آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
نبيل نايلي
عن الكاتب :
باحث في الفكر الإستراتيجي الأمريكي، جامعة باريس.

حين تبيح إدارة ترامب مزيدا من عمليات التصفية بالطائرات دون طيار!


 نبيل نايلي

“حين كنت في شبابي كان ”الشيوعيين” العدو الوجودي، وأصبح العدو الآن “الإرهابيين”، ولكي تظلّ آلة الحرب تصنع المزيد من القنابل والبنادق والرصاص، وجب اختلاق عدو ما!” سيندي شيهان، Cindy Sheehan.

يستعد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ارتكاب أخطر الأعمال غير الأخلاقية من سلفه باراك أوباما بجعل عمليات التصفية التي تنفّذها الطائرات دون طيار أكثر استعمالا وأقل أمانا وأقل قانونية، فقد كشفت صحيفة “النيويورك تايمز، The New    York Times “،  أن “الإدارة الأمريكية تستعد لتخفيف القيود على ضربات الطائرات بدون طيار، Drones، ومداهمات قوات فرق العمليات الخاصة، الكوماندوس، متعللة بالحملة العسكرية ضد تنظيم “الدولة الإسلامية”، وغيره من الجماعات المتشددة.

ذات التنظيم الذي يجزم الروس أنهم يملكون “أدلّة مُوثّقة بالصّور عن وجود تحالف وتنسيق وثيقة بينه وبين القوّات الأمريكيّة الدّاعمة لقوّات سورية الديمقراطيّة، شرق دير الزور، وكذلك على وقوفها خَلف الهُجوم الكبير الذي شنّته قوّات هيئة تحرير الشام يوم 19 سبتمبر على مواقع خاضعة للحكومة السوريّة شرق مدينة حماة، بهَدف إبطاء تقدّم القوّات السوريّة-الروسيّة للسيطرة على مدينة دير الزور وحُقول نِفطها”!!!

إدارة ترامب تعتقد أن سياسة القتل الممنهج بالطائرات دون طيار التي كان ينتهجها سلفه “تقييدية للغاية”، وعليه يعتزم المسؤولون إعطاء ما يسميه البعض “تفويضا إداريا”، بينما يصفه آخرون بأنه تفويض “للدولة العميقة” على استخدام حق القتل بـــ”أقل قدر من الرقابة”.

ورد ذلك في تقرير لشارلي سافج،  Charlie Savege وإريك شميت، Eric Schmitt، تحت عنوان: “ترامب يستعدّ لتخفيف بعض القيود على ضرابات الطائرات بدون طيار وعلى غارات فرق المغاوير، Trump Poised to Drop Some Limits on Drone Strikes and Commando Raids”.

النيويورك تايمز نقلت عن مسؤولين على دراية بالمناقشات الداخلية أن “مستشاري الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اقترحوا تخفيف الشروط القانونية التي تحدّ بشكل عام من غارات الطائرات بدون طيار ومن الهجمات على الإرهابيين الخطرين” الذين تعتقد السلطات أنهم يمثلون “تهديدا مستمرا ووشيكا” للأمريكيين. وأضافت الصحيفة أنه سيتم توسعة هذه الشروط لتشمل الجنود المشاة.

كما أشار تقرير الصحيفة إلى أن المستشارين يريدون أيضا “حذف الشروط التي تُخضع ضربات الطائرات بدون طيار وهجمات الجيش ووكالة المخابرات المركزية إلى “عملية تدقيق شديد.” وأبقى المسؤولون على قاعدة قانونية تنص على ضرورة “التأكد جليا مسبقا” من عدم استهداف أي مدني عند القيام بعمليات عسكرية ضد الجماعات الإرهابية.

المسؤولون الأمريكيون وصفوا هذه العمليات بأنها “جراحية ودقيقة بشكل استثنائي”، كما لو أن الرجال والنساء والأطفال الأبرياء ليس لديهم ما يخشونه من الغارات. غير أن الضربات الأمريكية قتلت في كل من باكستان والصومال واليمن، ما لا يقل عن 384 مدنيا و807  شخصا بالإضافة إلى الإرهابيين وفقا لما ذكره مكتب صحافة للتحقيقات موثوق به. وبعبارة أخرى، أدت “المحاولات الإستباقية” في تلك البلدان إلى قتل ما لا يقل عن 128 شخصا من الأبرياء من تفجير ماراثون في بوسطن.

دونالد ترامب الذي ألقى، في الشهر الماضي، خطابا يصف فيه سياساته الأمنية في أفغانستان وبقية جنوب آسيا، تعهد بتخفيف القيود المفروضة على صيد الإرهابيين. وتوعد يومها قائلا: “على القتلة معرفة أن ليس لديهم مكان للاختباء الآمن، وأن أي مكان لن يكون عصيا على الامكانيات والأسلحة الأمريكية، فالانتقام سيكون سريعا وقويا”.

النيويورك تايمز″ أفادت أن “لجنة على مستوى الحكومة الأمريكية أقرّت القواعد المقترحة في 14 سبتمبر أيلول 2017 وأحالتها إلى ترامب للتوقيع عليها. ويسمح القانون الدولي بتصفية بعض المدنيين عن علم مسبق كنتيجة عرضية لهجوم على هدف عسكري مشروع، ما دامت وفيات المارة ضرورية ومتناسبة، إلاّ أن برنامج الطائرات دون طيار، و”قائمة القتل” التي يمضي عليها الرئيس الأمريكي لا تزال مثار جدل قانوني كبير.

ولم توضح الإدارة الأمريكية كيفية حساب ما إذا كانت تكلفة القتل المبرمج ستحقق الفوائد المرجوة خصوصا أن عدد من يصبحون معادين لها يتضاعف كلما قتلت الطائرات الأمريكية بدون طيار الأبرياء أبرياء. ومن جانب آخر فإن، القاعدة وتنظيم داعش يقتلان من مدنيين أكبر بكثير خارج الولايات المتحدة من داخلها، في حين أنه من المؤكد أن بعض ضربات الطائرات بدون طيار تحصد المزيد تحصد من أرواح الأبرياء أكثر من الإرهابيين!

بعض فقهاء القانون الدولي وجماعات حقوق الإنسان يخالفون موقف الولايات المتحدة في ما تعلق بشروط تحرك القوات الأمريكية في مناطق الحرب وأطباقها على حرب مكافحة الإرهاب خارج ساحات المعارك التقليدية. أما كبير مديري برامج منظمة العفو الدولية في الولايات المتحدة الأمريكية، زيكي جونسون، Zeke Johnson، اعترض، من جهته، على “احتمال قيام السيد ترامب بإلغاء شرط أن يشكل كلّ فرد تهديدا فعليّا للأمريكيين”!

وبالنظر إلى الإمكانية المروعة لقتل أبرياء وخطر ما سيعقب ذلك، يسأل المرء: “لماذا يريد مسؤولون أمريكيون توسيع الأهداف؟ لوك هارتيغ، Luke Hartig، يوضح منطق “الأمن فحسب، Just Security”، فيقول: ” على مدى أكثر من 16 عاما من العمليات السرية، أصبح اختصاصيونا في مكافحة الإرهاب بارعين في تحليل بنية الشبكات الإرهابية واستهدافهم على أساس القناعة بأن هناك شبكات معينة، إذا تمت إزالتها، يمكن أن يكون لها تأثير مدمّر على الشبكة بأكملها. وفي كثير من الحالات، قد تكون هذه الشبكات مكونة من حراس شخصيين أو مجرد دعاة يشكلون أهدافا عسكرية مشروعة بموجب قوانين الحرب، وقد لا يشكلون “تهديدا وشيكا مستمرا على الأمريكيين”. و”يبدو أن السياسة الجديدة تعطي الأمريكيين مهلة أكبر للاستهداف وفقا لما سيكون أكثر فعالية بكثير في تعطيل الشبكات الإرهابية وهزيمتها”. إنّ التحدّي، يقول هارتينغ، “سوف يرسي مبادئ تحكّم تحدّ من وتيرة الإضرابات، حيث أن هناك عددا قليلا من البلدان خارج مناطق الحرب الحارة ستمنح موافقتها دون قيود للقوات الأمريكية لتنفيذ غارات الطائرات بدون طيار. منطق هارتينغ قد يغري بعضهم ولكنهم يظل مبتورا.

قد يبدو منطقيا استهداف ” الحراس الشخصيين أو الدعاة” الذين يعملون لحساب تنظيمي القاعدة أو داعش. ولكن النظر في عدد الأبرياء الذين ستحصد أرواحهم ضربات الطائرات بدون طيار.

يشكل الإرهاب المحلي خطرا أكبر بكثير على الأمريكيين من الإرهابيين في باكستان أو الصومال أو اليمن. وسياسة الطائرات بدون طيار المستمرة تقتل الكثير من الأبرياء في الخارج وتزيد من احتمال أن يصبح الناس متطرفين، كما يصف الإرهابيون مثل هذه المظالم.

إن هجمات الطائرات بدون طيار، ولا سيما تلك التي تجريها سرّا وكالة الاستخبارات المركزية، تجعل من الأسهل على النخبة المعينة أن تشنّ حربا لا نهاية لها وفي جميع أنحاء العالم دون الحصول على إذن صريح من الشعب أو حتى من ممثليها في الكونغرس.

إن محاربة تنظيمي القاعدة وداعش حرب عادلة، حتى لو كانت المعركة تنطوي على قتل الأبرياء دون قصد، ولكن فقط إذا تم اتخاذ العناية الواجبة لتجنّب تلك الوفيات كلّما كان ذلك ممكنا.

إن تعهدات أوباما وضماناته غير الكافية في سياسة الولايات المتحدة بشأن القتل الممنهج أدت إلى قتل المزيد من الأبرياء مما هو ضروري لتحقيق بعض النتائج، وعليه فإن إدارة ترامب المستعدة لإجراء تغييرات أكثر ستسبب بنتائج أسوأ! فالمطلوب هو المزيد من القيود على عمليات القتل بمجرد كبسة زر وداخل غرفة مكيفة في نيفادا، وليس الحدّ منها!!

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2017/09/29

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد