التقارير

تقرير خاص: المملكة #السعودية.. مستقبل غامض بفعل التصرفات المجنونة

 

مالك ضاهر ..
 
تتسارع الأحداث في المملكة السعودية على مختلف الصعد، لا سيما في إطار ما يقال أنه التحضير الفعلي والحاسم لوصول ولي العهد محمد بن سلمان وخلافة والده الملك الحالي سلمان بن عبد العزيز، لتكون المملكة قد انتقلت بشكل رسمي إلى حكم الجيل الثالث من العائلة السعودية التي حكمت بالسيف والنار والسجون ضد كل المكونات ووطدت حكمها منذ عشرات السنين، لكن ما يجري اليوم يُظهر أن السيف بدأ يفعل فعله في آل سعود أنفسهم بفعل مخططات مشبوهة عنوانها الطموحات الفردية لفرد يريد إعادة بناء الدولة من جديد انطلاقا من رغباته وأفكاره.
 
لكن خطورة ما يجري فيما لو صدقت التحليلات حول إعادة بناء الدولة، أنه سيضرب -وهو ما بدأ فعلا- الأسس التاريخية والواقعية التي قامت عليها الدولة التي أسست في شبه الجزيرة العربية من قبل آل سعود، لأن الأسس العشائرية القبيلة هي التي حكمت وشيدت الدعائم القوية للحكم ومنعت أي أحد من إبداء الرأي المخالف وأعطت كل شي وأفضل الامتيازات وثروات الدولة لأبناء العائلة الحاكمة، وعندما اضطرت هذه العائلة لإضفاء الشرعية الدينية على الحكم وعلى أداء السلطة المتمثلة بأفراد العائلة والتابعين لهم، استعانت بشكل واضح بالدين المتمثل حصرا بالمذهب الوهابي الذي مجد الحاكم ومنع انتقاده ومخالفته وقدم فتاوى "غب الطلب" له تحقيقا للمصالح المتبادلة بين المؤسستين الدينية والسياسية، حتى فهم الجميع أن المملكة السعودية على شاكلتها لما قبل أن يستلم ولي العهد الحالي كانت تقوم على التحالف القوي بين آل سعود والمشايخ القيمين على المذهب الوهابي.

ضرب الدولة من الداخل.. عناصر القوة تأكل بعضها

 إلا أن ولي العهد الحالي عمل بجد لضرب المؤسسة الدينية ابتداء للقول إن المملكة لا ترتبط بأي شكل بالإرهاب والتشدد الذي اتسم به التيار الديني داخلها بفعل السلطات الواسعة التي أعطيت لهم بفضل تحالفهم مع السياسيين من السعوديين، ومن هنا بدأت حملات الاعتقال بحق سلسلة طويلة من المشايخ ورجال الدين الذي كانوا تاريخيا يدينون بالولاء للعائلة الحاكمة وتبين أنه تم استخدامهم لتنفيذ مخططات السلطة ومن ثم زج بهم في السجون لأسخف المواقف بناء لمخططات جاهزة سلفا، كما تمت "تقليم أظافر" ما تبقى من المؤسسة الدينية عبر تقليص صلاحياتها وامتيازاتها، وتعيين بعض الوجوه الموالية للحاكم الجديد.
 
وبعد تفريغ المؤسسة الدينية من قوتها وسطوتها، انتقلت الخطة الماكرة لضرب المؤسسة السياسية والأمنية والإقتصادية للعائلة الحاكمة في المملكة ومن يواليها بمعنى أخر ضرب كل عناصر القوة لدى العائلة السعودية، وبدأت تتهاوى شخصيات ما كان يتصور خروجها من المشهد السياسي السعودي لسنوات طويلة قادمة وأبرز هذه الوجوه ولي العهد السابق محمد بن نايف، وبعد تمرير خطوة الإطاحة بالأخير بسلام وأمان بات المخططون يعتقدون أن كل شيء أسهل وأيسر أمامهم، فمن لم يحدث ردة فعل للإطاحة محمد بن نايف لن يفعلها كرمى لعيون غيره، ولذلك شاهدنا مؤخرا الإطاحة بمجموعة وازنة من الأمراء ورجال الأعمال ممن كانوا يتمتعون بصلاحيات واسعة وقدرات سياسية وأمنية واقتصادية كبيرة جدا وكانوا يفعلون ما يريدون دون حسيب أو رقيب، اللهم باستثناء من كان يخيط لهم فخ الاعتقال والتحضير الجيد لملفاتهم في غرف سرية داخل أو خارج المملكة، وبالتزامن أعلن عن مقتل الأمير مقرن بن عبد العزيز آل سعود مع عدد من المسؤولين بعد سقوط مروحيتهم بظروف غامضة.
 
إعداد مسبق.. وتساؤلات عن المستقبل

ناهيك عن حصول خطوات غير مفهومة حتى اللحظة في المملكة كاستدعاء بعض الشخصيات من بعض الدول العربية الإقليمية، والمثال الفاقع على هذا الأمر هو استدعاء رئيس الحكومة اللبنانية سعد الدين الحريري إلى الرياض وتقديم استقالته هناك بظروف غامضة ومشبوهة ما يؤكد إجباره على تقديم استقالته وانقطاع اخباره ما يثير الريبة عن انضمامه لقافلة الامراء ورجال الاعمال المعتقلين.
 
كل ذلك يجعلنا نفهم كل السيناريوهات المشبوهة والغريبة التي كانت تتم في الفترة الماضية لاسيما بخصوص اختفاء ولي العهد السعودي محمد بن سلمان عن الساحة وانقطاع اخباره، والحديث عن محاولة اغتياله بالتزامن مع حصول تفجير على مقربة من القصر الملكي في مدينة جدة وتسريب أنباء عن وجود معارضات قوية داخل العائلة السعودية لممارسات الرجل وبث شائعات عن حصول انشقاقات والتحضير لانقلابات، ما يؤكد أن محمد بن سلمان وفريقه كانوا يحضرون لكل ما يجري اليوم في المملكة وما سيجري فيها في المستقبل القريب، مع إمكانية حصول ممارسات تتجاوز حدود المملكة لتضرب في المنطقة وهذا ما يستشف على سبيل المثال من التهديدات المتواصلة للوزير تامر السبهان باتجاه لبنان وحزب الله، ما ينذر بحصول تهور سعودي جديد على صعيد المنطقة.
 
من كل ذلك باتت تطرح تساؤلات عن مستقبل المملكة في ظل كل ما يجري وفي ظل هذا الاستهداف لأمراء ورجال دين ورجال أعمال وشخصيات بارزة في الشأن العام السعودي، وأي مستقبل للرؤى الحالمة التي تطرح وللمشاريع التي تعد وتقدم على أنها ستبني مستقبلا باهرا للبلاد في ظل هذا الضرب الممنهج للاستقرار الداخلي والأمن الاجتماعي في المملكة، ناهيك عن أن التعرض لمسؤولين ورجال أعمال لا يشكل بيئة حاضنة وخصبة لاستقدام الاستثمارات الأجنبية إلى المملكة، أيا كانت الأسباب سواء فساد المسؤولين والأمور أو اشتراكهم بمخططات للإطاحة بالنظام أو بالملك ونجله، وبكل الأحوال النتيجة واحدة هي أن البلاد تعيش في أزمة حادة على مختلف المستويات وفي توتر مفتعل لا يفيد في استقدام رؤوس الأموال الخارجية بهدف الاستثمار.
 
ومن هنا لا يفهم هذا الأسلوب البوليسي الذي تدار به الأمور في المملكة وأي مستقبل ستبنيه فهي تسير بشكل واضح على حافة الهاوية رغم كل مظاهر القوة ومحاولات التطمين من قبل الإعلام التابع للسلطة، والحقيقة أن دعاة حقوق الإنسان الذين كانوا يبكون على المواطنين في المملكة بات عليهم اليوم المطالبة بحقوق رجال العائلة الحاكمة المنتهكة بفعل ممارسات ابن عمهم الطامح لامتلاك كل شيء، فمن كان يضرب الحريات وينتهك الحقوق بالأمس جاء اليوم من ينسف له كل حق أو حرية ويتوعده بالقتل والإقامة الجبرية، ما ينذر أن الأمور لن تستقيم بسهولة لرجل واحد من دون ردات فعل داخلية شعبية أو من السعوديين أنفسهم فيما لو طفح الكيل من كيد البعض، ولو كانت هناك أيادٍ غربية وإقليمية تدعم الحاكم المطلق للمملكة التي تعيش اليوم على فوهة بركان يزداد غليانا ساعة بعد ساعة.

أضيف بتاريخ :2017/11/08

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد