تكن قد فقدته على الأقل جيولوجيا ففي ضل عدم صلاحية الممر المائي بين تيران وصنافير و الساحل السعودي  للملاحة كان خليج العقبة مغلقا لصالح العرب ، بل أن هذا الأمر أيضا هو بحق البحر الأحمر ككل الذي في ضل عدم وجود ممر مائي دولي في مضيق تيران يعتبر غير مفيد للكيان الصهيوني وهذا الأمر سينتهي بموجب القانون الدولي في حال نقل السيادة للسعودية  و ليس اتفاقيا كما هو وضعه حاليا .

بل و خطورة على السعودية ذاتها بانتقال التزامات كامب ديفد فيما يتعلق بالجزيرتين إليها تبعا لانتقال سيادتهما لها وسيكون هذا الانتقال للالتزامات دون حتى أن يكون هناك داعي لذلك فالتزامات  كامب ديفد مع مصر كانت مع استمرار الممر المائي مملوكا لمصر بينما السعودية ستتحمل التزامات كامب ديفد وقد أصبح جزء من الممر المائي مياه دولية لاحق لأحد حصرا فيه ، وستتحمل السعودية تبعات اتفاق لصالح الكيان الصهيوني بالمجان فستتحمل جزء من نتيجة فرضت بقوة و بحرب بحق مصر لكن دون قوة أو حرب على السعودية ، كما سيضعها انتقال هذه الالتزامات في أول طريق ( التطبيع ) العلني و الرسمي مع الكيان الصهيوني ولابد أن يرتب عليه الكثير باتجاه التطبيع بين السعودية و بين الكيان الصهيوني مستقبلا ، كما ستفقد ميزة الانغلاق الطبيعي للمياه بين سواحلها و الجزيرتين أمام الملاحة الصهيونية .

رغم كل ذلك الواضح أن الأمر سيمر لسبب بات واضحا هو أن دفع الإمارات باتجاه تمكين الحكومة المصرية الحالية من السلطة هو لهذا الهدف – على الأقل – وذلك ما يقوله أدائها المثير للريبة تجاه مسألة الجزيرتين ، وكما يقول ذلك تصميم الاتفاقية الحدودية البحرية التي وقعتها الحكومة المصرية و السعودية و التي بدأت بترسيم الحدود بصورة غريبة تنص على البدء من نقطة مجهولة يتم الاتفاق عليها لاحقا !!!  – بين مصر و السعودية و الأردن – ووصولا إلى الجزيرتين وانتهاء الترسيم  !! بشكل واضح أن المراد من كل هذا الحديث عن ترسيم الحدود هو نقل سيادة الجزيرتين ولا أهمية لحسم نقاط حدودية أخرى بينهما ، وكذلك ما نص عليه الاتفاق ( إلزام ) برفع هذه الاتفاقية للمصادقة عليها وتسجيلها في الأمم المتحدة دون إعارة رأي الشعب المصري و موسساته المعنية أي اعتبار كان يجب أن يكون له حضور قبل الذهاب للأمم المتحدة .

وبما أن الأمر الآن هو اتفاقية بين حكومتين تم توقيعها منهما و الحكومة المصرية تعمل لتمريرها بمختلف طرق الالتفاف على الداخل المصري و هي اتفاقية بات مصادقة من ( مجلس النواب المصري ) و الحكومتان ملتزمتان بموجب نص فيها بتسجيلها لدى الأمم المتحدة فالأمر تم إخراجه بصورة لابد  وفقها أن تمر الاتفاقية ،  فالأمر الآن حكومتان وقعتا اتفاقية بالتراضي و ما على الأمم المتحدة إلا تسجيلها و لنبارك للكيان الصهيوني بهذا النوع من الحكومات العربية المتفانية في خدمته على حساب مصالح بلدانها وشعوبها و قوميتها وأمنها و مصالحها القطرية و القومية  .. و  مالم يكن للشارع المصري حراكا شعبيا يتمكن من فرض وقف الحكومة المصرية  عن استكمال هذا المشوار الآثم فان ” جهاز عبدالعاطي ” سيتمكن من تحويل ” فيروسي ” تيران و صنافير إلى ” صباع كفتة ” تتغذا عليه مصر و لنقل أن الأمر قد مر و حسبنا الله ونعم الوكيل .

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2017/06/22

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد