آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
كمال خلف
عن الكاتب :
إعلامي وكاتب فلسطيني

كذبة كولن بول تبعث من جديد .. من يصدق ؟!


كمال خلف

متوقعا كان أن يصدر رد فعل أمريكي على حملة الإدانات العالمية لقرار ساكن البيت الأبيض المتهور نقل سفارة بلاده إلى  القدس المحتلة ، والاعتراف بها عاصمة لإسرائيل .

ولكن ما لم يكن في الحسبان اختيار الولايات المتحدة مسار التصعيد ضد إيران عبر الصاروخ الذي أطلقه أنصار الله على مطار الرياض وبطريقة مسرحية هزلية  قدمتها مندوبة الولايات المتحدة  ” نيكي هيلي ” على خشبة  البنتاغون .

وسنقول لماذا ذهبنا لوصفها بالهزلية.

أولا – ظهور” نيكي هيلي”  في البنتاغون تشرح أدلة عسكرية تدفع للتساؤل عن القادة العسكريين الأمريكيين ، لماذا لم يتحدث الجنرال” جميس  ماتيس ” أو قائد هيئة الأركان ، لماذا لم توكل  المهمة  لوزير الخارجية” ريكس تليرسون ” .  وأين هي الأدلة التي تتحدث عنها “هيلي” وكيف تم نقل الصاروخ من طهران إلى اليمن .

ثانيا  – صدمة الأمم المتحدة من الإعلان الأمريكي بهذا الشكل كانت واضحة من خلال ردة الفعل.  إذ أعرب  المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة “فرحان حق” ، في مؤتمر صحافي عقده في مقر المنظمة الدولية في نيويورك،  أن لا أدلة تثبت أن الصاروخ الذي أطلقته حركة أنصار الله من اليمن على المطار المدني في الرياض إيراني المنشأ . إعلان المنظمة الدولية استند على وجود فريق تحقيق أممي في هذه القضية لم يجد دليلا قاطعا حتى الآن يثبت المزاعم الأمريكية . إذا تجاهلت الولايات المتحدة عمل الفريق الدولي وأسرعت إلى إعلانها الخاص لأسباب سياسية تتعلق بالرد على الجدية الإيرانية في تفعيل حركات المقاومة في المنطقة لمواجهة قرار الرئيس ترامب المتعلق بالقدس ، وهذا ما عبر عنه  الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله  باسم محور المقاومة في المنطقة ، وما ظهر من خلال تحركات الجنرال قاسم سليماني تجاه الأجنحة العسكرية في غزة وخارج فلسطين المحتلة .

ثالثا – تعلن السيدة “هيلي” أن بلادها ستعمل على حشد دولي ضد إيران ، وهذا الإعلان غير ممكن التطبيق في وضع الإدارة الأمريكية الراهن . فإدارة السيدة “هيلي” ليست  كالإدارة الأمريكية التي حشدت الدول ضد العراق في حرب الخليج الأولى والثانية والزمن مختلف و المستهدف اليوم  مختلف تماما  .

الإدارة الحالية تبدو معزولة بفضل قرارات الرئيس ترامب . لم تستطع حتى الآن إقناع شركائها بالتخلي عن اتفاقية العمل المشتركة مع إيران فيما يعرف بالاتفاق النووي الإيراني ، وتعمل منفردة على التملص منه  . كما خرج ترامب وحيدا من اتفاقية المناخ ، ولقي إدانات واسعة من معظم الدول الأوربية و حتى من أقرب شركاء الولايات المتحدة التقليديين مثل بريطانيا تجاه قراره نقل سفارة بلاده إلى القدس . لذلك نعتقد جازمين أن واشنطن غير قادرة على تحقيق حشد دولي ضد إيران . إلا من أنصار ترامب في الرياض وأبو ظبي  .

رابعا – تتحدث السيدة هيلي عن خطورة إطلاق الصاروخ ، وتقول انه كان يمكن أن يصيب المدنيين  بالمطار السعودي ، المفارقة أن الصواريخ والأسلحة  التي تقدمها حكومة “هيلي”  للسعودية ، أحرقت أجساد آلاف الأطفال والنساء في اليمن  وسببت كارثة العصر ، مجاعة وأمراض وفقر وتدمير . من يستحق الإدانة من المجتمع الدولي اليوم هي الولايات المتحدة التي شكلت غطاء سياسيا  لمرتكبي المجازر في اليمن ، وأعطتهم شتى أنواع لأسلحة الفتاكة . فالأجدى أن يكون الحشد الدولي اليوم لوقف هذه الحرب المسعورة على شعب فقير ، وغني بالكرامة .

الإيرانيون فهموا الرسالة جيدا ، ومفادها ” إذا أردتم تسليح الشعب الفلسطيني فعليكم أن تدفعوا الثمن من الآن ، بفتح ملف يمكننا التصعيد ضدكم من خلاله ،قبل أن نضطر للتصعيد ضدكم في ملف القدس ، الذي سيخلق لكم رأيا عاما مساندا “

السيدة “نيكي هيلي  ” تحاول تكرار كذبة “كولن بول”  حول أدلة على امتلاك العراق أسلحة دمار شامل  ، ولكن بحرفية أقل ، وزمن مختلف ، وبأسلوب هزلي وعجول.  لكن من يصدق ؟!!

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2017/12/16

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد