آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
إسماعيل القاسمي الحسني
عن الكاتب :
كاتب جزائري

المتغطي بالأمريكان عريان.. فكيف حال المتغطي بالسعودية يا أبو الغيط!


إسماعيل القاسمي الحسني

شخصيا لا أعتب بل و لا أعقّب على موقف بعض أنظمة الخليج من حزب الله، و حين أقول أنظمة الخليج فإنما المعني هي السعودية تحديدا، كون البقية في أغلبها توابع لا تملك من قرارها و خيارها مساحة و قدرة تكفي للاستقلال عمن يسمونها الشقيقة الكبرى. ذلك أني تناولت من قبل شواهد كثيرة من شخصيات سعودية رفيعة (بندر بن سلطان/تركي الفيصل/أنور عشقي)، أعلنت عداءها المتأصل لإيران و حزب الله مغلفا بالطائفية، جوهره ليس أكثر من حسد لمكانة احتلاّها في صدور أبناء الأمة لدفاعهما الواقعي و الميداني المستميت عن قضيتها المركزية “فلسطين”. في حين أن النظام السعودي إذ يشعر بتآكل مكانته يريد تصدّر المشهد دون الدفاع عن الأمة؛ و إن شئتم زدتكم شاهدا أهم و أخطر من الثلاثة و هو الملك عبد الله نفسه، فقد نقل عنه روبرت غايتس (وزير الدفاع الأمريكي و مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية سابقا في مذكراته ما نصه: “كان يريد هجوما عسكريا شاملا على أهداف إيرانية عسكرية، و ليس فقط على المواقع النووية، و حذّر من أننا إن لم نشن هجوما فالسعوديون سيلجأون إلى أسلوبهم الخاص لحماية مصالحهم” (الواجب .ص/222)؛ و لمن يتأمل العبارة الأخيرة للملك عبد الله سيجد تفسيرها في تهديدات بندر بن سلطان، و في واقع ما يجري في سوريا اليوم و ما يراد للبنان الآن.

إنما ما يستدعي التوقف هو مشهد رجل مصري أصلا و تكوينا و وظيفة و ضحية، و أعني هنا أحمد أبو الغيط تحديدا، فالرجل يفترض أنه مثّل طويلا مصالح دولته “مصر”، و مصالحها في التاريخ المعاصر تصادمت بشكل عنيف أحيانا مع مصالح الأسرة الحاكمة في السعودية، ما يعني ليس بالضرورة أبدا أنها واحدة و متطابقة كما يسوّق؛ و هنا لا ألتفت إلى بيان وزراء الخارجية الأربعة  باسم جامعة الدول العربية، و إنما إلى كلمته هو بوصفه أمينا عاما لهذه الجامعة، تلكم الكلمة التي نافس فيها عادل جبير، و تخطى بمراحل الآخرين في هجومه على إيران و حزب الله، متهما إياهما بالإرهاب و زرع الفوضى في العالم العربي.

لن أطيل على القارئ، و أختصر بطرح سؤالين على الرجل حين كان ينحت على الرمل كلمته:

أولا: ما تقديره لواقع ليبيا اليوم؟ فوضى أم استقرار و ازدهار؟ هل موقعها الجغرافي و واقعها الحالي يهدد الأمن القومي المصري و شمال إفريقيا عموما أم لا؟ إذا توصّل أبو الغيط لإجابة واقعية نختم بسؤاله: من صنع مأساة ليبيا؟ إيران و حزب الله في تقديره و وفق معطيات نظامه؟

ثانيا: عرفتْ مصرُ خلال السنوات الأخيرة سلسلة من العمليات الإرهابية، أودت بحياة كثير من المواطنين المصريين، و لم تستثن في استهدافها مدنيا و لا عسكريا، و لا سوقا و لا أماكن عبادة، لا أتصوّر بأن أبو الغيط لا يعرف ذلك، و عليه نسأل: من كان خلف هذه العمليات الإجرامية الدموية؟ إيران أم حزب الله؟ هل يعرف أبو الغيط مصدر و منشأ التيار التكفيري؟ هل يعرف من يمدّه بالمال و من يوجهه و لمصلحة من يعمل؟ و الأهم هنا: هل هذه الجرائم وفق تقدير أبو الغيط تضرب أمن مصر و تستهدف استقرارها أم لا؟ هل تصنّف ضمن محاولات زرع الفوضى و الفتن أم لا؟ هل سجّل أبو الغيط عملية واحدة من هذا النوع الإجرامي تُنسب لفكر و سياسة حزب الله في مصر وجميع دول شمال إفريقيا؟ و هل العالم العربي كله مختزل في ادعاءات البحرين و السعودية؟.

تجمع دول العالم و كل النخب على امتداد البسيطة -باستثناء مصر و البحرين و الإمارات و الكويت- بأن ما يتعرّض له اليمن العربي الأصيل، لا وصف له إلا حرب “إبادة” يشنها النظام السعودي تخطت كل القيم الإنسانية لوحشيها و إجرامها المركب، استخدمت فيها كل الأساليب القذرة و الآلة العسكرية الجهنمية؛ لكن السيد أبو الغيط عمي عن كل ذلك و عن ما سبق ذكره أعلاه، و اعتبر صاروخا بالستيا واحدا تهديدا خطيرا للأمن القومي العربي كله.

تحضرني هنا عبارة ذكرها أبو الغيط نفسه في مذكراته ينسبها لرئيسه السابق حسني مبارك:           “المتغطي بالأمريكان عريان”. العبارة لا شك صحيحة إلى درجة اليقين؛ و في الختام بعد أن اتهم أبو الغيط إيران و حزب الله بزرع الفوضى و ضرب الاستقرار، و قد جاءه الرد سريعا في سيناء بمسجد الروضة راح ضحيته أكثر من ثلاثمائة مواطن مصري مدني، في ضربة لا سابق لقوتها و أثرها بمصر، قلت جاء هذا الرد ليذكّر أبو الغيط بالمصدر الأصلي للإرهاب؛ فوفق تصريحات و بيانات القيادة المصرية فإن السلاح يتدفق لهذه الجماعات الإرهابية من ليبيا و ليس من إيران و لا من حزب الله طبعا، ثم من ذا الذي لا يعرف مصدر السلاح في ليبيا !!! أليس أنظمة الخليج ذاتها التي أصدرت البيان المسخ؟

إذا كان المتغطي بالأمريكان عريانا فكيف حال من رضي لنفسه هوانا و مذلة أن يتغطى بالسعودية !!!؟

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2017/11/27

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد