آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
سعد ناجي جواد
عن الكاتب :
كاتب في صحيفة رأي اليوم

أزمة قطر وفضيحة الإعلام وبعض المثقفين العرب


سعد ناجي جواد

ما يحدث في الخليج وما بين دوله أمر خطير ومثير للقلق. فلم يسبق أن وصلت العلاقات ما بين دول مجلس التعاون الخليجي إلى هذا المستوى من التنافر والتباعد والحدة المتصاعدة. واعترف باني لحد هذه اللحظة لم اعرف السبب الحقيقي الذي أوصل الأمور إلى هذا المنزلق الخطير. ولم اقرأ أي تفسير رسمي يمكن أن أجده مقبولا أو مقنعا لهذا النزاع. كما أني لم اقرأ إلا مقالات لا تتعدى عدد أصابع اليد الواحدة اتسمت بالموضوعية والعقلانية وبنفس يحاول أن يقرب أكثر من أن يثير مشاكل جديدة.

عندما تصاعدت الأزمة بين الأطراف الخليجية تذكرت حادثة عشتها في ثمانينيات القرن الماضي ربما توضح وجهة نظري من المشكلة الحالية.

في ذروة الصراع والتنافر بين نظامي الرئيسين الراحلين صدام حسين وحافظ الأسد ظهر الرئيس العراقي على شاشة التلفاز وهو يشن هجوما لاذعا على النظام في سوريا ورئيسه. ومن جملة ما قال أن الرئيس الأسد ألغى دور حزب البعث وحوله إلى منظمة تابعة له يغير قياداته كما يشاء وأنه حول الحزب إلى منظمة تابعة له ولعائلته وأنه قام بتصفية القيادات الحزبية وحل محلها أشخاص يأتمرون بأمره وأخيرا وليس أخرا فأنه عين أخاه رفعت الأسد رئيسا لجهاز المخابرات وسلطه على رقاب القيادات الحزبية والوزراء والشعب. وكنت وأنا اسمع هذه الكلمات أتبسم إذ أن ما كان يقوله، وهو صحيح، كان نفسه يجري ويفعله هو في العراق آنذاك.

 ما دعاني لكتابة هذه السطور، غير الرغبة في أن أدعو من مركزي المتواضع إلى تغليب الحكمة والهدوء ولغة الحوار على التصعيد، سببين، الأول أن هذه الأزمة إذا ما تصاعدت فسوف تقود المنطقة الأخيرة من الوطن العربي والتي تنعم بهدوء واستقرار نسبي إلى نيران لا يمكن إخمادها. والثاني هو ما لاحظته وبألم ، ومعي الكثيرين، من ردود أفعال الصحافة العربية والإعلاميين والمعلقين الذين ظهروا ومايزالون على الجمهور المتلقي، كل منهم يهاجم الطرف الأخر ويحرض عليه. وعلى الرغم من أن اغلب الصحف العربية الكبرى تدعي الاستقلالية والحياد والمهنية إلا أن أول نتائج الأزمة الحالية هو الكشف عن تبعية هذه الصحف و مصادر تمويلها. ومن المؤسف انه رغم التاريخ الطويل للصحافة العربية إلا أن أي منها لم يتمكن من إقناع العامة باستقلاليتها، و ربما تكون التكاليف الباهظة لغصدار وإدامة الصحف اليومية هو ما يجعلها تقبل بالمال المشروط، ولكن كان يفترض أن لا يكون ذلك على حساب الموضوعية والأهداف الوطنية العامة. وفي الحقيقة بان بعض الصحف الغربية ناقشت المسالة بموضوعية أكثر، لا بل حتى بعض الصحف الإسرائيلية كانت واضحة في مناقشتها لهذه الأزمة وكيف أن استمرارها يخدم المصالح الإسرائيلية. و يؤسفني أن أقول أن الأزمة الحالية كشفت تبعية الغالبية العظمى من الصحافة و الفضائيات العربية بل وحتى بعض السياسيين . الأمر المؤلم الأخر هو كثرة المتبرعين والمساهمين في التحريض والتصعيد وإثارة كل طرف على الطرف الأخر، الذي لايمكن تفسيره إلا طمعا في الحصول على مكاسب مادية. والسبب الذي يدعوني لقول ذلك أن كل ما قيل كان يحدث منذ سنين طويلة ولم نشاهد أية انتفاضة من هؤلاء المعلقين  كالتي نشاهدها أو نسمعها اليوم. ويبقى الأمر الأكثر إيلاما هو انخراط عدد غير قليل من الأكاديميين وحاملي الشهادات العليا في حملات التحريض والتصعيد هذه وهم الذين كان يجدر بهم أن يتحروا الموضوعية والأسلوب العلمي في مناقشة الأمور. أن ما يحدث والخشية من تصعيدات أكبر ودخول أطراف خارجية منتفعة من هذا التوتر لابد وأن يذكرنا بحوادث وتوترات نتجت عنها حروب لم يدفع ثمنها إلا المواطن العربي ناهيك عن تبديد الثروات العربية على شراء الولاءات والسلاح وبعد ذلك تكاليف إعادة بناء ما دمرته هذه الحروب.

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2017/06/24

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد