آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
نبيل نايلي
عن الكاتب :
باحث في الفكر الإستراتيجي الأمريكي، جامعة باريس.

مشكلة قوانين.. أم مخاض طبيعي لسياسات رعناء؟ أوروبا حين تنظر في مرآة ملف “ذئابها المنفردة”!


 نبيل نايلي

“يجب أن نكون جادين فهؤلاء الناس يشكّلون خطرا كبيرا علينا ولسوء الطالع فإنّ الطريقة الوحيدة للتّعامل معهم ستكون في كلّ الحالات تقريبا هي..قتلهم”! الوزير البريطاني في مجال التنمية الدولية، روري ستيوارت، Rory Stewart.

“متأسّيا بالسنّة” الفرنسية، التي أرسلت فرقا خاصة لتصفية الشباب الفرنسي الذي إلى تنظيم داعش في سوريا والعراق قبل عودته إلى فرنسا، هذا الوزير البريطاني في مجال التنمية الدولية، روري ستيوارت، Rory Stewart، ينصح بأن “الطريقة الوحيدة للتعامل مع″ –أبناء بريطانيا ممن سُمح لهم بالذهاب إلى سوريا والعراق للانضمام إلى تنظيم داعش-، أن الطريقة الوحيدة وفي جميع الحالات تقريبا، هي.. قتلهم”!! نعم قتلهم، ليس إلاّ!!! الآن وقد استنفذ الغرض منهم وصاروا عير أوروبا المعبّدة الذين وجب الخلاص منهم أو إرسالهم إلى ساحات أخرى بعد تجريدهم من جنسياتهم، في حين أن بعضهم لا يعرف حتى موقع بلد أصول والديه أو جديه على الخارطة!!

لغة الوزير المفتقرة لكلّ دبلوماسية جاءت بعد تحذير وزير الدفاع مايكل فالون، Michael Fallon، قبل أسبوعين، الذي توعّد قائلا:”بأن البريطانيين الذين انضموا إلى داعش جعلوا بذلك أنفسهم أهدافا مشروعة لصواريخ سلاح الجو الملكي الأمريكي أو للصواريخ الأمريكية”!

“صحيفة التايمز، The Times” البريطانية نشرت مقالا تحليلا لجون سيمبسون، John Simpson، تحت عنوان “المسلّحون يمثلون أزمة قانونية لبريطانيا”، جاء فيه “أن مئات من البريطانيين انضموا لتنظيم الدولة الإسلامية وغيره من التنظيمات المتطرّفة في سوريا والعراق، قُتل منهم نحو 130 مُسلّحا، وتم الكشف الأسبوع الماضي عن عودة ما لا يقل عن 400 آخرين.

سمبسون حاول تناول ظاهرة الجدل السائد في بريطانيا وأوروبا عموما عما يجب “أن تفعله مع أبنائها وبناتها من المقاتلين الذين قد يريدون العودة إلى بريطانيا؟”

كما أوضح صاحب المقال أنّ “كلّ من يعود إلى بريطانيا بعد الانضمام للجماعات المسلّحة في سوريا والعراق يجري التحقيق معه من قبل الشرطة ويفحص مدى التهديد الذي يمثّله للأمن القومي الوطني، البريطاني طبعا أما السوري التي أرتكبت هناك – فالعودة تجب ما قبلها- لتتم مقاضاة – فقط –”الذين يتم التأكد من خرقهم القانون”!! أي قانون؟ لا يهم! ولكنه “يرى أن الحرب الدائرة في سوريا منذ ستة أعوام فتحت أبوابا جديدة للتعامل مع المتطرفين:

فقد تم:
“تجريد بعض أصحاب الجنسية المزدوجة من الجنسية البريطانية،
سحبت جوازات سفر بعض البريطانيين المتطرفين،
كما استهدف بعضهم في هجمات لطائرات بلا طيار.”

ماذا عمّا اقترفوه في حق السوريين؟ وعن تلك الفظاعات التي عانى منها السوريون والعراقيون؟ أ سقطت بمجرّد عودتهم أو تعبيرهم عن العودة؟ لا يجيب سمبسون! ما دام يقول “لا يمكن مقاضاة الذين سافروا للعيش تحت حكم تنظيم الدولة، حيث لا توجد قوانين بريطانية ضد ذلك.”!! بئس الحجة والتبرير!

تبلغ السخرية من العقول والضحك على الذقون منتهاهما حين “يراجع″ ماكس هيل، Max Hill، الخبير القانوني “المستقل” تشريعات الإرهاب في بريطانيا، ليخلص إلى أن “بريطانيا يجب أن تبحث سبل إعادة إدماج المتشددين العائدين، خاصة أن الذين سافروا، لم يكن عملا ممنهجا ومُعدّا له بل “نتيجة –فقط “لسذاجتهم، وبعد تعرضهم لغسيل للمخ”!!!

رُفعت الأقلام وحُسم القول ورُفعت المسؤولية عن بريطانيا وعن أوروبا ما دامت المشكلة في القوانين لا في الممارسات الرعناء!!
تصريحات الوزير ستيوارت لا تعادل في سخريتها وتعنّتها إلا دعوة الكاتب والمحلّل العسكري، أليكس فيشمان، Alex Fishman، الذي لم يتورّع عن كتابة: “دعوهم يقتلون أنفسهم بهدوء !!Let them kill themselves quietly” لماذا يجب علينا، بسبب عدد من الضباط الكبار الذين لا يهدأون ورئيس حكومة يسارع إلى الحرب، أن نمنح العرب سببًا للاتحاد حول القاسم المشترك الوحيد بينهم وهو كراهية إسرائيل؟ دعوهم يقتلون أنفسهم بهدوء!”

“معضلة” ذئاب أوروبا المنفردة الذين تشعر –الآن- بحجم خطورتهم و، وهم من كانوا يمرّون عبر الموانئ والمطارات في رحلات من تركيا إلى سوريا والعراق كان بالإمكان تفاديها منذ زمن بعيد، يعود إلى بدايات التحشيد لدمار سوريا وإفشالها، كما كان حريا بمنع من له ملفات قانونية واستخباراتية من عبور الحدود والولوغ في الدم السوري والعراقي ثم العودة وقد صار محترفا متمرّسا على جميع أنواع الأسلحة التي سُلّمت إلى من وُصفوا بـ”المعتدلين” حتى عبروا الحدود وساعات قبل أن ينضموا إلى أشدّ المنظمات تطرّفا!

كيف لفقهاء القانون الأوروبي لم يستبقوا هذه الظاهرة وينتظرون 6 سنوات بأكملها ثم يخرجون علينا بتفسير أن من التحقوا بداعش إنما فعلوا “لسذاجتهم، وبعد تعرّضهم لغسيل للمخ”!! من فعل ذلك داخل أوروبا؟ ومن سمح له؟ ومتى حصل ذلك؟؟

هلاّ استوعبتم الآن حجم خديعة “الأفغان” الجدد أم يزال بعضكم مصرّا على حالة إنكاره؟؟

*باحث في الفكر الإستراتيجي الأمريكي، جامعة باريس.

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2017/10/29

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد