آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
عبد الله المزهر
عن الكاتب :
كاتب سعودي

اقترب للناس حسابهم..!


عبدالله المزهر

هل أتاك حديث حساب المواطن، والحساب كلمة صعبة على «الأذن» ثم إن ارتباطها بالمواطن قد يوحي بأن الحساب عسير.

صحيح أن هذا ليس هو المعنى المراد من هذا البرنامج الرائد، ولكن اسم البرنامج لا يخلو من إيحاءات مخيفة. ويوم الحساب هذا كان في الحادي والعشرين من هذا الشهر، وهذا شيء جميل فالمخيف فعلا هو يوم الحساب الذي لا حساب بعده، وكل حدث قبل ذلك اليوم المشهود يمكن أن يطوى وكأنه لم يكن في «حسابات» البشر.

فكرة حساب المواطن سهلة على من سهلها الله عليه وليست عصية على الفهم، هي ببساطة «مساعدة» للمواطن في تحمل جزء من تكلفة فاتورة الطاقة الثقيلة. هذا الأمر السهل اليسير البسيط لم يقدم للمواطن ـ السهل اليسير البسيط هو الآخر ـ على أنه كذلك، بل قدم على أنه مبلغ يمكن أن يكون زائدا لدرجة الادخار منه للمستقبل، وأن حساب المواطن هو القرش الأبيض الذي سينفع في الأيام السوداء.

والذين قدموا هذا الأمر بهذه الطريقة يتحملون جزءا كبيرا من مسؤولية إحباط المواطن، وهؤلاء ليسوا جميعا فئة واحدة، فمنهم المتحمس ومنهم الجاهل ومنهم من أراد أن يبدو وطنيا أكثر من بقية الخلق، ومنهم من أراد أن يبين للناس أنه «صديق الحكومة» الذي لا تغيب عنه شاردة ولا واردة. ومنهم الغبي الذي لا يرجى علاجه، ومنهم أيضا المغرض الذكي الذي كان يعلم أن المبالغ لن تكون كبيرة ولكنه أراد رفع سقف طموح الناس وأحلامهم حتى يكون إحباطهم أكبر حين تظهر الحقيقة.

وجزء من المسؤولية يتحمله برنامج حساب المواطن نفسه الذي كان غامضا حتى اليوم الأخير، لا أحد يعرف طريقته ولا آليته ولا من يستحق ومن لا يستحق، وهذا الغموض لم يكن مبررا، ولو كان الناس يعلمون الطريقة التي يحسبون بها استحقاقاتهم قبل أن تدخل الأموال في حساباتهم لكان تقبلهم للوضع طبيعيا وفي سياقه.

وهذا الغموض أتاح المجال للمفتين من كل صنف ولون لكي يتلاعبوا بأحلام المواطنين الذين اقترب حسابهم وهم في غفلة معرضون.

ولم يكن المواطن يواجه المحرضين والجهلة والأغبياء الذين يعبثون بأحلامه، بل كانوا يواجهون أيضا تلك الفئة التي تنتظر أي حدث لتخوين بقية الناس، وأن كل من امتعض من المبلغ الذي وجده في حسابه خائن عميل لبني الأصفر والأحمر والبرتقالي. وهذه فئة تتزايد للأسف بشكل مخيف، لدرجة أن الإنسان أصبح يتحفظ حتى على إبداء رأيه في كلمات أغنية أو قرار حكم في مباراة. كل من يقول ما لا يعجبهم فهو خائن خبيث له أجندات خفية.

وعلى أي حال..

حساب المواطن والمسؤول سيكون يوم الحساب، وهذا أمر مريح ولا يحتاج إلى الكثير من الإجراءات المعقدة وليس فيه الكثير من الغموض، والرزق في الدنيا على الله (والله يرزق من يشاء بغير حساب).
 
صحيفة مكة

أضيف بتاريخ :2017/12/25

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد