آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
ثروت قاسم
عن الكاتب :
كاتب من السودان

كيف سوف يؤكل الرئيس البشير يوم اُوكل الثور الأبيض القطري؟

 

ثروت قاسم

تداعيات الأزمة الخليجية على نظام البشير ؟

نستعرض في النقاط أدناه خلفيات ومآلات الأزمة الخليجية ، وبالأخص تداعياتها على نظام البشير :

 

اولاً : + نزعم ، وبعضه إثم ، إن الأزمة الخليجية يمكن حلها في يوم ، إذا قرر ترامب تفعيل متلازمة ايزنهاور 1956 .

 بعد العدوان الثلاثي من بريطانيا وفرنسا وإسرائيل ضد مصر عبدالناصر في 1956 بعد تأميمه قناة السويس ، واحتلالهم لسيناء والضفة الغربية وقطاع غزة ، أمر ايزنهاور المعتدين الثلاثة مغادرة الأراضي التي احتلوها ، فإمتثلوا بدون أي بغمات .

 

متلازمة ايزنهاور 1956 صالحة في الأزمة الخليجية الحالية ، فهي تجسيد ل 13 و14 النازعات :

فإنما هي زجرة واحدة . فإذا هم بالساهرة .

 يمكن لترامب ، إذا أراد ، وضع حد لهذه الأزمة العبثية بإشارة منه للأخوات الأربعة + مصر … فإذا هم بالساهرة ؟

 

لتوكيد هذه الفرضية ، نذكرك يا حبيب بأنه في يوم الأربعاء 5 يوليو ، وفي أثناء اجتماع وزراء خارجية دول الحصار الأربعة في القاهرة ، تلفن ترامب للرئيس السيسي بأن يروق المنقة ، فروق السيسي المنقة والبرتقان والموز . وبدلاً من المطالب ال 13 شديدة اللهجة والتحديد ، أعتمد السادة الوزراء 6 موجهات عامة وهلامية وحمالة أوجه ، ولم يتخذوا أي إجراءات تصعيدية ضد قطر ، بل روقوا المنقة كما أمرهم ترامب ؟

 

في سياق مواز ، في يوم السبت 8 يوليو تباحث وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون مع وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في مدينة هامبورغ حول الأزمة الخليجية .

 

 في يوم الاثنين 10 يوليو تباحث السيد تيلرسون في الكويت مع أمير الكويت ، ومع مستشار أمير قطر السيد تركي المشطي حول حلحلة الأزمة الخليجية سياسياً .

 

كلامات … كلامات … كلامات ؟

لم يقرر ترامب بعد استعمال متلازمة ايزنهاور 1956، بل ربما قدر إنه في مصلحة أمريكا وإسرائيل أن تستمر الأزمة الخليجية على نار باردة ، ليتمكن من ابتزاز الجميع ، واستحلاب الأبقار الخليجية بصفقات السلاح المليارية .

 

 ثانياً :  قطر وأخواتها الثلاثة ، السعودية والأمارات والبحرين ، يمثلون أحمد وحاج أحمد من حيث النظام السياسي الشمولي والوراثي ، والثقافة القبلية ، وكبت الحريات .

 

شارك الأربعة أخوات في خندق واحد في قمع انتفاضة البحرين في عام 2011 ، وتدمير اليمن حتى طرد قطر في يونيو 2017 ، ودعم جبهة النصرة القاعدية في سوريا حتى توقف الدعم مع بداية الأزمة الخليجية ، ودعم المعارضة السنية في العراق الذي توقف مع بداية الأزمة مع قطر .

 

 ولكن شذت قطر عن أخواتها الثلاث في حالتي مصر وليبيا بدعم قطر الطرف المقابل … دعم قطر للربيع العربي وثورة يناير 2011 في مصر ودعم الأخوات للثورة المضادة ، وفي ليبيا دعم قطر لمليشيات الإخوان ودعم الأخوات للجنرال خليفة حفتر .

 

 ثالثاً: يجب أن لا ننسى أن الشاعر القطري محمد العجمي قد نال حكما بالسجن المؤبد لإلقائه قصيدة تتضمن تعريضا بنظام الحكم… وهو نفس الحال في الدول الأربعة الأخرى؟

 

مثالا وليس حصراً ، وفي يوم الأحد 9 يوليو 2017 ، أيدت محكمة التمييز في الكويت حكم حبس مغرد 10 سنوات مع الشغل والنفاذ ، بسبب تغريدات له عبر موقع التواصل الاجتماعي.

 

رابعاً : مطالبة دول الحصار الأربعة بإغلاق قناة الجزيرة مطلب يدين أصحابه ، ويؤكد أنها أنظمة قمعية لا تطيق النقد ولا تسمح بالرأي الآخر. وهي التي تملك على قنوات تلفزيونية تردح في قطر وعائلتها المالكة صباح مساء ، وتستعمل ساقط القول مثل ( طز في قطر ) .

أثار هذا المطلب التعسفي استنكاراً عالمياً صب في مصلحة قطر .

 

خامساً: ماهو المنطق وراء مطلب دول الحصار الأربعة الإغلاق الفوري للقاعدة العسكرية التركية في قطر ، والولايات المتحدة تمتلك قواعد جوية أو بحرية في جميع دول الخليج ؟

 

سادساً: مطلب دول الحصار الأربعة بخفض قطر التمثيل الدبلوماسي مع إيران أثار سخرية المجتمع الدولي لأن الكويت وعُمان تقيمان علاقات على مستوى السفراء مع إيران، ودبي تُعتبر الشريك التجاري الثاني لإيران ، كما صرحت مصر ، بالواضح الفاضح ، إن إيران ليست عدواً ؟

 

سابعاً: في يوم السبت 8 يوليو 2017 ، استقبل أمير قطر في الدوحة السيدة فاتو بنسودا المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية ، التي أشادت بالطريقة الحكيمة والصحيحة التي تعاملت بها قطر مع الأزمة الخليجية .

طلبت السيدة فاتو من أمير قطر :

الاستمرار في دعم قطر لمحكمة الجنايات الدولية .

المساعدة في القبض على الرئيس البشير عند أول زيارة له لقطر .

 الآن أمير قطر بين نارين إذا فكر الرئيس البشير في زيارة قطر ، خصوصاً وهو يراهن على دعم المحكمة في أزمته مع دول الحصار الأربع .

قطعاً لن يزور الرئيس البشير قطر في المنظور القريب ؟

 

ثامناً : أم مطالب دول الحصار الأربعة هي عدم دعم قطر للمنظمات الإرهابية … ويقصدون حركة حماس التي تقاوم حليفتهم إسرائيل . أضعفت دول الحصار الأربعة هذا المطلب الأساسي ، بدستة مطالب أخرى غير قابلة للتنفيذ ، و تتعارض مع مبادىء الديمقراطية ، وحرية التعبير ، ومع الحقوق السيادية المشروعة للدول.

 

تاسعاً :  كانت إستراتيجية الرئيس أوباما على مدى ثماني سنوات, تقوم على دعم الديمقراطية والربيع العربي والإسلام السياسي وعماده الإخوان المسلمون , وعقد الصفقة النووية مع إيران ، وتشجيع دول المنطقة لحل مشاكلها فيما بينها. استعملت إدارة أوباما قطر في تنفيذ هذه الإستراتيجية,في العراق وسوريا وليبيا وغزة والصومال ، بالتعاون مع إيران وتركيا .

 

 في هذا السياق ، وفي يوم الثلاثاء 4 يوليو 2017 ، أكد الجنرال الامريكي بترايوس ، الرئيس السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الامريكية ، بأن قطر استضافت بعض المنظمات الإرهابية مثل حماس وطالبان ، بطلب من إدارة أوباما ، ليسهل التحدث معهم في الدوحة ،وبالتالي لا يمكن اتهام قطر بدعم الإرهاب بدعمها لحماس .

 

 تأسيساً على توكيدات الجنرال بترايوس الداعمة لقطر ، طالبت قطر يوم السبت 8 يوليو دول الحصار الأربع بتعويض على الخسارات المادية والمعنوية التي خسرتها قطر جراء الحصار غير القانوني ضدها من دول الحصار منذ يوم الاثنين 5 يونيو 2017 .

 

عاشراً: يبقى السؤال: ماهى الخيارات المتاحة أمام دول الحصار الأربع ، بعد رفض قطر مطالبها ال 13 بداية وال 6 لاحقاً ؟

 

يمكن الإشارة لثلاث خيارات :

واحد :  الخيار العسكري غير وارد ، وغير مقبول دوليا أو إقليميا.

اثنين :أعلن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أن خيار تغيير النظام في قطر غير مطروح على الطاولة ، وغير مقبول دولياً .

ثلاثة : يبقى الخيار الثالث وهو التركيز على تغيير سياسات قطر من خلال إنفاذ العقوبات الاقتصادية والدبلوماسية لتغيير سياسات قطر ، مع الإبقاء على النظام الأميري بدون تغيير .

 

سياسة فرض العقوبات تتطلب النفس الطويل ، وعليه ربما عشنا مع الأزمة الخليجية لأكثر من عشر سنوات ، كما عشنا مع العقوبات ضد العراق لأكثر من عشر سنوات قبل الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003 .

 

أحد عشر: محصلة الأزمة الخليجية كانت هدنة في القتال في اليمن وسوريا والعراق ، وعودة المقاومة في مصر ضد الدولة البوليسية ، وتخفيف حصار غزة … والأهم في نظرنا إحراج نظام البشير ؛ بطلب دول الحصار الأربعة من الرئيس البشير أن يتخذ موقفاً أما معهم وضد قطر أو مع قطر وضدهم ؟

 

ولما لم يمتثل الرئيس البشير لطلبهم وآثر أن يكون على الحياد داعماً لمبادرة الكويت ، قلبوا له ظهر المجن ، واتخذوا عدة إجراءات عقابية ضد نظام البشير ، نذكر منها ، مثالاً وليس حصراً ، خمس إجراءات كما يلي

 

واحد : عينت السعودية الفريق طه عثمان الحسين المغضوب عليه من الرئيس البشير والذي تمت تنحيته من مناصبه الرسمية بطريقة مذلة ، عينته مستشاراً لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان للشؤون الأفريقية … كيتن في الرئيس البشير ، وعشان تاني ؟

 

اثنين : أخطر الأمير خالد بن سلمان ، السفير السعودي في واشنطن ، راينس بريبوس مدير مكتب ترامب ، بأن السعودية تسحب طلبها لترامب رفع العقوبات الأمريكية ضد نظام البشير نهائياً بحلول يوم الأربعاء 12 يوليو ، وإنها غير معنية بهذا الموضوع .

 

ثلاثة : فشلت زيارة الرئيس البشير للسعودية التي امتدت من الاثنين 19 إلى السبت 24 يونيو 2017 ، لأن الملك سلمان وكذلك الأمير محمد بن سلمان لم يعطياه أي فرصة لطرح مبادرته بخصوص المصالحة مع قطر عند لقائه بهما .

 

أربعة : في يوم السبت 8 يوليو 2017 ، استقبل الشيخ محمد بن زايد الجنرال الليبي خليفة حفتر استقبال الأبطال في مطار أبوظبي ، مؤكداً دعمه الكامل وغير المشروط للجنرال حفتر ضد أعدائه . المعروف أن الرئيس البشير يعتبر الجنرال حفتر من ألد أعدائه ويتهمه بدعم حركات دارفور المسلحة . ويتهم الجنرال حفتر الرئيس البشير بدعم المليشيات الإسلامية المسلحة في ليبيا .

 وكما يقول المثل ، عدو صديقي الجنرال حفتر … عدوي ؟

 

خمسة: الجفوة بين نظام السيسي ونظام البشير في ازدياد كل يوم ، وجاءت الأزمة الخليجية لتصب الزيت على نيران هذه الجفوة ؟ لا ننسى في هذا السياق ، وقوف السعودية مع مصر وضد السودان في مسالة مثلث حلايب .

 

فقد الرئيس البشير عطف ودعم دول الحصار الأربعة ، ولا نعرف ما قاله أمير قطر لفاتو بن سودا في الدوحة يوم السبت 8 يوليو عندما طلبت منه المساعدة في القبض على الرئيس البشير ؟

 

سادسة : لم يتوان سعادة سفراء دول الحصار الأربع المعتمدين لدى الخرطوم في أن يزيدوا ضغثاً على إبالة بأن يخرجوا على الأعراف الدبلوماسية ويهددوا نظام البشير :

 إما معنا وضد قطر أو مع قطر وضدنا ؟

 

هذه إهانة للكرامة السودانية المهدرة منذ 28 عاماً ؟ ولكن من يسمع المتنبي وهو ينشد :

فلا عبرت بى ساعةً لا تعزني *

ولا صحبتني مهجةً تقبل الظلما.

 فهل يؤكل الرئيس البشير يوم اؤكل الثور الأبيض القطري ، بعد أن توالت عليه لكمات الأعراب ، وسقطت عنه ورقة التوت ، وبدأ في بل رأسه ؟

انتظروا … إنا معكم منتظرون .

 

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2017/07/12

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد