آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
محمد الساعد
عن الكاتب :
كاتب سعودي

سابك .. 11 صفر


محمد الساعد

كان كثير من المتعاملين ومراقبي سوق الأسهم السعودية يأملون أن تكون صفقة استحواذ شركة سابك السعودية لشركة «جي إي» الأميركية في العام 2008م، هي الرافعة التي تنتشل سابك من أي تعثر قد يواجهها، أو يواجه السوق المالية المحلية خلال السنوات التالية للصفقة، خاصة مع القيمة المرتفعة للاستحواذ.

الصادم أن «سابك» التي مر على صفقتها الشهيرة ما يزيد على ثمانية أعوام، أعلنت قبل أيام انخفاضا كبيرا في أرباحها المتوقعة يزيد عن مليار ريال، ما يوازي 20 في المئة من الأرباح السنوية المتوقعة للعام الحالي، الأمر الذي فاقم أزمة الشركة وأدى لتدهور قيمتها السعرية في السوق المالية السعودية.

الصفقة التي أبرمتها سابك مع شركة «جنرال إلكتريك» بقيمة 11.6 مليار دولار، ويشار إليها بأنها واحدة من الصفقات الكبرى في السوقين العربية والأميركية، لم تساعد في معالجة الانخفاض الكبير في مداخيل شركة سابك في ما يبدو، وهو يأتي بالتوازي مع جملة من الظروف الاقتصادية التي مرت بالاقتصاد المحلي والعالمي خلال الأعوام الماضية.

المثير أن صفقة تجاوز إجماليها 11،6 مليار دولار، ما يساوي 43 مليار ريال تقريبا، لم تحدث لا النقلة النوعية المتوقعة لسابك، ولا العوائد المأمولة لمساهميها.

مع الأخذ في الاعتبار أن وحدة أنشطة البلاستيك التابعة لشركة جنرال إلكتريك سجلت أرباحا بلغت 674 مليون دولار في عام 2006، وهذا يعني تحديدا أن عوائد الشركة وقت الصفقة هي أقل بكثير من 10 في المئة من القيمة التي اشتريت بها الشركة.

السؤال هل ما زالت الشركة تحقق نفس تلك العوائد أم تراجعت، مع الضعف الشديد في السوق البترولية العالمية.

على الرغم من أن تقييم وكالة «بلومبيرغ» لشركة «جي إي» الأميركية للبلاستيك وحددت فيه نطاقا سعريا يتراوح بين 8 مليارات و 10 مليارات دولار، كان يقوم على معطيات السوق والشركة ومستقبلها الاستثماري في السوق الأميركية والعالمية، إلا أن «بلومبيرغ» لم تكن وحدها المهتمة بالصفقة، ووزنها الجاد، بل إن هناك العديد من الأبحاث التي يمكن نشرها لاحقا تتقاطع مع نفس التقييم.

سابك استحوذت على الشركة بفارق سعري يتراوح بين مليار وثلاثة مليارات ونصف المليار دولار عن التقييم، وهو ما يعني أن المعنيين بالصفقة، دفعوا تلك القيمة متيقنين حينها أنها فرصة مستقبلية مذهلة، ولذلك فإن قيمة الشراء المرتفعة ستنعكس إيجابا على عوائد الشركة ونتائجها.

إذن لماذا لم يحدث ذلك، وهل الشركة الأميركية بقيمتها المرتفعة تحولت إلى عبء مع قيمة «كونسورتيوم» القروض الذي مول جزءا كبيرا من صفقة الاستحواذ، هذا غير التمويل الداخلي الذي قامت به الشركة نفسها.

في العادة فإن سياسة الاستحواذ العابرة للقارات والتي تكلف مليارات الدولارات، هي سياسة إستراتيجية ناعمة تبحث فيها الدول عن تحقيق مصالح سياسية واقتصادية مختلطة.

أي أنه بالرغم من البحث عن العوائد والفرص الاستثمارية الأساسية في أي تحرك استثماري، إلا أنه يتحتم أيضا الاستفادة من تلك الصفقات بما يعود بالنفع السياسي والدبلوماسي على المشتري، وهو أمر غير معيب بل هو ما يجب أن يقود أي صفقة استثمارية بهذا الحجم، وهو أيضا ما تفعله معظم الدول في السوق الأميركية وفي غيرها من الأسواق.

ولا أعلم إن كانت صفقة بذلك الحجم تمت في بداية عهد الرئيس الأميركي أوباما قد قامت بما هو مأمول منها أم لا.

صحيفة عكاظ

أضيف بتاريخ :2016/01/21

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد