آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
عبد الباري عطوان
عن الكاتب :
كاتب وصحفي سياسي فلسطيني رئيس تحرير صحيفة رأي اليوم

خطاب السيد نصر الله في يوم “القدس العالمي” كشف عن إستراتيجية قتالية جديدة


 عبد الباري عطوان

نادرا ما يتم ذكر دولة الاحتلال الإسرائيلي كعدو هذه الأيام، وإذا ذكرت فأن هذا يأتي في إطار خطوات التطبيع التي تقدم عليها حكومات عربية عديدة، وعلى أعلى المستويات للأسف، وكل ما يجري في المنطقة العربية من حروب وصراعات هذه الأيام، في سورية في اليمن في ليبيا يصب في مصلحة تفكيك الأمتين العربية والإسلامية، وإضعافهما، ونقل إسرائيل من خانة العدو إلى خانة الحليف والصديق.

خطاب السيد نصر الله زعيم “حزب الله” بمناسبة اليوم العالمي للقدس جاء استثناء لهذه القاعدة، خاصة تحذيره بأنه إذا شنت إسرائيل حربا على لبنان، أو قطاع غزة، أو سورية، “فمن غير المعلوم أن يبقى القتال لبنانيا إسرائيليا أو سوريا إسرائيليا، وقد يتم فتح الأجواء لعشرات الآلاف، بل مئات الآلاف للمجاهدين والمقاتلين من كل أنحاء العالم العربي والإسلامي.. من العراق واليمن، ومن إيران وأفغانستان وباكستان ومختلف أنحاء الدول العربية والإسلامية”.
***
صحيح أن دول المراكز العربية مثل العراق وسورية ومصر أما تواجه حروبا داخلية طاحنة بتخطيط أمريكي لاستنزافها بشريا، وإضعافها اقتصادية، وتدمير قدراتها العسكرية، وتكفيرها بمبدأ القتال لتحرير المقدسات والانكفاء داخليا، ولكن الصحيح أيضا أن هذه الغيوم السوداء بدأت في الانقشاع، وبشكل متسارع، وأن حركات المقاومة، في لبنان وفلسطين خاصة، بدت متماسكة، وأكثر قدرة على الصمود، وامتلاك الإمكانيات العسكرية التي تؤهلها للتأقلم مع المتغيرات في المعادلات الجديدة.

السيد حسن نصر الله ربما أراد أن يقول في هذا الخطاب أن الحرب القادمة، في حال اشتعال فتيلها، لن تكون مقتصرة على اللبنانيين والسوريين والفلسطينيين، وإنما ستكون دائرتها أوسع لتشمل مشاركة عربية وإسلامية أكبر، وستكون هذه الحرب مكلفة جدا لدولة الاحتلال الإسرائيلي التي لن تنتصر فيها مطلقا.

نتفق معه هنا في إشارته إلى سورية كونها دولة مركزية في محور المقاومة، وداعم أساسي لحركاتها، وتشكل عقبة أمام أي تسوية شاملة تريد إسقاط القضية الفلسطينية، والإتيان بقيادات عربية وفلسطينية ضعيفة تقبل بالإملاءات الإسرائيلية الأمريكية، وتسقط كل الثوابت الوطنية، وتفتح دولها لرجال الأعمال والأمن والدبلوماسيين في تعايش مع العدو، دون تنفيذه لأي من القرارات الدولية.

السلاح الجديد الذي طورته فصائل المقاومة وحلفاؤها، وأصبحت تملك عشرات، أن لم يكن مئات الآلاف منه، هو أكثر ما يقلق الإسرائيليين ويرعبهم هذه الأيام، وهذا ما يفسر غارات سلاح الجو الإسرائيلي المتعددة على قوافل الصواريخ المتوجهة من سورية إلى “حزب الله” في لبنان.
حركة المقاومة الإسلامية “حماس″ عادت إلى حاضنة المقاومة اللبنانية بشكل أقوى من أي وقت مضى، وعندما ضاقت قطر بقياداتها الميدانية بسبب الضغوط التي تمارس عليها عربيا وأمريكيا، لم تجد إلا بيروت وجهة لها، ونستطيع أن نؤكد أن السيد موسى أبو مرزوق نائب رئيسها التقى السيد حسن نصر الله على رأس وفد كبير لتعزيز أواصر التنسيق والتعاون بين المقاومتين اللبنانية والفلسطينية.
***
إسرائيل التي هددت أكثر من مرة بغزو لبنان واجتياح قطاع غزة، تتردد في ترجمة هذه التهديدات على الأرض، وإذا تأملنا التصريحات التي أدلى بها قبل أيام معدودة رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، وقال فيها إنه في الحرب المقبلة ضد حزب الله ستستخدم كل قدراتها العسكرية.

مؤسسة الحرب الإسرائيلية جربت حظها، وحاولت اقتحام قطاع غزة ثلاث مرات، واجتاحت جنوب لبنان بدباباتها وطائراتها عام 2006، وفشلت فشلا ذريعا في كل هذه الحروب لأنها وجدت مقاومة شرسة، ورجالا مستعدين للقتال حتى الشهادة دفاعا عن الأمة والعقيدة، والفارق بات كبيرا من صواريخ وقدرات المقاومة قبل عشر سنوات وبعدها، وهذا ما يفسر التردد والرعب الإسرائيليين.

المقاومة بشقيها الإسلامي والعربي حققت “توازن الردع″ مع دولة الاحتلال، وباتت كل مدن فلسطين المحتلة من رأس الناقورة حتى مدينة أم الرشراش (ايلات) في أقصى الجنوب هدفا لصواريخها النوعية المتطورة.

نحتاج إلى من يعيدنا إلى الأولويات، والبوصلة الصحيحة، والثوابت الوطنية، في زمن الانهيار العربي، وما جاء في هذا الخطاب حقق هذا الهدف.

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2017/06/24

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد