آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
محمد يوسف الشديفات
عن الكاتب :
كاتب

من المسؤول عن قرار إطلاق سراح “قاتل الأردنيين”؟

 

محمد يوسف الشديفات

 

عندما يطلق وزير الخارجية الأردني تصريحاً يصف فيه استقبال الكيان الصهيوني لقاتل الأردنيين “بالمعيب”، تدرك حينها مدى العجز والهوان الذي وصلنا إليه، كما تدرك أيضاً أثناء “ندب” معاليه عبر وسائل الإعلام الرسمية، مدى “الورطة” والمأزق الذي وضعنا فيه أنفسنا، واضعين تاريخنا السياسي والدبلوماسي، وعلاقاتنا الدولية، وأغنية “حيطنا مش واطي” على المحك، فاستقبال الكيان الصهيوني للقاتل لم يكن معيباً، بل المعيب أن تجلس وترتجي من “نتنياهو” أن يفعل غير الذي فعل!

 

بعيداً عن لغة العاطفة، ولكي نضع الأمور في نصابها الصحيح، فإن الأردن لا يستطيع أن يحتجز طاقم السفارة الإسرائيلية على أراضيه، وذلك لأسباب تتعلق بالمعاهدات والمواثيق الدولية، إلا أنه ليس من المعقول أيضاً أن يتم إطلاق سراح “القاتل” بهذه السرعة، وحتى لو تم ذلك بالفعل، فأين هي الضمانات التي كان يفترض بها أن تجبر إسرائيل على التعامل مع الحادثة وفق ذات المعاهدات والمواثيق التي نحترمها ونطبقها؟ هنا لا بد لنا أن نعرف من المسؤول، أدبياً على أقل تقدير، عن قرار إطلاق سراح “قاتل الأردنيين” وعودته إلى أحضان رئيس وزرائه معززاً مكرّماً؟ وهل اخذ صانع القرار بعين الاعتبار خبراتنا المتراكمة مع الكيان الصهيوني الذي لم يعد يقيم لنا وزناً حتى قبل حادثة السفارة؟

 

التصرف الأولي الذي بادرت به الحكومة، والذي تمثل باحتجاز طاقم السفارة داخل المبنى، أرسل رسائل ايجابية إلى الشارع الأردني، كان أقلها أن الأردن سوف يدير الأزمة بكل حزم، إلا أن الأمر سرعان ما انقلب إلى “تحقيق” تم انجازه خلال أقل من 24 ساعة، ومغادرة موكب السفارة تحت حراسة مشددة، ومؤتمر صحافي للحكومة الأردنية كان ينقصه “لطم الخدود وشق الجيوب”، وهذا ما فسر الوعود التي صدرت عن نتنياهو منذ بدء الأزمة لطاقم السفارة بأنهم سوف يعودوا إلى بيوتهم، والتي اعتقدناها لبعض الوقت أنها ضرب من الجنون، لنكتشف بعدها أننا نحن المجانين!

 

إن ملف السياسة الخارجية برمته هو من اختصاص جلالة الملك، وهو وحده القادر على اتخاذ قرار بحجم السماح لطاقم السفارة بالمغادرة، إلا أن الملك معفي بالدستور من أي تبعة ومسؤولية، وفي الوقت ذاته، فالحكومة لا حول لها ولا قوة، ولا تملك إلا أن تُلحق القرار الذي اتّخذ خلف الكواليس، وربما دون علمها، بتبريرات بدا جلياً أنها لم تقنع الحكومة نفسها، بالرغم من تذرعها بمتابعة القضية “قانونياً”، ولذلك ظهر المشهد الرسمي، وكما جرت العادة، مرتبكاً ومشوشاً وغير مفهوم!

 

نتنياهو كان على يقين بأن الأحداث سوف تجري كما خطط لها، وهو يعلم أيضاً بأننا سوف “نبتلعها كما ابتلعنا غيرها”، مشكلتنا ليست مع نتنياهو ، مشكلتنا “منا وفينا”!.

 

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2017/07/28

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد