آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
د. علي الهيل
عن الكاتب :
أستاذ جامعي وكاتب قطري

بعد فرضية نفاد الصبر الإستراتيجي لأمريكا.. تواصل كوريا الشمالية إطلاق صواريخها..


أ.د. علي الهيل

بلغ التوتر مداه و تعداه كما يبدو بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة الأمريكية و معها بالطبع خلفاؤها اليابان و كوريا الجنوبية.  كوريا الشمالية تثبت من جديد أنها قارئة ممتازة لخريطة جيرانها الجنوبيين.  هذا العامل من أهم العوامل الذي شجع (بيونج يانج) على إطلاق صاروخ باليستي فوق اليابان. القرار عدًّ جريئاً و نوعيا و معطىً خطيراً يدخل على خط الأزمة.  في السابق كانت كوريا الشمالية تطلق صواريخ بمثابة بالونات اختبار لأعصاب أمريكا و حلفائها لتسقط في البحر دون اليابان.

هذه المرة يبدو أن كوريا الشمالية لم تعد في حاجة لبالونات اختبار فقد أطلقت صاروخاً بالستياًّ شق الأجواء اليابانية و خلق حالة طوارىء قصوى في اليابان و هو حدث نادر.

رغم كل ذلك كانت ردة الفعل الأمريكية أن الخطوة الكورية الشمالية استفزازاً و مع ذلك ستواصل أمريكا الحوار مع كوريا الشمالية. كان الرد الأمريكي محبطاً لحلفاء أمريكا لا سيما كوريا الجنوبية و اليابان التي رأت في التصريح الأمريكي استخفافاً بحالة الهلع التي عمت الشعب الياباني.

من المرجح أن إصرار بكين و موسكو على منع حرب ضد كوريا الشمالية قوّى موقف كوريا الشمالية الذي لا يحتاج إلى تقوية في الأصل.  قطعاً ما كان لكوريا الشمالية أن تصعّد التوتر بشكل غير معهود و غير مسبوق لولا الضوء الأخضر من الصين و بدرجةٍ ما روسيا التي لا تتماهى مصالحها مع أمريكا و حلفائها في الناتو بالتحديد نتيجة الملف الأوكراني و أزمة إمداد أوكرانيا بالغاز الروسي لارتماء أوكرانيا في حضن الإتحاد الأوروبي.

يكاد لا يرتاب أحد في أن كوريا الشمالية هي أداة الصين للضغط على أمريكا بالنسبة لوجود الصين القوي في بحر الصين الجنوبي و المصالح التجارية و الإقتصادية بين الصين و أمريكا.  كوريا الشمالية استاءت من حزمة العقوبات الأكثر تشدداً التي أتخذها مجلس الأمن الدولي و قالت إن أمريكا هي التي لعبت الدور الأكبر في صياغة قرارات تلك الحزمة و عليه أتخذت كوريا الشمالية خطوتها الأكثر تصعيداً على طريقة لا يفل الحديد إلا الحديد. رغم الإجراءات تلك إلا أن الصين لن تسمح بانهيار كوريا الشمالية و لذلك صرح المسؤولون الكوريون الشماليون بأنهم لن يتخلّوا عن تطوير ترسانتهم النووية و الصاروخية. أمريكا كما خيبت أمل حليفتها تايوان من أجل التقارب مع الصين هي الآن تخيب أمل اليابان و كوريا الشمالية. السبب بسيط؛ أمريكا أنهكتها الحروب في أفغانستان و العراق بدءاً من العام ٢٠٠١ و لذلك هي على الأرجح غير قادرة على شن حرب أخرى ستجعلها في مواجهة الصين و روسيا. حتى حرب بروكسي نيابة عن أمريكا من الصعب أن تشنها كوريا الجنوبية ضد جارتها و شقيقتها البيولوجية الشمالية نتيجة الضغط الشعبي الداخلي ضد أمريكا لصالح كوريا الشمالية.

لا المناورات الأمريكية الكورية الجنوبية و لا العقوبات استطاعت أن تفتَّ في عضد كوريا الشمالية التي يبدو أن عداءها لأمريكا متجذر منذ ١٩٤٨ في أثناء الحرب الباردة عندما تم فصل الكوريتين.  كوريا الشمالية مقتنعة أن أمريكا محتاجة لقوة رادعة تجعلها ترعوي عن طغيانها في العالم و تجبرها على الدول الضعيفة و ابتلاع ثرواتها.  كوريا الشمالية أيضاً قارئة جيدة للواقع الأمريكي المتأزّم رئاسياًّ و شعبياًّ نتيجة تفاقم النزاع العنصري و إقتصادياًّ.  لذلك بدت أمريكا هي الأضعف  خلال التصعيد الكوري الشمالية ضد اليابان.  يبدو أن إطلاق صاروخ أو أكثر على جزيرة (جوام) الأمريكية بات مسألة وقت خاصة إذا -و هو أمر مستبعد- لم تتم معاقبة كوريا الشمالية عسكريا على إثر إطلاق صاروخها على اليابان.

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2017/08/31

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد