قصة وحدث

لماذا منع نايف المحققين الأمريكيين من التحقيق في تفجير الخبر؟

 

كان نايف بن عبد العزيز الأمير السعودي -الذي شغل عدة مناصب مهمة في الحكم السعودي- معروفًا بقربه من التيار الوهابي المتشدد في المملكة وهوالمعروف أيضًا بعدائه الشديد للمسلمين الشيعة في المملكة.

 

و كان من المناصب التي شغلها نايف هي وزارة الداخلية منذ العام 1975م. في العام1996 وأثناء فترة تولي نايف وزارة الداخلية حدث انفجار كبير في مدينة الخبر بالمنطقة الشرقية ، الإنفجار استهدف مقر البعثة الأمريكية أو ماعُرف بأبراج الخبر.

 

و أراد الأمريكيين المشاركة في التحقيقات بشأن الإنفجار فأرسلوا موظفين من مكتب التحقيقات الفدرالي (FBI) لمباشرة جمع الأدلة من الموقع والبدء بالتحقيقات إلا أن وزير الداخلية كان قد أصدر أوامره بتجريف الموقع وأمر أمير الشرقية ومسؤولين آخرين بإعاقة تحقيقات الأمريكيين قدر الإمكان.

 

تم نشر تقرير أمريكي بعنوان " القاعدة استثنيت من لائحة الإتهام" ، يقول التقرير أنّ المخابرات الأمريكيّة (CIA) قامت بالتجسس على مكالمات سعودية من أعلى المستويات في تلك الفترة و قدتم رصد مكالمات تأمر بإعاقة عمل المحققين الأمريكيين.

 

و بسرعة وجهت الداخلية اتهامها لـ"حزب الله الحجاز" الذي اتهمته بأنّه يعمل لصالح جمهورية إيران الإسلامية وقامت باعتقال عدد من المواطنين الشيعة تشتبه بانتمائهم للحزب بينما استطاع آخرون الهرب من قبضة المباحث والذين قامت السلطات السعودية باغتيال بعضهم أو اعتقالهم لاحقًا كـ"هاني الصايغ" الذي اعتقل من كندا و " الشهيد جعفر شويخات" الذي تم اغتياله بدمشق و الحاج" أحمد المغسل" الذي اعتقل قبل أيام من لبنان بتواطؤ من قوى الأمن الداخلي التابعة لتيار المستقبل.

 

كما أفادت عدة مصادر منها تقرير نشرته وكالة الأنباء الأمريكية أن المباحث اعتقلت أيضًا بعد تفجير الخبر عددًا من اتباع أسامة بن لادن زعيم ماعُرف لاحقًا بـ" تنظيم القاعدة" سرًا، و حسب تغريدات لمجتهد فإنّ وزير الداخلية نايف أمر بنقلهم لمباحث مدينة الجبيل و كلف فريقًا تابعًا له بالتحقيق معهم وانهم اعترفوا بمسؤولية تنظيمهم عن التفجير.

 

إلا أنّ شيئًا كان يدفع نايف بشكل خاص و السلطات السعودية بتوجيه الإتهام ناحية أولئك المواطنين الأبرياء وتعريضهم لأبشع أنواع التعذيب لإجبارهم على الإعتراف بأنهم من نفذوا التفجير.

 

إذ يقول سعد فقيه -المعارض السعودي المقيم بلندن- في لقاء له مع قناة العالم في العام 2009م: "إننا منذ سنة 1996 أعلنا أن الفاعل الحقيقي لتفجيرات خبر ليس الشيعة وانما يقف وراء الانفجار تنظيم القاعدة".

 

ويضيف فقيه موضحاً أسباب إلقاء التهمة على المواطنين الشيعة: "بعد تكرار الحادث في انفجار الرياض، كانت الحكومة السعودية تخشى أن يقال أن هناك تحديا داخليًا من قبل المجتمع".

 

وأضاف: "لو اعترفت الحكومة السعودية بأنّ هناك تحديا من داخل المجتمع السعودي السني، فإنّها بمثابة اعتراف بأنّ هناك تفجيرات متكررة من قبل قوة داخلية عجزت الحكومة السعودية عن إيقافها".

 

موضحًا أنه كان "أجمل للحكومة السعودية أن تقول أن الفاعل أقلية محسوبة على دولة خارجية، لأنّ هذه الصياغة لا تقدح في استقرار النظام السياسي".

 

و تشير هذه التصريحات أن اتهام القاعدة كان يشكل ضررًا على صورة الحكومة السعودية والداخلية تحديدًا لأنه

يثبت عجزها عن السيطرة على الأوضاع ومنع الأحداث الأمنية التي تكررت في تلك الفترة وكان المنفذ الحقيقي لها جميعًا التنظيم الذي يتبنى الأفكار الوهابية المتطرفة التي يتبناها النظام السعودي بدوره.

 

وتتفق سلسلة تغريدات نشرها المغرد الشهير مجتهد في هذا السياق..مع تصريحات سعد فقيه..

كتب مجتهد يقول "بالقبض على «هاني» الصايغ تمكنت الداخلية من بناء سيناريو مزعوم يحمل مسؤولية تفجير الخبر للشيعة بينما كانت لدى الداخلية أدلة كافية عن مسؤولية القاعدة".

مضيفًا "نايف لم يرغب وقتها أن يعتبره الغرب يواجه تحديا من قلب المجتمع السني".

 

وأضاف "كان الأمير نايف يريد أن يقال أن الخطر من أقليات مدعومة من إيران فروّج لقصة «تورط» الشيعة".

 

لكن لا يبدو من الأحداث أنّ أهداف آل سعود تقف عند هذا الأمر فالقدح في قدرتها على السيطرة ليس كافيًا لتحمي أخطبوطًا خطرًا كتنظيم بن لادن الإرهابي خصوصًا بعد العمليات الإرهابية التي نفذها.

 

لقد حاولت سلطات آل سعود أن تخفي تورط بن لادن والقاعدة في عملية التفجير قدر ماتستطيع، و كان ممن تواطأ معها لإلصاق التهمة بحزب الله وإيران مدير مكتب التحقيقات الفيدرالية آنذاك "لويس فريه" الذي كان كثيرًا مايجتمع مع بندر بن سلطان في تلك الفترة وذلك حسب التقرير الأمريكي.. الذي يذكر أن السعودية قدمت الإتهام والإعترافات التي انتزعت تحت التعذيب

لكنها "لم تقدّم أدلتها..كما لم تزوّد تفاصيل كثيرة حول تحقيقها".

 

وقد نقل التقرير أنّ خبراء (FBI) و (CIA) في موضوع أسامة بن لادن حاولوا، لكن لم يسمح لهم المشاركة في تحقيقات تفجير الخبر.

 

وينقل عن"جاك كلونان، عضو وحدة آي ـ 49 في (FBI)، والتي كانت تهيء لقضية قضائية ضد بن لادن في عمليات إرهابية سابقة، طلب كلونان من المكتب الميداني في واشنطن (WFO)، والذي كان لديه مسؤولية مباشرة عن التحقيق، بالسماح لوحدة آي ـ 49 بالمشاركة، ولكن تم رفض طلبه."

وحدة أسامة بن لادن في الـ (CIA)، والتي تأسست في بدايات 1996، قد تم استبعادها أيضاً من قبل قيادة الـ (CIA) من التحقيق في انفجار الخبر.

لقد قام مدير (FBI) لويس فريه بالعمل لمصلحة آل سعود و قال لمحققيه في المكتب الفيدرالي أنه شخصيًا مسؤول التحقيق في القضية بحسب ماجاء في التقرير ..

 

ورغم التواطؤ من قيادات عليا في أمريكا مع آل سعود إلا أن التقرير الأمريكي يكشف عن أن بعض المحققين الأمريكيين توصلوا في النهاية إلى أنّ بن لادن وجماعته هم المخططون والمنفذون للعمليه وذلك بجمع الكثير من الأدلة .. لكنهم لم يستطيعوا فعل شيء..يقول مايكل سكيور رئيس وحدة مكافحة الإرهاب المتخصصة في جرائم بن لادن في (FBI) أنه أمر أفراد الوحدة بالعمل على جمع كل المعلومات التي حصلت عليها الوحدة من كل المصادر ـ البشرية، التنصّتات الالكترونية والمصادر المفتوحة ـ بما يشير الى أن عملية للقاعدة ستقع في السعودية بعد انفجار الرياض في نوفمير 1995.

وكانت النتيجة أن مفكرة مؤلفة من أربع صفحات تقدّم الدليل على تنظيم القاعدة التابع لابن لادن كان يخطط لعمل عسكري بالمتفجرات في السعودية في 1996.

ويقول سكيور بأن "واحدة من الأماكن التي ورد ذكرها في المفكرة كانت الخبر"، ويضيف: "فقد كانوا ـ أي جماعة بن لادن ـ ينقلون متفجّرات من بور سعيد عبر قناة السويس الى البحر الأحمر الى اليمن، ومن ثم تهريبها من اليمن عبر الحدود مع السعودية".

إلا أنّ قيادة الـFBI أصرت على توجيه الإتهام لإيران وحزب الله الحجاز!

لقد أراد آل سعود أن يحموا أسامة بن لادن في الحقيقة و يشير تصريح أمير سعودي بهذا الخصوص إلى الإصرار على تبرئة بن لادن.

فيقول أحمد بن عبد العزيز" لم يثبت تورط بن لادن في تفجير الخبر"

 

أما لماذا فلأن بن لادن كان لايزال ورقة رابحة في أيدي آل سعود لإدارة سياساتهم والضغط هنا وهناك كما هو حال تنظيم داعش اليوم التنظيم الإبن للقاعدة.

 

ولماذا لايكون آل سعود هم من يقودون في الحقيقة داعش والقاعدة فقد دأب بعضهم على دعم وتمويل هؤلاء هنا وهناك وتوجيههم حيثما شاؤوا..

ألم يقل نايف في أحد تصريحاته بثقة تامة أن أسامة بن لادن ليس رأس الهرم في تنظيم القاعدة وأن نشاط التنظيم لن يتوقف بموته!

 

إن اتهام بن لادن بالأمر كان يعني حرق الورقة الرابحة باكرًا جدًا ولذلك مُنع المحققون الأمريكيون من التحقيق والوصول لحقيقة أن مرتكب الجريمة هو بن لادن.. لقد منعوا حتى من رؤية من اعتقلهم آل سعود لالصاق التهمة بهم و عندما سمح للمحققين الأمريكيين بذلك كانت السلطة قد لقنت المعتقلين الإعترافات جيدًا ودربتهم على الحركات التي يجب أن يؤدوها..

 

 ولأجل أن تستفيد أيضًا أمريكا من القاعدة لتمرير سياساتها في المنطقة تواطأت مع آل سعود وتظاهرت بأنها اقتنعت بتحقيقات السعودية التي كانت تفتقد للأدلة.

 

وكانت وزارة العدل الأمريكيةقد رفضت مذكرة الإعترافات التي قدمتها السعودية للمتهمين الشيعة معتبرةً أنها أخذت تحت التعذيب.

 

وباتهام السعودية لحزب الله الحجاز التنظيم الشيعي الذي لايمكن أن يكون أداة بيدها أو بيد غيرها لتحقيق السياسات الخبيثة يكون لدى السعودية غطاء أمريكي لضرب التنظيم بقتل واعتقال الكثيرين المنتمين إليه و والمناصرين له وبث الرعب في قلوب المعارضين لسياستها. وبذلك أيضًا توتر العلاقات أكثر بين إيران وأمريكا حتى تضمن حليفتها الكبرى.

 

ولعلها لنفس السبب اليوم تعيد فتح ملف تفجير الخبر وتقوم باعتقال الحاج أحمد المغسل أحد الكوادر المهمة في "حزب الله الحجاز" بعد أن فشلت في منع الإتفاق النووي مع إيران وقبل القمة المرتقبة لسلمان وأوباما.. فهل تفلح السعودية في ثني الأمريكيين عن تمرير الإتفاق...؟

أضيف بتاريخ :2015/08/29

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد