آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
هاشم عبده هاشم
عن الكاتب :
كاتب وإعلامي، ورئيس تحرير صحيفة عكاظ سابقاً

حاكموا المتسبب في كارثة جازان


هاشم عبده هاشم

    •• لا أظن أن الاستهانة بأرواح الناس تعامل بهذا الحد من "التسطيح" و"الغموض" وفي النهاية "التمرير" لحادثة بشعة تعرض لها مرضى مستشفى جازان الذي شهد حريقاً مؤلماً الشهر الماضي توفي من جرائه (24) شخصاً.. وأصيب (127) إنساناً آخر.. سواء كان ذلك بفعل تصاعد الدخان.. أو بسبب الفوضى وحالة الارتباك أو بسببهما معاً إضافة إلى الأخطاء الفنية في كل من تصميم المبنى وتنفيذه.. وغياب عوامل السلامة المطلوب توفرها فيه.

•• فقد فاجأتنا التفاصيل التي كشف عنها وزير الصحة أثناء لقائه بسمو أمير المنطقة في حضور وسائل الإعلام وكشفت عن أن هناك خلافاً في تحديد ماهية الحادثة.. بين من يقول إنها عرضية.. وبين من يتحدث عن احتمالات وقوع الفعل الجنائي.. وتلك مسألة دقيقة لا أظن أن الجهات الأمنية لن تعيرها الاهتمام الذي تستحقه..

•• لكن الحادث المؤلم قد وقع.. وضحاياه الأبرياء ذهبوا إلى بارئهم.. وإن كانوا قد خلفوا لوعة وأسى عميقين ليس في قلوب ومشاعر أهلهم فحسب.. وإنما عند كل مواطن تابع الحدث وتألم منه..

•• وما كان الناس ينتظرونه هو أبعد من العقوبات التقليدية التي طالت مدير الشؤون الصحية بالمنطقة ولم تحدد مسؤولية الآخرين بدقة.. بدءاً بمدير المستشفى.. وطاقم العمل فيه.. وانتهاء بظروف تأخر الدفاع المدني عن مباشرة مهامه ومسؤولياته مبكراً للحد من آثار المصيبة كثيراً..

•• ثم.. هل تكفي إقالة مسؤول أو مسؤولين أو أكثر.. رغم أن ثبوت قصورهم أو إهمالهم.. وعدم قيامهم بما كان يجب عليهم عمله.. قد تسبب في موت وإصابة هذا العدد من البشر..؟

•• وهل يكفي أن نتخذ هذه العقوبات "التقليدية" ضد من كانوا على رأس العمل فقط ساعة وقوع الحادث.. أم كان على الإمارة والوزارة أن تخضع كل من تسبب فيه من المديرين.. والموظفين.. والعاملين من فنيين وإداريين سابقين أيضاً؟

•• فنحن لم نسمع ولم نعرف شيئاً عن هؤلاء وأولئك.. وعن طبيعة مسؤوليتهم ونوع عقوبتهم المستحقة؟

•• ثم.. كيف لا تكون هناك محاكمة لكل من تسبب في هذه المأساة حتى يلقى جزاءه المستحق وفقاً لشريعة الله.. سواء كان هذا المتسبب.. مهندساً.. أو مديراً.. أو طبيباً.. أو فنياً.. أو حارساً..؟!

•• إن التعامل مع هذه القضية المؤلمة بدا وكأنه مسألة روتينية.. أحاطها الغموض.. وغطت عليها عبارات إنشائية فضفاضة.. لم تشف غليل أسر المتوفين.. ولم تهدئ من روع المصابين.. ولم تشعر الناس.. بأن الموضوع قد نال حقه من الاهتمام.. والجدية.. والحزم الكافي..

•• وما أتمناه ويتمناه كل من تابع تلك المأساة هو أن نلمس.. ونسمع عن عقوبات شديدة.. ورادعة.. جنباً إلى جنب خطوات عملية لتحسين مستوى الخدمات الصحية السيئة بالمنطقة مع الاحترام لكل أصحاب المعالي وزراء الصحة السابقين إلا من رحم رب العالمين..

•• وما نعرفه عن الوزير الحالي من جدية.. ومتابعة.. واهتمام يجعلنا ننتظر منه إجراءات أكثر قسوة.. مع منسوبي وزارته كما ننتظر من الجهات الأخرى إجراءات مماثلة ضد أي تقصير أدى إلى تأخير الإنقاذ.. أو بطء الاستجابة للحدث.. أو محدودية الإمكانات المستخدمة في مواجهة الحادث وأمثاله مستقبلاً.. أو أي جهة أخرى شاركت في السكوت على أوضاع المستشفى البائسة طويلاً.. أو غضت الطرف عن عدم توفر المواصفات وضمانات السلامة في المبنى وتشغيله رغم عدم جاهزيته..

•• وفي نفس الوقت.. فإنني على يقين تام بأن سمو أمير المنطقة لن يقبل بهذه النتائج.. ولن يوافق على "لملمة" الأمور فيما يوجد هناك ثكلى ومحزونون ومتضررون وخائفون من اللجوء إلى هذا المستشفى وسواه بعد اليوم لا سيما بعد أن ظهر أن هناك فساداً.. وتواطؤاً.. وسوء إدارة.. وعدم إحساس بالمسؤولية.. وتأخراً في أداء الواجب ومن ثم "غمغمة" في إظهار الحقائق كما هي في نهاية الأمر.. والله المستعان.

***
•• ضمير مستتر:
•• (أرواح الناس أغلى من أن نعاملها باستهتار وعدم مبالاة.. وبصورة غير إنسانية)

جريدة الرياض

أضيف بتاريخ :2016/01/18

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد