آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
صباح علي الشاهر
عن الكاتب :
كاتب عراقي

في رسم الساعين إلى انفصال كردستان نقاط ينبغي أن توضع بالحسبان


صباح علي الشاهر

1-إن قطاعا واسعا من العراقيين يتمنى هذا الانفصال اليوم قبل الغد، وهو قطاع في أغلبه صامت ، ولموقفه هذا أسباب تتحمل القيادات الكردية مسؤليتها ، بعضها صحيح تماماً، فقد تجاوزت القيادة الكردية في عمليات الابتزاز كل الحدود، وبعضها مبالغ فيه ينم عن ميل للإنعزال والاستئثار بما يحسبونه مصدر ثراء البلد.

2-عندما يتم التطرق إلى أخطاء القيادات الكردية المميتة، والتي عرضت وتعرض وحدة وسلامة الوطن والمنطقة إلى الخطر،  فهذا لا يعني تجاهل أخطاء القيادات العربية بحق الشعب الكردي، والتي ارتقى بعضها إلى مصاف الإبادة الجماعية .

3-القيادات العربية، بالأخص التي تشارك القيادات الكردية في حكم البلاد، أدانت كل ممارسات القيادات العراقية السابقة بحق الكرد، لكن القيادات الكردية لم تدن لحد الآن أي ممارسة خاطئة قامت وتقوم بها.

4- حق تقرير المصير مكفول للشعوب المستعمرة، وليس لشعوب الأوطان المتعددة القوميات، ولو كانت هذه هي الحال لما بقي وطن على وجه الكرة الأرضية دون أن يتقسم ، لذا فإدعاء ” حق تقرير المصير” لا محل له من الإعراب في الحالة العراقية ، وكذا الحالة الإيرانية والتركية، وبقية البلدان المتعددة القوميات ، وهي الأغلبية المطلقة في عالمنا المعاصر . أن الادعاء بأن الانفصال يتضمن ضمان حق الأقليات ، إدعاء لا مسوغ له، فحق الأقليات تتضمنه القوانين والشرائع والدساتير ذات الصبغة الديمقراطية، والموسومة بالعدل والمساواة ، وهي الضمانة الحقيقية لحقوق ليس الأقليات فقط ، بل جميع المواطنين، أن الانفصال قد يكون في مصلحة الساسة ، ومن يتصدر المشهد السياسي ، بحيث يحقق طموحاتهم في السلطة ، ويشبع ميلوهم بالاستئثار، لكنه في النهاية ، وبالأخص في حالة كحالة كردستان ، سيكون ذا تأثير ضار بشعب كردستان ، والمنطقة برمتها.  إن استغلال واستثمار ” حق تقرير المصير ” بشكل سيء ، ووضعه في الوضع الذي لم يشرع من أجله ، وإدراجه في خانة ما يسمى “حقق الشعوب” ، إنما هو مثيل من يعتبر الحركة الصهيونية حركة تحرر وطني !.

5- الكرد الآن حاكمون بلا منافس في مناطقهم، لا يشاركهم إخوانهم عرب العراق ولا حتى بجندي نفر ، ولا فراش ، ولا ساعي بريد ، في حين أنهم يشاركون القسم العربي من العراق في الحكم، بمناصب عليا تبدأ من رئيس الجمهورية، والوزراء ، والسفراء والقناصل ، والنواب ، ورؤساء  الهيئات الخاصة، وتتدرج حتى أدنى مرتبة، ويعملون بكامل الحرية في طول البلاد وعرضها، وهم نشطون إقتصادياً، ويمتلك أو يشارك أغنياءهم في أهم الشركات والمؤسسات الاقتصادية والخدمية الخاصة، ويتمتعون باستحقاقهم، ليس وفق نسبتهم السكانية بل أكثر، وهم إذ يأخذون أكثر من حصتهم من الميزانية العامة فإنهم لا يدفعون شيئاً للدولة المركزية كما تفعل بقية المحافظات ، وحتى النفط في منطقة كردستان يستأثرون به، ويصدرونه ويبيعونه بمعزل عن شركة ” سومو” الوطنية ، لذا فإدعاء الإقصاء والتهميش لا مسوغ له .

6- القيادة الكردية لا تحارب نظام ، بل تحارب الكيان العراقي، وأدلة هذا يثبتها تأريخ العراق الحديث، فقد حاربت النظام الملكي ، ونظام قاسم، وعبد السلام عارف، ونظام البعث، والنظام الحالي الذي شاركت في خلقه والذي أوجده الاحتلال، وأغلبية القيادات الكردية تعتبر الكيان العراقي كياناً مصطنعاً، وهو نتاج الاستعمار البريطاني .

7-القيادات الكردية كانت ومازالت معتمدة على الخارج، وبالأخص الخارج الذي يكون في عداء مع الحكومة المركزية، كانت مع الشاه ضد العراق، حتى باعهم الشاه مقابل حصة له في شط العرب، ومع تركيا ضد العراق، و ستبيعهم تركيا خشية امتداد تأثير الانفصال عليها، واعتمدت على أمريكا البلد المحتل، وكل الدلائل تشير إلى أن شهر العسل مع أمريكا لن يدوم إذا خالفت القيادة الكردية رغبة أمريكا في عدم الانفصال، فالإتباع بالنسبة لأمريكا مدعومين طالما هم في سياق المصالح العليا لأمريكا، لكنهم يصبحون أعداءاً لمجرد عرقلتهم هذه المصالح، يخطيء من يعتقد أن الاعتماد على الخارج سيدوم، فموقف الخارج تتحكم به حسابات أكبر من كردستان، وتتعلق أساساً بمصالح الخارج لا مصالح الكرد، ولعل واحدة من أخطاء القيادات الكردية هذا التعويل على الخارج ، والذي لم تثبت صحته يوماً من الأيام.

8- هل يستطيع مسعود البارزاني تأكيد أن حال الكرد عند انفصالهم عن العراق سيكون أحسن مما هم عليه الآن ، وفي حال ثبت العكس ، فماذا سيكون موقف الشعب الكردي من قيادته التي نقلته من حال إلى حال .

9- كيف يمكن لمسعود فرض الاستقلال على الحكومة المركزية أن هي رفضته ، وعلى دول الجوار وهي رافضة بالقطع، هل سيدخل حرباً مع العراق وإيران وتركيا، وما هي نتيجة مثل هذا الفعل على كردستان وشعبها ؟

10- في حالة عدم حدوث الحرب التي لا يتمناها أحد، فهل تستطيع كردستان العيش إذا ما تمت مقاطعتها من جهاتها الأربع، ولماذا على الشعب الكردي تحمل العناء من أجل أن تصبح العائلة البارزانية سلالة حاكمة؟

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2017/08/13

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد