التقارير

تقرير خاص: ظهور أيزنكوت عبر الإعلام السعودي.. خطوة هامة على طريق التطبيع

 

مالك ضاهر ..

في خضم التصعيد الإعلامي والسياسي من المملكة السعودية ضد إيران وحزب الله اللبناني، على خلفية الحرب الدائرة في اليمن واتهام الرياض للحزب وطهران بتحمل مسؤولية استهداف الأراضي السعودية ودعم اليمنيين لإفشال الحرب التي يشنها "التحالف السعودي" ضدهم، أطل رئيس أركان الجيش الإسرائيلي غادي أيزنكوت من على منبر موقع "إيلاف" السعودي لإطلاق رسائل في أكثر من اتجاه ومن أبرز هذه الرسائل أنه يتحدث لأول وسيلة إعلامية عربية وبالتحديد سعودية، الأمر الذي لا يخلو من دلالات كثيرة لا سيما في ظل الحديث المستمر عن تقارب يحصل بين كيان الاحتلال الإسرائيلي والمملكة السعودية.

 

أي مصالح تجمع الرياض وتل أبيب؟!

وعلى الرغم من أن أيزنكوت لم يعلن قيام الحرب على حزب الله أو إيران عبر الإعلام السعودي متمثلا بـ"إيلاف"، حين قال إن "لا نية لدى (الجيش الإسرائيلي) بمهاجمة حزب الله"، إلا أنه أكد رفض "إسرائيل" المطلق لوجود أي تهديد استراتيجي على حدود فلسطين المحتلة، في تهديد غير مباشر لحزب الله، لأن قدرات الحزب اليوم وخبراته وإمكاناته المتنوعة لم تعد تشكل تهديدا بسيطا وعاديا لكيان الاحتلال بل هي تهديد استراتيجي واضح قادر على وضع مصير "إسرائيل" على المحك، فهل أيزنكوت اعتمد توجيه الرسائل غير المباشرة لحزب الله كي لا تقع المملكة في الحرج أم أن الأمر غير مقصود؟ خاصة أن القائد العسكري الإسرائيلي أكد أن مصالح كثيرة مشتركة تجمع "إسرائيل والمملكة السعودية"، ولكن يبقى السؤال الأهم ما هي المصالح المشتركة التي تجمع تل أبيب والرياض؟ وهل من مصالح محددة قصدها اأيزنكوت لها علاقة بما يجري اليوم في هذه المنطقة؟

من مضمون المقابلة الحصرية لـ"إيلاف" مع القائد العسكري الإسرائيلي، يظهر أن هناك فعلا العديد من الأمور التي تجمع الكيان والمملكة السعودية وهي بالحقيقة غير خافية على الكثيرين بل يجري التفاخر بها، ومنها:

 

العداء واحد.. والنفط؟!

-العداء للجمهورية الإسلامية في إيران، فهذا الأمر واحد لدى كل من تل أبيب والرياض، وهو راسخ ومتجذر ومعلن بشكل أكيد وواضح لدى الطرفين ولا يتوقف المسؤولين الإسرائيليين والسعوديين عن التجاهر به في كل فرصة تسنح لهم بذلك.

-مهاجمة حزب الله من قبل المملكة وقياداتها، والرغبة بذلك تزداد اليوم مع تفوق محور المقاومة في مختلف ساحات المنطقة، كما أن العالم كله يعرف العداء القائم بين حزب الله وإسرائيل، والحزب منذ تأسيسه وحتى اليوم يعادي "إسرائيل" ويعتبر إزالتها واجب وضرورة، حتى أن الكيان الإسرائيلي يرى أن الحزب من الأشد خطرا عليه اليوم في ظل تعاظم قوته وقدراته، وهذا ما سبق أن أعلنه أيزنكوت في حديث سابق له حيث قال "حزب الله ما زال يشكل التهديد الأكثر جدية لـ "إسرائيل" في حين تشكل إيران العدو الأكبر"، وهذا ما يؤكد على ما ذكر في الفقرة السابقة.

-عداوة إسرائيل والمملكة للنظام والحكومة في سوريا بقيادة الرئيس بشار الأسد والاشتراك في دعم المجموعات الإرهابية العاملة هناك بغية القضاء على قوة الجيش والنظام وضرب النظام الحليف لإيران والداعم والمؤيد للمقاومة في لبنان وفلسطين.

-منع لبنان من الحصول على النفط واستخراجه من بحره والاستثمار في هذه الثروة، لأن في ذلك ضرر مباشر على "إسرائيل" والمملكة، حيث سيضاف بلد جديد في المنطقة إلى سوق النفط، وفي هذا السياق طرحت العديد من التحليلات التي تحدثت عن أن موضوع النفط هو أحد أسباب أزمة استقالة سعد الحريري من رئاسة الحكومة اللبنانية بشكل مريب من المملكة، بغية منع لبنان من استخراج النفط وإطالة المهل لحصول ذلك عبر تعطيل الحكومة والسلطة التنفيذية بما يخدم الرياض وتل أبيب التي بدأت تستخرج النفط من المياه الإقليمية لفلسطين المحتلة.

-عداوة المملكة و"إسرائيل" لكل الحركة المقاومة في المنطقة وبالتحديد في فلسطين، وفيما لا يخفى ذلك بخصوص الكيان الإسرائيلي إلا أن المتابع لطريقة التصرف والممارسات السعودية مع الفصائل الفلسطينية يدرك أنها تعمل لإضعاف المقاومة وهذا ما يفسره حصول الحصار على غزة منذ 2007 من دون أن تحرك الأنظمة العربية والخليجية ساكنا بالإضافة إلى تكرار العدوان الإسرائيلي على القطاع المحاصر بظل صمت عربي خليجي مريب.

-معارضة "إسرائيل" والمملكة للاتفاق النووي بين مجموعة دول(5+1) مع إيران، والترويج أن طهران تسعى لامتلاك السلاح النووي حيث يتم تحريض الإدارة الأمريكية وباقي الدول الموقعة على الانسحاب من الاتفاق.

-التحريض على إيران بأنها تدعم جماعات تصفها الرياض وتل أبيب بـ"الإرهابية"، بينما هي في الواقع حركات مقاومة وتحرر ضد الاحتلال الإسرائيلي وتقف بوجه الأدوات التي تخدم المشروع الأمريكي الإسرائيلي في المنطقة والتي أثبتت الأيام أن المملكة السعودية تستفيد منها وتدعمها.

 

العين على تطبيع العلاقات..

-كل من "إسرائيل" والمملكة السعودية تسعيان للتقارب بغية الوصول في لحظة ما إلى تطبيع العلاقات بينهما، والمتابع لكل الخطوات الثنائية بين الطرفين يدرك أنها تتم بتخطيط وإعداد مسبق ومحكم، ففي البداية كانت اللقاءات تتم في السر ومن ثم بدأت الأمور تتطور تدريجيا حتى وصلت إلى لقاءات بين مسؤولين سابقين كتركي الفيصل وأنور عشقي مع قيادات إسرائيلية ثم جاء الحديث عن زيارات سرية رسمية، يضاف إليه كل ما يجري في منطقة البحر الأحمر كالحديث عن السيادة على جزيرتي صنافير وتيران واليوم "نيوم" وكلها تؤكد وجود مؤشرات عن توافق وتلاق سعودي إسرائيلي في مكان ما.

حتى وصلنا اليوم إلى خروج غادي أيزنكوت حصريا ولأول مرة عبر مؤسسة إعلامية سعودية، بعد سيل من التسريبات عن دعوة السعودية لـ "إسرائيل" لخوض حرب ضد حزب الله، كل ذلك يظهر أن ما يحصل يؤشر أنه ليس صدفة بل خطوات مدروسة بدقة خاصة إذا ما أضيف إليها العلاقات بين الكيان الإسرائيلي والبحرين والإمارات مع التماهي في السياسة الأمريكية التي يقودها دونالد ترامب الهادفة إلى دعم المصالح الإسرائيلية، وأكبر مصلحة قد تحققها "إسرائيل" في ظل هذه الفوضى العارمة اليوم في أداء المملكة السعودية داخليا وخارجيا وفي ظل التخبط في أداء من يصدر القرارات في المملكة، هو الإعلان عن العلاقات بين المملكة السعودية و"إسرائيل" وتطبيعها بما يساعد على ضرب القضية الفلسطينية والعمل بجد لتصفيتها.

أضيف بتاريخ :2017/11/19

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد