آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
صالح السيد باقر
عن الكاتب :
كاتب إيراني

تزايد نفوذ إيران في 2017 نتيجة سياسات واشنطن وتل أبيب والرياض


صالح السيد باقر

من أبرز الانتقادات التي توجهها الولايات المتحدة وإسرائيل والمملكة العربية السعودية لإيران هو التدخل في شؤون دول المنطقة والسعي إلى توسيع نفوذها، غير أن السياسات التي انتهجتها هذه الدول هي التي لعبت دورا كبيرا في اتساع نفوذ وتأثير إيران في المنطقة والعالم.
وقبل أن تساهم سياسات واشنطن وتل أبيب والرياض في تزايد نفوذ إيران في المنطقة فأن السياسات التي انتهجتها إيران طوال السنوات السابقة هي العامل الرئيسي في اتساع نفوذها، ولا نبالغ إذا قلنا أن 2017 كان عاما لحصاد السياسات التي انتهجتها إيران لعدة سنوات.

غير خاف على أحد أن واشنطن وتل أبيب والرياض تسعى لتحقيق عدة أهداف من وراء حملتها الإعلامية والسياسية ضد طهران، فعلاوة على حسر النفوذ الإيراني في المنطقة، فإنها تسعى إلى فرض عزلة على طهران وكذلك الاخلال بأمنها الداخلي وتحريض شعبها وأهداف أخرى، غير أننا نرى أن نفوذ إيران تزايد واتسع في العام الحالي أكثر مما كان عليه في السنوات الماضية رغم أن الضغط الأميركي – الإسرائيلي – السعودي تزايد على إيران خلال العام الحالي.

كما أن العلاقات الإيرانية تتوسع يوما بعد آخر، خاصة على صعيد العلاقات الاقتصادية، كذلك فأن أمنها يتعزز يوما بعد آخر، مما يشير إلى أن إيران تسير في الاتجاه الصحيح، بينما الولايات المتحدة والسعودية وإسرائيل تعيش مأزقا حقيقيا خاصة على صعيد سياساتها الخارجية.

لعل السبب الرئيسي في ذلك هو السياسات الخاطئة التي تنتهجها هذه الدول، فعلى سبيل المثال قرار ترامب بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، فأن أغلب دول العالم أدانت القرار وتضامنت مع الشعب الفلسطيني كم أن القرار جعل الفلسطينيين يقتربون أكثر من إيران وبذلك فأن القرار زاد من تأثير ونفوذ إيران في فلسطين المحتلة.

القرار الذي اتخذته السعودية ضد قطر زاد من اقتراب بعض الدول الخليجية وخاصة قطر إلى إيران، فمع أن الدوحة لم تكن تربطها علاقات وثيقة مع طهران رعاية لمشاعر واشنطن والرياض، إلا أن قرار الرياض ساهم في توطيد العلاقات بين البلدين، كما أنه أدى إلى انقسام الدول الخليجية.

ولو انتقلنا إلى اليمن والبحرين فأن الأمر لا يختلف كثيرا عن قطر، إذ أن الحرب العبثية على اليمن وإصرار الرياض على تركيع الحوثيين وكذلك إصرار السعودية على الحل الأمني والعسكري في البحرين ساهم في تزايد نفوذ إيران في هذين البلدين.

الخطوة التي أقدمت عليها السعودية في لبنان وإعلان الحريري استقالته من الرياض، ألبت أغلب اللبنانيين ضدها، وبذلك تزايدت شعبية حزب الله الحليف الرئيسي لإيران في لبنان، ولا أعتقد أن هناك من يقول أن طهران هي التي دفعت الرياض للقيام بهذه الخطوة التي زادت من شعبية حليفها في لبنان.

عندما تتلقف إسرائيل قرار حكومة كردستان العراق بإجراء استفتاء الانفصال وتسارع في التطبيل له، وتتكبد هزيمة سياسية كبيرة نتيجة فشله، فأن إيران لم تطلب من إسرائيل تأييد الاستفتاء، غير أن طهران حققت مكسبا سياسيا كبيرا عندما تعاونت مع الحكومتين العراقية والتركية في التصدي له، وبذلك فأن موقف طهران تعزز لدى بغداد وأنقرة.

هناك أسباب عديدة لنجاح السياسات الإيرانية تأتي في مقدمتها تطابقها مع القوانين الدولية، فعلى سبيل المثال وفيما يتعلق بالاتفاق النووي فأن مجلس الأمن الدولي اضطر إلى إلغاء العقوبات عن أيران بعد أن أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأنها أخطأت عندما أعلنت بأن البرنامج النووي الإيراني اتجه نحو التصنيع العسكري، فهذا الخطأ الذي ارتكبته الوكالة كلف الشعب الإيراني عدة سنوات من الحصار المطبق الذي أدى إلى تدهور الوضع الاقتصادي في البلاد مما أدى بدوره إلى ارتفاع معدل التضخم والبطالة والعديد من المشاكل التي عانت منها البلاد، بل تزايدت احتمالات شن الحرب على إيران نتيجة هذا الخطأ، وفي نهاية المطاف قرر مجلس الأمن إلغاء العقوبات عن إيران لأنه لم يجد شيئا يستحق إدانة إيران عليه.

وفي الوقت الذي برهنت فيه إيران على أنها ملتزمة بالقوانين الدولية فأن الجانب الآخر الذي يشن حملة واسعة ضد إيران ينتهك هذه القوانين، ولعل قرارات الإدارة الأميركية ضد إيران نموذج بارز على هذه الانتهاكات، فعندما وقعت الولايات المتحدة على الاتفاق فإنها ألزمت نفسها بعدم نقضه، بينما العقوبات التي تفرضها أميركا على إيران تتعارض مع البند الذي يدعو الأطراف الموقعة على الاتفاق بعدم القيام بأي إجراء يتعارض مع تنفيذ الاتفاق النووي بالكامل.

الحكومتان الأميركية والسعودية تتهمان إيران بالتدخل في البحرين واليمن والعراق وسوريا ولبنان…و.. بينما غاية ما تفعله إيران هي أنها تتعاطف مع حقوق الأغلبية، ولا يوجد أي قانون دولي يعتبر التعاطف مع قضايا الأقلية جريمة فما بالك بالأكثرية؟

الأمم المتحدة وأمينها العام يعلن بكل صراحة أن خبراء الأمم المتحدة لم يعثروا على أدلة تؤكد أن إيران زودت اليمنيين بالصواريخ، بينما تصر الإدارة الأميركية على تكرار اتهامها لإيران بأنها زودت اليمنيين بالصواريخ، ألا يعد توجيه الاتهامات للدول انتهاك للقوانين.

المجتمع الدولي يستغرب من الاتهامات الأميركية والسعودية والإسرائيلية لإيران بدعم الإرهاب، ففي الوقت الذي يقاتل فيه الإيرانيون الإرهابيين في سوريا والعراق تشن فيه واشنطن وتل أبيب والرياض حملة واسعة على إيران، بينما يتهم العديد من المسؤولين العراقيين والسوريين الأميركيين والسعوديين والإسرائيليين بدعم الإرهاب.

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2017/12/27

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد