التقارير

تقرير خاص: #محمد_بن_سلمان وليا للعهد.. رضى أمريكي وترحيب إسرائيلي

 

مالك ضاهر .. 

قد يكون الصعود الناري في المناصب لولي العهد السعودي الجديد الأمير محمد بن سلمان من أبرز ما يميز الرجل من بين كل المسؤولين السعوديين من أبناء جيله أم من غيره، فهو وصل بسرعة قياسية إلى المنصب الذي بات يشغله اليوم بالإضافة إلى تميز قراراته التي أعلن عنها أو التي يقال أنه يقف خلفها بالنارية أو غير الاعتيادية أيضا بدءا من ملف الحرب على اليمن وصولا لملف الأزمة مع قطر مرورا برؤية 2030 وغيرها من الملفات التي استلمها وبات هو الحاكم الحقيقي فيها منذ تسلمه منصب ولي ولي العهد.

 فما سر هذا الصعود السريع لهذا الأمير الشاب؟ وهل فعلا باتت الأبواب مشرعة أمامه ليكون الملك الأول من الجيل الجديد للمملكة السعودية؟ هل سيكون محمد بن سلمان هو الملك الرسمي للمملكة بعد فترة قيل فيها أنه يعتبر الملك الفعلي وإن كان غير منصب رسميا في ظل حكم والده؟ وماذا عن الأسباب التي أدت إلى اتخاذ هذا القرار بشكل سريع ومفاجئ؟ وهل فعلا كان القرار مفاجئاً أو أنه كان متوقعا في لحظة ما وأن كان التوقيت جاء أسرع مما يتوقع البعض؟ أليس التطورات الماضي منذ أكثر من سنتين تظهر بشكل لا لبس أن محمد بن سلمان يتجه ليكون ولي العهد المقبل دون أي قيود؟ أليس الرجل والفريق التابع له يزيل كل القيود أمام اتخاذ الملك سلمان مثل هذا القرار؟

 لكن هل مثل هذا القرار يأتي من محض قرار داخلي سعودي وبمحض قرار فردي من الملك؟ أليس هناك أسباب سياسية خارجية لاتخاذ مثل هذا القرار؟ أليس اتخاذ مثل هذا القرار يحتاج إلى ضوء اخضر أمريكي من الإدارة الحاكمة في البيت الأبيض؟ أليس مثل هذا القرار يحتاج لتقديم ضمانات للأميركيين في ملفات مختلفة منها ما هو إقليمي ومنها ما هو دولي؟ وماذا عن الضمانات التي يمكن أن تكون مقدمة لأمريكا في الملف الإسرائيلي كثمن لاتخاذ مثل هذا القرار والجميع يدرك المكانة الكبيرة لإسرائيل في العقلية الحاكمة في أمريكا واللوبيات المؤثرة في صناعة القرار هناك؟ وهل من الممكن أن تصدق التوقعات التي تتحدث عن قرب إعلان تنصيب بن سلمان ملكا على المملكة السعودية بعد تنحي والده؟ وكيف استطاع بن سلمان من إزاحة ابن عمه ولي العهد الأسبق محمد بن نايف الذي كان يوصف بأنه رجل أمريكا القوي؟ وأي دور ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد في إيصال محمد بن سلمان إلى ما هو عليه؟ وأي مستقبل للمملكة في ظل الحكم  المتوقع للملك الجديد الشاب فيما لو حصل أن تسلم مقاليد الحكم؟

 الأكيد أنه لولا وجود قرار أمريكي لا يمكن أن يتم عزل ولي للعهد وتعيين آخر في دولة هامة بالنسبة للولايات المتحدة كالمملكة السعودية، ويبدو أن العلاقة التي باتت تجمع بين محمد بن سلمان والرئيس الأمريكي دونالد ترامب وصلت إلى حد اقتناع الأخير(من خلفه اللوبيات المؤثرة في صناعة القرار الأمريكي) بإمكانية وصول الأول كي يصبح الحاكم للمملكة السعودية، بعدما تم التأكد من الوفاء والصدق للعلاقة مع واشنطن والحفاظ على مصالحها كافة في المنطقة والعالم، حتى بعض المحللين اعتبروا أن "زيارة محمد بن سلمان إلى واشنطن وما جرى خلالها من لقاءات لا سيما مع الرئيس ترامب شكلت نقطة التحول في وصول الأمير الشاب إلى ما وصل إليه من نيل الثقة الأمريكية"، والأكيد أن زيارة ترامب الأخيرة إلى الرياض تندرج في ذات السياق حيث جاءت تأكيدا على متانة هذه العلاقة ولتزكية السياسات التي ينتهجها محمد بن سلمان في الداخل والخارج.

 وهنا لا بد من الإشارة إلى ما ينقل عن دور ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد في تزكية الأمير محمد بن سلمان أمام الرعاة الأمريكيين، كما لعب الدور البارز في توجيهه كي يقوم بخطوات معينة لها علاقة بالداخل والخارج منها تقديم تعهدات معينة للإدارة الأمريكية، بالإضافة إلى لعب محمد بن زايد الدور المؤثر لإقناع بعض المسؤولين الأمريكيين بضرورة تنحية محمد بن نايف، وذلك انطلاقا من خلفية وجود خلافات شخصية بين الطرفين.

 والواقع أن لا شيء يمنع الأمريكيين من السير بدعم محمد بن سلمان الذي أظهر كرماً مفرطاً في الصفقات التي عقدت خلال قمة الرياض مع الرئيس ترامب، خاصة أن هذا الوفاء والإخلاص يمكن الاستفادة منه لعقود من الزمن باعتبار أن الأمير ما زال في العقد الثالث ومن الممكن الاستفادة منه لسنوات طويلة قادمة، والمسارعة الأمريكية لتهنئة محمد بن سلمان بمنصبه الجديد يؤكد المؤكد أنه جاء بقرار أميركي أو بالحد الأدنى برضى وقبول البيت الأبيض، فقد هنأ الرئيس ترامب الملك سلمان على اختياره وليا للعهد بعد ساعات من تعيينه، ورأى أن "من شأن ذلك أن يعزز الشراكة مع السعودية".

وقال البيت الأبيض إن " ترامب وولي العهد السعودي اتفقا على التعاون بشأن الأمن والاستقرار في أنحاء الشرق الأوسط وخارجه"، وأضاف "كما بحث الزعيمان جهود تحقيق السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين"، وهذا الأمر يطرح علامات استفهام وتساؤلات هل قدمت أي التزامات سعودية بخصوص العلاقة مع "إسرائيل" وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية؟ وماذا يمكن أن يقدمه ولي العهد السعودي في هذا الشأن؟ هل الأمر له علاقة بالانفتاح على تل أبيب أم أن الأمر يتعلق بالعمل على إنهاء وتصفية القضية الفلسطينية؟ خاصة أن الأزمة القطرية أحد أهم أسبابها دعم الدوحة لحركة المقاومة الإسلامية حماس التي تحارب الاحتلال الإسرائيلي، وأي مستقبل للمملكة السعودية سيكون فيما لو صدقت التوقعات والتحليلات بتقديم تعهدات ما بخصوص العلاقة مع "إسرائيل"، علما أن العداء الكبير الذي أظهره محمد بن سلمان تجاه إيران يصب في خانة المصالح أو الرغبة الإسرائيلية الأكيدة.

وهنا لا بد من التذكير بالترحيب الإسرائيلي بتعيين محمد بن سلمان وليا للعهد، حيث رحبت صحيفة "هآرتس" وقالت إنه "زار إسرائيل عام 2015 ويلتقي بشكل دوري مع المسؤولين الإسرائيليين"، فيما علقت القناة السابعة بالتلفزيون الإسرائيلية على تولي محمد بن سلمان ولاية العهد، وأكدت أن "التغييرات الأخيرة في النظام السعودي من شأنها أن تحظى بترحيب ورضاء تل أبيب".

 يبقى أن ننتظر إمكانية حصول أي تطورات جديدة لها علاقة بانتقال مقاليد الحكم إلى محمد بن سلمان، وانتقال الرجل بشكل سريع من ولاية العهد إلى تعيينه ملكا للمملكة السعودية، خاصة أن الأخبار التي تتداول عن صحة الملك باتت كثيرة، فهل سنشهد في الأيام المقبلة تخلي الملك سلمان عن الحكم لصالح ولده ولي العهد؟ والتساؤل الأبرز يبقى في كل ما يجري أين الشعب السعودي وموقفه وهل هو موافق على ما حصل وسيحصل من تغييرات في المناصب أو المواقف السعودية الرسمية؟

أضيف بتاريخ :2017/06/22

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد