التقارير

تقرير خاص: تداعيات #الأزمة_الخليجية.. مجلس التعاون أبرز الضحايا


مالك ضاهر ..
 
تستمر الأزمة الخليجية على حالها من الجمود والمراوحة من دون حصول أي خرق في جدارها الذي يبدو أن الوقت لم يحن حتى قطاف ثمار المصالحة في الأزمة الأصعب من تاريخ المنطقة، فجميع أطراف الأزمة على مواقفها دون أي تعديل، سواء الدول المقاطعة: المملكة السعودية، الإمارات، البحرين ومعهم مصر، أو فيما يتعلق بقطر التي ترفض التراجع أمام كل الضغوط وتثبت على إصرارها بضرورة الحوار كحل طبيعي للخروج من المأزق.
 
حوار سعت إليه أطراف أخرى أبرزها على الإطلاق دولة الكويت التي يهتم أميرها الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح شخصيا بالموضوع، حيث بادر أكثر من مرة لمحاولة لململة الوضع مستعينا بما تيسر له من قدرات وعلاقات خليجية وغربية وصولا للاستعانة بالإدارة الأمريكية حيث زار البيت الأبيض قبل فترة وحث الرئيس دونالد ترامب للتدخل وحل الأزمة، من دون الوصول إلى نتيجة، خاصة أن وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون حضر إلى المنطقة للمرة الثانية على التوالي بعنوان السعي لحل الأزمة من دون أي نتيجة، ما يوحي أن الأمريكيين ليسوا على عجل لإنهاء الأزمة التي تساهم إلى حد ما في توتير العلاقات في المنطقة ويفتح الباب إلى استثمارها في أكثر من اتجاه على "الطريقة الترامبية".
 
تحسس كويتي للخطر.. قبل انطفاء "الشمعة"

واستشعارا بالمخاطر المحدقة وجه أمير الكويت تحذيرات إلى كل من المملكة السعودية وقطر وباقي الدول الأطراف في الأزمة الخليجية، حثهم فيها على وجوب وعي مخاطر وتداعيات الأزمة واستمرار التصعيد، ونبه من أن "انهيار مجلس التعاون الخليجي سيكون انهيارا لآخر معاقل التعاون العربي المشترك"، معتبرا أن هذا المجلس هو "شمعة الأمل" في النفق العربي، على حد وصفه.
 
وفيما شدد الصباح على أن هدف الكويت هو "إصلاح ذات البين"، لفت إلى أن الأزمة الخليجية هي الشغل الشاغل لبلاده لحماية مجلس التعاون من التصدع والانهيار، ورأى أن "الجميع يعول على الوساطة الكويتية في حلها"، مشيرا إلى أن "التاريخ والأجيال لن تسامح من يقول كلمة واحدة تساهم في تأجيج الخلاف الخليجي".
 
لكن لماذا تبذل الكويت كل هذا الجهد لحل الأزمة بينما لم نجد هذا الحماس لدى غيرها من الدول لإنقاذ المجلس الخليجي وحل المشكلة بين الخصوم؟ هل للكويت مصلحة خاصة في ذلك أم أن همها الشأن الخليجي العام؟ وهل هناك مخاطر محدقة تراها الكويت دون غيرها أو ستصيبها دون غيرها؟
 
اختفاء مجلس التعاون.. والبدائل الممكنة!!

الواقع أن استمرار الأزمة الخليجية سيزيد من النتائج السلبية على مختلف الدول الأطراف وعلى باقي الدول المنضوية في مجلس التعاون، لأن هذا الإطار القانوني التعاوني بين الدول سيكون أبرز ضحايا الخلاف وسيؤدي إلى شرذمة خليجية مجانية تُقدم لكل المتربصين والمراقبين من دون تحقيق فعلا نتائج ايجابية بديلة، وتفكيك وانهيار المجلس سيجعل بعض الدول التي قامت تاريخيا على أساس الاستناد على غيرها من الدول أو على التعاون مع من تعتبرهم الأخوة والأشقاء في المنطقة تبحث عن أطر جديدة تعمل من خلالها، ما يعني إمكانية نشوء أشكال جديدة من التعاون مع تغيير الشكل أو المضمون أو الأطراف والأهداف.
 
ومن الممكن أن نجد إفرازات عديدة أبرزها منها على سبيل المثال لا الحصر:  
 
-أننا قد نشهد نشوء حلف أو إطار تعاوني أو مجلس بين المملكة السعودية، الإمارات والبحرين(مع وجود طروحات تتحدث عن إمكانية تشكيل "اتحاد كونفدرالي" بينهم تحتفظ فيه كل دولة بشخصيتها القانونية على الصعيد الدولي)، كما قد تحتفظ هذه الدول بسيادتها الداخلية مع ارتفاع نسبة التعاون فيما بينها في مختلف المجالات.
 
-ومن الممكن في حال نشوء أطر تعاونية جديدة بين هذه الدول أن تنضم مصر والأردن إليها، على أن يكون الجامع بينها عدة أمور أبرزها التوجهات السياسية والتعاون الاقتصادي على أن يكون الرابط الجغرافي لكل هذه الدول هو المملكة السعودية، وهنا تبرز عملية الاستفادة أكثر فأكثر من موقعها الذي تعطيه رؤية 2030 حيزا مهما من مخططاتها، ومن هنا برز مؤخرا إطلاق مشاريع استثمارية ضخمة في منطقة جغرافية مشتركة أو متداخلة بين المملكة السعودية والأردن ومصر.
 
-قطر تصبح دولة لوحدها دون انضمامها إلى أي حلف إقليمي أقله في المدى المنظور، وهي بالتالي ستواصل كما تفعل اليوم بالبحث وإيجاد شراكات ثنائية مع دول مجاورة أو غير مجاورة لتعويض النقص الخليجي، سواء مع الكويت أو سلطنة عُمان، إيران، باكستان، الهند وحتى مع تركيا وغيرها من الدول الأبعد نسبيا من حيث المدى الاستراتيجي والجغرافي.
 
وهنا من المرجح إذا ما صدق توقعات انهيار مجلس التعاون، أن لا يحصل إطار قانوني أو اتحاد يجمع قطر بالكويت وعُمان لأسباب تتعلق وتعود لوضع الدولتين الأخيرتين سواء في بناء علاقاتها الخليجية والدولية أو نتيجة الضغوط التي تمنع ذلك من قبل باقي الدول الخليجية لا سيما المملكة السعودية.
 
-الكويت وسلطنة عُمان تعملان بشكل منفرد، وللأسباب ذاتها المذكورة أعلاه يبدو أنه من غير المؤكد تشكيل حلف ثنائي بينهما، بل هما ستسعيان أكثر فأكثر إلى تحصين نفسيهما أمام الأطماع الإقليمية التي قد تظهر من دول كالمملكة السعودية والإمارات وبالتحديد من الرياض التي يبدو أن قيادتها المستقبلية لن توفر أي أحد أو أي سبيل يصب في خدمة مصالحها السريعة والمباشرة، فهي افتتحت عهدها بالحرب على اليمن وتبعها سلسلة من الأزمات المتواصلة الداخلية والخارجية ومنها الأزمة الخليجية.

ترحيب قطري.. هل تُستفز الرياض؟!

ومن هنا يمكن فهم الوساطات الكويتية الدائمة والمتكررة لعلاج ما يمكن علاجه من تداعيات الأزمة التي قد تعصف بالاتحاد الهش بين هذه الدول، وقد تودي بأي طموح سابق لزيادة التعاون وتحويل المجلس الخليجي إلى اتحاد أوسع وأعم، وفي نفس السياق يأتي التحذير الأخير الذي أطلقه أمير الكويت.
 
وأمير الكويت يتحسس المخاطر أكثر من القيادة في سلطنة عمان لأن وضع بلاده سيكون أكثر صعوبة فيما لو تفكك المجلس وستجد نفسها في موقف لا تحسد عليه حيث ستتعرض بالتأكيد للمزيد من الضغوط السعودية عليها لإعلان انضمامها إلى أي حلف جديد قد تشكله المملكة تحت عناوين مختلفة، كما أن الكويت لن تسلم من الأطماع المحيطة بنفطها وخيراتها ولذلك هي تحاول جاهدة الاستعانة بكل سبل المساعدة من دون جدوى حتى الساعة، خاصة أن الإدارة الأمريكية لا يبدو أنها ستحرك ساكنا لعلاج الأزمة بين الجيران في الخليج.
 
وتبقى التساؤلات هل الضغط الكويتي نحو التعاون والوئام يمكن أن يمر مرور الكرام سعوديا؟ فالقيادة السعودية التي تتخذ أقسى التدابير في الداخل والخارج ضد كل من يقف أمامها ويعطل سياساتها قد تعمد إلى الرد على المحاولات الكويتية المستميتة لنزع فتيل التفجير والسعي لرأب الصدع، خاصة أن ما قد يزيد من الاستفزاز السعودي في هذا الإطار هو الموقف القطري المرحب بالدور الكويتي، حيث أكدت الدوحة تمسكها بالحوار انطلاقا من مبادئها وقيمها الراسخة، وطالبت بالاستجابة لنداء أمير الكويت بالالتزام بالنهج الهادئ في التعامل مع الأزمة.

أضيف بتاريخ :2017/10/25

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد