آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
عبد الله علي السليماني
عن الكاتب :
كاتب سعودي

الأطفال وخطورة استخدام الأجهزة اللوحية

 

عبدالله علي السليماني

 

ربما يكون العنوان في الوهلة الأولى صادما بعض الشيء للقارئ الكريم، وربما يتبادر إلى أذهانكم ذلك السيناريو الذي يشاهده البعض بشكل يومي، في المنزل، في الحديقة، في السوق، في كل مكان، ألا وهو ظاهرة استخدام الأجهزة اللوحية للأطفال بشكل مفرط ومبالغ فيه، والذي أدى إلى ظهور مشاكل صحية وسلوكية لا تحمد عقباها، بالإضافة إلى إدمان الأطفال على مشاهدة التلفاز وبالتحديد مشاهدة قنوات الأناشيد وقنوات الأطفال التي تقدم المحتوى غير اللائق والضارة في الغالب، والتي بدورها أفرزت لنا جيلا يعاني من اضطرابات اللغة وتشتت الانتباه والنشاط الزائد وغيرها من المظاهر السلوكية السلبية، الأمر الذي ينذر بخطر قادم يهدد هؤلاء الأطفال بشكل مستمر ويظهر لنا سمات شخصية منحرفة وأعراض صحية وسلوكية خطرة تؤدي إلى نشوء العديد من الأزمات لكيان الأسرة أولا وللمجتمع ثانيا.

 

في الماضي عندما كنا نجوب الشوارع والميادين والحدائق كنا نرى الأطفال والفتيان يمارسون الأنشطة الطبيعة التي تتوافق مع فطرتهم ومراحل نموهم السليمة، كنا نرى الأنشطة الحركية متمثلة في لعب كرة القدم والاستمتاع بالمراجيح وغيرها من أدوات الترفيه التي تعزز مبدأ النشاط الحركي والعقلي، وتنمي المهارات اللغوية والاجتماعية لديهم، وتعزز الجوانب الصحية، كل ذلك اندثر مع ظهور ثورة التقنية عندما غزتنا الأجهزة اللوحية والألعاب الالكترونية وقنوات الأطفال ومحطات بث الأناشيد من غير حول لنا ولا قوة، حيث تم استخدامها من قبل الأسرة بشكل مفرط غير مبالية بالعواقب، للتخلص من أعباء التربية والاهتمام التي تعتبر من أهم استثماراتها في الحياة عندما تجتهد وتخلص فيها لتعد وتربي أطفالها على أسس ومبادئ راسخة مبنية على تعزيز مراحل النمو وتطوير جميع جوانب الشخصية لديهم والمحافظة على النواحي الصحية والسلوكية، ولكن كل ذلك ذهب في مهب الريح، فقد استخدمت هذه الوسائل والأجهزة بشكل عكسي وسلبي، حيث أظهرت هذه الممارسات الخاطئة والإهمال في متابعتها وتقنينها نواتج وتبعات سيئة وخطيرة منها، ظهور المشاكل الصحية لدى الأطفال في سن مبكرة كضعف النظر ومشاكل الإبصار المتكررة، حيث برز استخدام العدسات المكبرة - النظارات - للأطفال في سن مبكرة جدا، ظهور بعض المشاكل السلوكية والمعرفية كتشتت الانتباه وعدم القدرة على تنفيذ التعليمات البسيطة، النشاط الزائد، العدوان، الانطوائية، وغيرها من المظاهر السلبية التي تظهر لدى الأطفال بسبب الاستخدام الخاطئ للتقنية والإهمال في المتابعة من قبل الأسرة، وقد نادى المتخصصون والمهتمون بالجوانب التربوية والنفسية بالعديد من النصائح والتوجيهات لتخفيف من هذه الممارسات الخاطئة والمظاهر السلوكية السلبية ومعالجتها قدر الإمكان، حيث قال الدكتور مصطفى أبوسعد المستشار النفسي والتربوي «الطفل طفل وعليه أن يعيش طفولته بمراحلها وخصائصها وعلينا أن نساعده ليعيشها بسرعة محددة أبطأ من سرعة اليوم في النضج، لينمو الأطفال نموا سليما»، ويقول الأستاذ الدكتور نايف الزارع أستاذ التربية الخاصة بجامعة جدة والمستشار التربوي «أنصح إخواني الآباء وأخواتي الأمهات بضرورة الاهتمام بالتفاعل (اللعب والحديث المباشر) مع أطفالهم منذ الميلاد بلهجتهم الطبيعية، وكذلك توفير أكبر قدر من التفاعل مع الأطفال في أكثر من المكان» داخل المنزل وخارجه ويذكر البروفسور نايف أيضا «أن الجمعية الأمريكية لطب الأطفال أوصت بعدم إتاحة الفرصة للأطفال بمشاهدة التلفاز قبل عمر سنتين، ومن 2-5 سنوات يسمح بحد أقصى ساعة يوميا»، وخلاصة ما تم ذكره يجب التأكيد على ضرورة القيام بالدور الفعال للأسرة من خلال الاهتمام برعاية وتربية أطفالها من خلال الالتزام بالقواعد والقوانين العامة المتوافقة مع المعايير الدينية والاجتماعية والتربوية السليمة في تعاملهم معهم وتكثيف الاهتمام بالتفاعل المباشر معهم بالحديث والتقرب منهم وتقنين الاستخدام المفرط للتقنية والحد من مشاهدة قنوات الأطفال والأناشيد التي تؤدي إلى أضرار سلوكية واجتماعية وصحية تؤثر على الطفل على الصعيد اللغوي والمعرفي والاجتماعي، وتؤدي إلى أزمات مستقبلية ترهق كاهل الأسرة وتفرز العديد من المشاكل الأسرية.

 

صحيفة مكة

أضيف بتاريخ :2017/07/28

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد