آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
د. علي الهيل
عن الكاتب :
أستاذ جامعي وكاتب قطري

سياسة لا يفل الحديد الأمريكي إلا الحديد الكوري الشمالي مستمرة


أ.د. علي الهيل

أمريكا في نظر الكثيرين فقدت صدقيتها أو مصداقيتها في العالم بدرجات متباينة من قبل مجيء الرئيس الحالي (دونالد ترامب) للبيت الأبيض.  أحد أهم العوامل هو كما يرجح محللون سياساتها الإنتقائية ذات المعايير المزدوجة التي تكيل بمكيالين. مع مجيء الرئيس (ترامب) الذي يعاب عليه مناصرته أو على الأقل ميله لليمين الأبيض المتطرف؛ زاد اقتناع العالم بافتقاد أمريكا للصدقية السياسية و الإقتصادية و الأخلاقية.

بعد سيل الانتقادات الأوروبية مثلاً للرئيس الأمريكي شخصيا نتيجة سلوكه السياسي المتطرف التي قادتها (أنجيلا ميركل) المستشارة الألمانية في مستهل حكمه جاءت رئيسة الوزراء البريطانية (تيريزا ماي) لتنتقد الرئيس الأمريكي لاصطفافه مع اليمين المتطرف ضد السود و المهاجرين و المسلمين و كل ما هو غير أبيض تقريباً.

جاء هذا الانتقاد متزامناً مع دعوة الرئيس الأمريكي لدول العالم لقطع العلاقات مع كوريا الشمالية بعد إطلاقها أمس لصاروخ باليستي آخر هو الحادي عشر منذ بداية العام و إعلان الرئيس الكوري الشمالي (كم جونغ أون) أن بلاده الآن أصبحت دولة نووية بالكامل.

دول الإتحاد الأوروبي بقيادة ألمانيا و فرنسا لن تستجيب على الأرجح لدعوة الرئيس الأمريكي و كذلك بريطانيا لا سيما بعد انتقادها الأخير للرئيس الأمريكي و انتقاد الأخير لها (الانتقام المضاد.) دعوة الرئيس (ترامب) لدول العالم لقطع علاقاتها مع كوريا الشمالية يعكس كما يبدو ضعف أمريكا في مواجهة كوريا الشمالية عسكرياًّ.

لا أعتقد أن العالم سيصغي للرئيس الأمريكي الذي أحرقت بلاده اليابان بالقنبلة الذرية عام ١٩٤٥ و هي أول قنبلة ذرية في تاريخ العالم.  كوريا الشمالية تتعمد جر أمريكا للحرب في شبه الجزيرة الكورية ليتسنى لها الانتقام بحرق اليابان الحليف الإستراتيجي لأمريكا و تحجيم كوريا الجنوبية و توحيد الكوريتين.

حلفاء كوريا الشمالية بالتحديد روسيا و الصين كان انتقادهما خفيفاً و بروتوكولياًّ وصفوا الإطلاق الصاروخي بالعمل الإستفزازي و دعتا للحوار.  كوريا الشمالية تدرك جيداً ما تقول و ما تفعل.  أمريكا تكتفي بالجعجعة لأن كوريا الشمالية حققت توازن الردع أو الرعب.

أمريكا تدرك جيداً أن صواريخ كوريا الشمالية لن تتردد في ضرب (جوام) و اليابان و حتى يُحتمل كاليفورنيا.  سقوط الصاروخ الباليستي أمس للمرة الثانية في بحر اليابان مؤشر على قوة كوريا الشمالية.  في سبيل مصالحها مع الصين أمريكا لن تمانع عن التخلي عن حلفائها اليابان و كوريا الجنوبية كما فعلت مع تايوان.  أمريكا تحتاج الصين و الصين تستخدم كوريا الشمالية للضغط على أمريكا لصالح الإقتصاد الصيني و روسيا مبتهجة للإستنزاف الأمريكي في شبه الجزيرة الكورية.  الكل ينتظر سقوط أمريكا و لعل سقوطها سيتم على يد الفتى الكوري الشمالي.  أمريكا تستهزىء به و نحن نقول:  ” لا تحقرنَّ صغيراً في مهابتهِ إن البعوضةَ تُدمي مقلةَ الأسدِ.”

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2017/12/01

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد