التقارير

تقرير خاص: يوم #القدس العالمي: محطة للوحدة وجمع كلمة الأمة.. فهل من مجيب؟!

 

 مالك ضاهر ..

يحيي المسلمون في كثير من دول العالم الإسلامي والعربي في آخر يوم جمعة من شهر رمضان المبارك في كل عام "يوم القدس العالمي" الذي أطلقه الإمام الخميني تكريسا لمكانة القدس في الوجدان الإسلامي ولما لها من قيمة دينية وروحية لدى المسلمين، وكأن الإمام الخميني أراد في هذا اليوم أن يجمع الأمة كلها حول فلسطين بما تتضمنه المناسبة من دلالات تعلق بالمكان والزمان والموضوع.

أما من حيث المكان فلا أحد يناقش على أهمية الأرض في فلسطين حيث مسار الأنبياء وبالأخص القدس التي منها عبر الرسول محمد(ص) خلال الإسراء والمعراج، ومن حيث الزمان فلا زمان أفضل من شهر رمضان لجمع الكلمة على التقوى والوحدة بين المسلمين والقضية المركزية للأمة، ومن حيث الموضوع فالمقدسات التي تمثلها القدس هي مما تجتمع عليه كل الأمة دون اختلاف.

 

معاني إحياء يوم القدس..

ولعل هذا اليوم هو المناسبة الأبرز إن لم نقل الوحيدة المعنية مباشرة بإحياء ذكرى القدس التي تعاني من الاحتلال الإسرائيلي منذ عشرات السنين كما باقي الأراضي الفلسطينية، فماذا تعني هذه الذكرى للعرب والمسلمين؟ ماذا تعني للفلسطينيين أنفسهم؟ وكيف يمكن تجديد إحياء القضية الفلسطينية عبر هذا اليوم؟ وأي رسالة يحملها يوم القدس العالمي للعالم وللأمتين العربية والإسلامية؟ وكيف يتم اليوم التعاطي مع القضية الفلسطينية من قبل الأنظمة الرسمية في العالمين العربي والإسلامي؟ هل هناك من الأنظمة من يقتنع بجدوى إحياء مثل هذا اليوم؟ وهل بعض الأنظمة ما زالت مقتنعة بجدوى بقاء القضية الفلسطينية من أساسها؟ وهل يجب التشدد في الحفاظ على هذه الذكرى وكل ذكرى مشابهة لتذكير العالم والأنظمة العربية ببقاء فلسطين القضية حاضرة رغم كل التنازلات ومحاولات البيع والشراء؟ والأهم من ذلك لماذا يعلن الإمام الخميني هذه الذكرى ولماذا يتلزم الشعب الإيراني بالمثابرة على إحيائها كل عام بشكل لا نجده في أي دولة عربية رغم أن الشعب الفلسطيني هو شعب عربي بالدرجة الأولى؟

الحقيقة أن إحياء يوم القدس يحمل الكثير من المعاني التي تتعلق بالقضية الفلسطينية بما تتضمنه من احتلال لكامل التراب الفلسطيني، وكل ما فيها من ظلم تعرض له شعب فلسطين في الداخل ودول الشتات من تهجير وانتهاك وقتل وأسر، وإحياء يوم القدس هو تركيز على حق العودة الذي يكاد البعض يسقطه من حساباته في طريق تصفية القضية الفلسطينية، إحياء يوم القدس هو تجديد لقضية الأسرى في سجون الاحتلال مع كل ما فيها من انتهاكات يومية لحقوق الأسرى والسجناء وفقا لأحكام القوانين الدولية، إحياء يوم القدس يحتوي ضمنا قضية حقوق اللاجئين في مخيمات اللجوء في دول الشتات، إحياء يوم القدس هو تأكيد على ضرورة النضال اليومي والمقاومة الدائمة ضد الكيان الغاصب لأرض فلسطين.

 

القضية الفلسطينية وتصويب مسار الأمة..

والأكيد أن النظرة الثاقبة للإمام الخميني عند إطلاقه يوم القدس والتشديد على مواصلة إحياء الذكرى هي محاولة مستمرة وجادة لإعادة تصويب وتصحيح اتجاه ومسار الأمة نحو فلسطين من خلال الرمز الفلسطيني الأول والإسلامي أي القدس الشريف، خاصة أن إيران أثبتت في زمان الإمام الخميني وحتى اليوم التزامها بقضية فلسطين فعلا وقولا وليس فقط عبر يوم القدس بل عبر سلسلة طويلة من الأداء السياسي، وليس الإحياء فقط للاستهلاك الإعلامي والشعبوي فقط.

وفي هذه الأيام مع كل ما تعانيه الأمة من شرذمة واضطرابات كبيرة تبرز أهمية التمسك وإحياء يوم القدس، في ظل محاولات البعض لاستبدال القضية الفلسطينية بقضايا أخرى واختلاق أعداء جدد لاستبدالهم بالعدو الأساس للأمة، فكثير من الأنظمة العربية بل الكثير حتى ممن يسمون أنفسهم النخب السياسية والثقافية -انطلاقا من مصالحهم المادية والسياسية- يبحثون عن أسباب مختلفة لتبرير الابتعاد عن القضية الفلسطينية أو إدخال مشاريع تفتيتة للمنطقة أو لفتح نزاعات جانبية ضد دول شقيقة وجارة بهدف تحقيق مصالح ضيقة.

والعنوان الذي تحمله القدس وفلسطين هو أحد العناوين التي يمكن الاستفادة منها للتقريب بين المسلمين والترويج لثقافة الوحدة فيما بينهم، وتحصين جسد الأمة ومنع بث الفتن بين مختلف الأطياف السياسية والدينية، واستنهاض الشعوب العربية والإسلامية نصرة للمقدسات في الأراضي المحتلة.

 

المشاريع المشبوهة وتحرير فلسطين..

ولعل التمعن بالمعاني العميقة التي تحملها ذكرى يوم القدس العالمي تدلنا بشكل أو بآخر على أسباب وخلفيات الكثير مما يحصل في هذه المنطقة من افتعال لأزمات متعددة بسبب أو من دون سبب، تحت عناوين ومسميات مختلفة من الدفاع عن حقوق الشعوب وما يسمى بالثورات العربية وأحيانا تأخذ صور مكافحة الإرهاب في حين قد تعطى أحيانا طابع الدفاع عن فئة في دولة أو عن نظام حاكم مستبد بشعبه بحجة حمايته من تدخلات خارجية بشؤونه، وفي النهاية يظهر أن كل ما يحصل مؤامرات تنسج في الخفاء لمصلحة طرف واحد هو "إسرائيل" التي تستفيد من الاقتتال والنزاع العربي – العربي والعربي – الإسلامي، وبالتالي يصبح كل من يروّج لهذه المشاريع يعمل لخدمة العدو الحقيقي للأمة عن قصد أو غير قصد، ولذلك على الجميع التنبه لكل ما يتم التسويق له من قبل بعض الجهات والتأكد أنه لا يكون له غايات بعيدة أو خافية على العامة.

والأكيد أن تحرير فلسطين والمقدسات فيها سيشكل المدخل الحقيقي لحل كل مشاكل هذه الأمة على مختلف الصعد، لأنه بتحرير فلسطين يكون جسد الأمة وجسد المنطقة قد بات خاليا من المرض الذي ينخر في جسده منذ عشرات السنين والذي زرعه الاستعمار تاريخيا في منطقتنا لأشغالنا ببعضنا والقضاء على قوتنا.

أضيف بتاريخ :2017/06/23

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد