آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
رفعت سيد أحمد
عن الكاتب :
كاتب ومفكر قومي من مصر. رئيس مركز يافا للدراسات والأبحاث القاهرة. دكتوراه في فلسفة العلوم السياسية من جامعة القاهرة – 1987. صدر له ثلاثون مؤلفاً وموسوعة عن الإسلام السياسي والصراع العربي الصهيوني

أين آل سعود من شهداء يوم الأرض؟


رفعت سيد أحمد

في يوم الأرض (30/3/2018) وما تلاه من أيام ارتقى عشرات الشهداء إلى السماء وأصيب بجروح عدّة آلاف من أبناء فلسطين ، في ملحمة عظيمة من ملاحم نضال هذا الشعب الفلسطيني المُعلّم، وفي المسيرة الكبرى للعودة وفي الوقت الذي أصرّ فيه الفلسطينيون على تقديم نموذجٍ راقٍ للنضال والتمسّك بالمُقدّسات وبأرضهم.

في هذا الوقت كان محمّد ابن سلمان وليّ العهد السعودي يجتمع مع قيادات الكيان الصهيوني وفقاً لما تداولته الصحف ووكالات الأنباء، وبهدف خلق تحالفات أكبر ضد عدوّ مشترك يراه آل سعود والإسرائيليون أنه (إيران)، لقد نقلت وكالات الأنباء أخباراً مهمة عن لقاءات سرّية بين إبن سلمان (الأمير الطموح والمُتعجّل في صراعاته وصفقاته) وبين رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي مئير بن شابات وفقاً لما ذكره رئيس أركان الجيش الإسرائيلي غادي آيزنكوت لصحيفة (معاريف) الإسرائيلية، وطبعاً لم يكن اللقاء لمجرّد الدردشة أو للاطمئنان عن الصحة! بل كان يهدف إلى تطويق هذة الانتفاضات الفلسطينية المُتتالية والتعاون بين الدولتين (السعودية وإسرائيل) لضرب إيران وحزب الله والمقاومة الفلسطينية، وتلك هي رسالة إبن سلمان واستراتجيته-لمَن يريد أن يفهم في الأمور الاستراتيجية لمملكة آل سعود _ التي يحملها إلى فلسطين مُحقّقاً ومشارِكاً بها، في ما سُمّي بصفقة القرن، التي تعني من بين ما تعني، إنهاء ملف قضية الصراع العربي الصهيوني والتفرّغ للصراع المذهبي مع إيران والصراع السياسي مع قوي المقاومة العربية! على أية حال دعونا نذهب إلى (يوم الأرض) ودلالاته هذا العام وأهمية (المسيرة الكبرى للعودة) وخطورة صمت بل وخيانة بعض حُكّام المنطقة لها وفي مُقدّمهم (آل سعود)

أولاً: لقد جاءت المسيرة الكبرى للعودة، كدعوةٍ لإحياء يوم الأرض، وهو اليوم الذي جرت وقائعه الأولى في العام 1976 والتي تقول وفق المصادر الفلسطينية إنه في يوم 30 آذار/ مارس حين سقط 6 شهداء فلسطينيين على أيدي قوات الاحتلال نتيجة احتجاجهم على مصادرة سلطات الاحتلال لآلاف الدونمات من الأرض الفلسطينية وضمّها إلى المستوطنات ومنذ ذلك التاريخ والفلسطينيون يحيون اليوم، سنوياً تأكيداً على حق العودة وعلى ثبات قناعاتهم بأن هذه الأرض أرضهم، مهما طال الاحتلال وتجبّر ومهما خان العرب والعالم أحلامهم وحقوقهم .

ثانياً: هذا العام وكما شهد العالم أجمع، أصرّ الفلسطينيون على الاحتفال بطريقةٍ جديدةٍ وهي طريقة (مسيرات العودة) تذكيراً وتنديداً وإثباتاً للحق، ورغم العدد الكبير من الشهداء والجرحى إلا أن المعنى البليغ للمسيرات قد وصل إلى العالم، وأكّد أن يوم الأرض الفلسطيني هو يوم العودة وهو يوم تذكير الخوَنة والصامتين بخيانتهم وصمتهم، وأنه قد آن الأوان لكي يعود الحق إلى أصحابه بكل السُبل وفي مقدّمها المقاومة المُسلّحة. ثالثاً: وفق البيانات الصادرة عن قيادات المسيرة الكبرى فإن الانتفاضة هذه المرة مستمرّة ولن يوقفها قهر أو تؤاطو أو تخلٍ عربي وعالمي عن أصحاب الأرض ولنتأمّل البيان رقم (7) الذي أكّدت فيه اللجنة التنسيقية الدولية لمسيرة العودة الكبرى على استمرار النضال السلمي عبر المسيرات، وأرسلت بالتحيّة والتقدير (لشعبنا الفلسطيني الذي أخذ قراره بالمقاومة الشعبية السلمية، ولبّى نداء الأرض ونداء العودة وشارك في مسيرة العودة الكبرى ولم يتراجع ولم يتنازل أمام إرهاب الاحتلال وبطشه... تحية مُعطّرة بزهور يافا وريحان بيسان إلى الشهداء الذين ارتقوا ليحضنوا الأرض التي لم ينسوها، تحية لأهالي الشهداء الصابرين الصامدين ودعاؤنا لهم بالصبر والثبات، تحية للجرحى وتمنيّاتنا لهم بالشفاء العاجِل، وفقاً لنصّ البيان الذي أكّد أيضاً على أن الردّ الواضح على همجيّة الاحتلال وإرهابه هو باستمرار تمسّكنا بحقّنا في الحياه وحقّنا في العودة وتنفيذ حق العودة بشكلٍ سلمي وقانوني، ولن يجرّنا الاحتلال إلى مربّع الموت، بل سنجرّه إلى محاكم جرائم الحرب ومحكمة الجنايات الدولية ليدفع ثمن جرائمه وإرهابه ضد المدنيين العُزّل من أبناء الشعب الفلسطيني... هذا الشكل المحترم والراقي من النضال لم ولن يمنع من المقاومة المُسلّحة المشروعة، لأن هذه الأرض الفلسطينية لاتزال تقع تحت نير الاحتلال ومقاومته وفقاً للقانون الدولي مشروعة بل وواجبة.

رابعاً: يتبقّى أن نؤكّد على محاور استراتيجية تتصل بقضية (مسيرات العودة) وما أنتجه الاحتفال الجديد بيوم الأرض (2018) وتأتي في مقدمة هذه المحاور والقضايا ضرورة التأكيد على أن (مسيرات العودة والاحتفالات الرائعة والمهمة بيوم الأرض لا ينبغي أن تنفصل عن الخيار التاريخي الأشمل للشعب الفلسطيني وهو خيار المقاومة وأيّ تعامل مع هذه القضية أو مع مؤسّسات الشتات، من منطلق يُحيّد أو يُقلّل أو يُقصي خيار المقاومة يُعدّ في تقديرنا تعامُلاً فاشلاً وسينهار من تلقاء نفسه تماماً مثلما جرى مع تجربة السلطة الفلسطينية منذ توقيع اتفاقات أوسلو 1993 وحتى اليوم فكل الإنجازات ـ إن صحّ أن تكون كذلك، التي حقّقتها اقتصادياً أو ثقافياً أو سياسياً، انهارت مباشرة إثر تخلّيها ـ بل وتجريمها لخيار المقاومة ـ الذي نظنّه الخيار إن لم يكن القدر الصحيح والأمثل والمنطقي لشعب مُعتدى عليه، ومُطارَد في أرضه وخارجها، خاصة إذا ما فهمنا خيار المقاومة باعتباره خياراً أوسع وأرحب من مجرّد الفعل العسكري: إنه خيار تربوي وسياسي وثقافي واستراتيجي شامل يأتي الفعل العسكري الجهادي كأحد مُفرداته، وهنا ندعو إلى تفعيل مؤسّسات فلسطينيي الشتات وإعادة ترتيب أولوياتها على أساس من خيار المقاومة، فالقضية ليست كما يقدّم الآن مجرّد قضية (مأساة إنسانية) تستدرّ العطف، بل هي قضية حق لن يأتي سوى بالقوّة وبالتربية الجهادية.

*نؤكّد أيضاً أن الحوار الوطني الفلسطيني على أرضيّة المقاومة والوحدة الوطنية يمثّل أحد أبرز أدوات فلسطينيي الداخل والخارج للحفاظ على قضيتهم حيّة وبعيدة عن صراعات المصالح وفئويتها، وحق العودة ـ في تقديرنا ـ أسمى من أن تتلاعب به الأهواء والأغراض الحزبية والسياسية الفصائلية، إنه القضية الجامِعة إن فُهِم على حقيقته ونحسب أن الحوار الوطني داخل فلسطين وخارجها لا بدّ له من أن ينطلق دائماً من قداسة هذه القضية ومن استقلاليّتها ومن كونها مُنطلقاً (للتوحيد) وليس مُنطلقاً للفِرقة.

إن للوجود الفلسطيني خارج فلسطين أو في مخيّمات الشتات في الداخل، مؤسّساته الوطنية المعروفة، ونحسب أن دورها في المرحلة المقبلة هام للغاية ربما أكثر أهمية من المراحل السابقة، وذلك لأن قضيّتهم المركزية قضيّة اللاجئين (أو فلسطينيي الشتات) تتعرّض للاغتيال المُنظّم مع سبق الإصرار والترصّد، وهذه المرة بمشاركة فعّالة لأيدٍ فلسطينية، (أيدي ماتبقّى من اتفاق أوسلو) وعربية (أيدي آل سعود _ ومَن والاهم _في زمن وليّ العهد محمّد بن سلمان باندفاعاته وصفقاته المُريبة والمُتآمرة على فلسطين)، هذه المؤامرات الصامِتة والصاخِبة، نخشي أنها سوف تلتفّ على ما جرى خلال الأيام الماضية وعلى دماء الشهداء الذين سقطوا في يوم الأرض وفي مسيرات العودة... لنعود مجدّداً إلى النضال الخشبي والوهمي باسم (مبادرة السلام العربية) تارةً وباسم (أوسلو وأخواتها من كامب ديفيد ووادي عربة) تارةً أخرى.. لكي يخون الجميع دماء الشهداء وهم يبتسمون ويروّجون لسلامهم الكاذِب.. فهل ننتبه ونتعلّم! إنه سؤال التاريخ برسم هذا الشعب الفلسطيني المُعلّم!

لصالح "الميادين نت"

أضيف بتاريخ :2018/04/05

التطبيع "

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد