خليجية

’’ماخفي أعظم’’ يكشف حقيقة التطرف والتحول في #السعودية ويميط اللثام عن دور الإعلام في الاتجاهين

 

سلطت قناة "الجزيرة" القطرية عبر البرنامج الوثائقي "ما خفي أعظم"، على التحولات الفكرية والسياسية في المملكة بين الماضي والحاضر بالأخص عن (التطرف والصحوة والتغيير)، كاشفة بأن من يدير دفة الخطاب الإعلامي السعودي اليوم، هي ذات الشخصيات التي كانت قد صاغت خطاب التطرف والتكفير في التسعينات.

كما كشفت القناة عن وثائق تحويلات مالية كبيرة دفعها مسؤولون في دولة الإمارات لشخصيات إعلامية سعودية، ومراكز بحثية مقربة من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، موضحة تأثير أبوظبي على المشهد السعودي.

وخلال الحلقة التي حملت عنوان "بين تطرفين"، وأذيعت مساء الأحد، حيث استندت عبر تحقيق استقصائي إلى عدة تصريحات من شخصيات "سعودية وعربية وأجنبية" إضافة إلى لقاءات تلفزيونية سعودية سابقة، ومستندات ووثائق رسمية  تكشف لأول مرة.

وتحدث البرنامج عن تنصل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان من التطرف وأن المملكة لم تكن هذه قبل عام 1979 وأنه سيعود بها على ماكانت عليه إلى الإسلام الوسطي، التحقيق يشير إلى أن عام 1979 الذي ركز عليه ولي العهد السعودي له دلالة بالغة ففي وقت يعتبر المقربون من ولي العهد أن هذا الخطاب مؤسس لمرحلة جديدة أعاد ذكر ابن سلمان لهذا التاريخ فتح ملفات سعودية طواها النسيان، لافتاً إلى أنه في نوفمبر تشرين الثاني عام 79 هاجمت مجموعة مسلحة الحرم المكي وتحصن أفرادها في الداخل لما يزيد على أسبوعين كانت المجموعة التي تنادي بقلب نظام الحكم بقيادة السعودي جهيمان العتيبي، كما يتطرق مرحلة ماتسمى الصحوة وتصدير مقاتلين إلى أفغانستان تحت مسمى الجهاد، لافتا إلى أن "ذلك كان تم بموافقة وتمويل ودفع من المؤسسة الرسمية الحاكمة"

واستعرضت القناة آراء عدة حول هذه الحقائق حيث قال خلال الحلقة الكاتب السعودي "جمال خاشقجي" إن "موقف محمد بن سلمان شجاع ولا شك أنه السعودية بحاجة للتحرر من التشدد والتطرف" مضيفاً أنه "من المفيد أن تسود أجواء من الحرية في البلاد ويفتح نقاش لتحديد ماهو التطرف الذي يجب أن نتخلص منه".

واعتبر "خاشقجي" أن حادثة جهيمان كانت حالة رفض من قبل بقايا التيار السلفي الوهابي القديم في السعودية والذي قد هُزم عام 30 ، مبيناً أنه "كان نشيطا يكاد يكون حرا، لعقد كامل في تلك الفترة وكان يدعمه بعض العلماء الكبار كان يكسر- هو وأفراده وجماعته- المانيكانات في المتاجر واستديوهات التصوير ، هذا هو الفكر الذي كان سائدا".

وعند سؤاله: هل من رابط بين الصحوة بعد عام 1979 في المملكة وتبني الفكر الجهادي وتحديدا في أفغانستان؟ اعتبر خاشقجي أن السعودية عندما "أيدت" مايسمى بـ "الفكر الجهادي الأفغاني في عام 80 ميلادية كانت تؤيد حالة ثورية جهادية في مجتمع مسلم معتدل هو أفغانستان كان طبيعيا وصحيحا سياسة ودينا وعرفا أن تؤيد السعودية ذلك الفكر الجهادي"، على حد قوله.

من جانبه، قال "جيفري جيمس" نائب مستشار الأمن القومي الأمريكي سابقا: "اعتقد إن الملك سلمان وولي العهد يسيران ببلد نحو التقدم وأن رؤية 2030 هي المقاربة الصحيحة  وليست متأكدا من نجاحهما ولكن واثق أنهما لو أكملا العمل وفق معايير الماضي فسيكون الفشل حليفهما".

وحول استفهام دعم السعودية "المجاهدين الأفغان والمجاهدين العرب" في الثمانيات بالقرن الماضي في أفغانستان بشكل علني ورسمي ومباركة من واشنطن وأنه ألم يدر في خلد أي من الدولتين أن هؤلاء المقاتلين سيعودون يوما إلى بلادهم وبتالي سيساهمون بنشر هذه الأيدلوجية المتشددة ؟ رد "جيمس" بقول: لقد تبلور الإخفاق السياسي في الرياض وواشنطن عندما فشلتا في التنبؤ" مضيفا: لهذا الأمر مجددا أقول أن الهدف الرئيسي كان هزيمة الاتحاد السوفيتي في أفغانستان هو أمرا بالغ الصعوبة استطاعة السعودية والولايات المتحدة وباكستان ودول أخرى تحقيق الهدف الرئيسي لكنها فشلت في التنبؤ للأضرار الجانبية وهي أخطاء تتكرر عادة في السياسة الخارجية" بحسب تعبيره.

أما "مضاوي الرشيد" أستاذة في كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية قالت في هذا الصدد إن: "النظام السعودي الرسمي وخطابه الإعلامي يريد أن يقنعنا أن السعودية قبل عام 79 كانت سويسرا"، موضحة أن "الحداثة دخلت للسعودية بشكل بطيء قبل سنة 79  لذلك لايوجد أي دليل يقول أن النساء في السعودية كن في وضع أحسن أو أن التطرف لم يكن موجود قبل 1979 بل بالعكس أنه هناك امتداد طبيعي تاريخي لموضوع التطرف في السعودية".

ورأت "الرشيد" أن ردت الفعل التي حصلت في السعودية اتجاه حادثة جهيمان لم تكن بالمستوى المطلوب بل بالعكس النظام السعودي عندما كان قد اتضح لها خطورة التطرف الذي كان في المجتمع السعودي ازداد تطرفا لأنه خاف من ثورة عارمة وانقلاب على الحكم السعودي.

وردا على سؤالها عن التحول السعودي اليوم وهل يكون بهدف مراجعة حقيقة للأخطاء السابقة، قالت مضاوي: لايمكن أن نفكر أن هناك مراجعات حقيقة حصلت الذين قاموا بمراجعة حقيقة صادقة هم الآن في السجون السعودية أمثال عبدالله الحامد وسلمان العودة.

فيما اعتبر "بول كوكرين"، صحافي متخصص في شؤون الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، أن حصار مكة عام 1979 يعد من أخطر الأحداث في التاريخ الحديث للشرق الأوسط، متابعا: أن هذا "حادث لم تتناوله وسائل الإعلام ولم يتم مناقشته كما يجب وتكاد كتب التاريخ تخلو منه تماما".

وأكد بول كوكرين أن "جهيمان والفكر الذي ينتمي له كان من صناعة ملك السعودية" لافتا إلى أن "قوتهم (جماعة جهيمان) لم تكن كبيرة لكن أيدلوجيتهم وتأثيرهم على المؤسسة الدينية كان كبيرا".

التحقيق يكشف أنه على الرغم من تبني السعودية لمنهاج الصحوة بعد إعدام "جهيمان" إلا أن فئات كبيرة من الشباب السعودي بقيت تحمل مايسمى بالفكر الجهيماني، حيث برزت خلال البحث أسماء شخصيات سعودية تبنت "الفكر الجهيماني" وأصبحت اليوم من رواد التنظير لمرحلة التغيير الجديدة ودعاة القطيعة مع الماضي، مستشهدا بلقاء تلفزيوني سابق للإعلامي والكاتب السعودي تركي الدخيل مع الكاتب السعودي مشاري الذايدي على قناة العربية في مارس 2012، والذي أكد "الذايدي" انتمائه للفكر الجهيماني. وكذلك بلقاء آخر مع  الكاتب منصور النقيدان الذي يكشف تبنيه لجماعة ماتسمى بـ "إخوان بريدة".

ولفت التحقيق إلى أن "الذايدي" كان مقربا من "النقيدان" وقد شاركه في بعض حوادث التخريب في المملكة وقد اتهم "الذايدي" بتبني منهج تكفير الحكومة السعودية واعتقل أكثر من مرة بعد عودته من أفغانستان، كما سلط الضوء على ماضي الكاتب السعودي عبدالله بن بجاد العتيبي الذي لا يقل ماضيه تطرفا عن رفيقيه " الذايدي والنقيدان".
 
وحول ذلك، كشف أحد أبرز المنظري السلفية الجهادية أبو محمد المقدسي الذي يسكن مدينة الرصيفة شرق عمان أنه التقى بمجموعة "إخوان بريدة" ومنهم منصور النقيدان ومشاري الذايدي وعبدالله بن بجاد العتيبي في بيت سري في الرياض عرف ببيت شبرا في بداية التسعينيات القرن الماضي وأن هؤلاء السعوديين كانوا ينظرون للفكر الجهيماني ويناصبون السلطة العداء.

لكن الأخطر بحسب المقدسي أن هذا البيت السري خرج منه عبدالعزيز المعثم المتهم الرئيسي في تفجيرات مقر الحرس الوطني في الرياض عام 1995 والتي أدت إلى مقتل 7 أشخاص بينهم 5 عسكريين أمريكيين.

 وذكر التحقيق أنه "بعد تفجيرات الرياض اعتقل منصور النقيدان وتمكن مشاري الذايدي وعبدالله بن بجاد العتيبي من الهرب سرا بجوازات سفر مزورة حيث تنقلا بين أكثر من دولة عربية " وبعد ذلك أُطلق سراح النقيدان بعفو ملكي ثم عاد الذايدي و بن بجاد سرا إلى السعودية ليعتقلا بعدها لعدة أشهر قبل الإفراج عنهما لتبدأ بعدها مسألة التحول الفكري لذا هؤلاء الثلاثة.

وتحدث خلال البرنامج "رياض صاكي"، وهو داعية ليبي وسجين سابق في السعودية، كان أحد الذين اعتقلوا مع منصور النقيدان إثر تفجيرات الراياض عام 95 قائلاً تقابلت مع النقيدان في سجن الرويس بجدة مؤكدا بأنه كان يحمل أفكارا متطرفة ويفكر المنظومات الموجودة  ويعتبرها غير شرعية ويجب مقاومتها بكل الوسائل ومنها المقاومة المسلحة كان يذكر للضباط أيضا، لافتا إلى التغيير الذي حصل للنقيدان من ليس فقد من التطرف إلى الاعتدال أو حتى التقصير ولكن انتقل من التطرف إلى النقيض" بحسب تعبيره.
 
وكشف التحقيق التحول الكبير لـ "منصور النقيدان ومشاري الذايدي وعبدالله بن بجاد العتيبي" والتي قادها الصحافي السعودي ومدير قناة العربية حاليا تركي الدخيل، الذي لا تختلف خلفيته الفكرية كثيرا عن الثلاثة، وفق التحقيق حيث تمكن الدخيل المقيم في الإمارات منذ عام 2003 من استقطاب الثلاثة للعمل في الإمارات. وفي  عام 2005  أنشى الدخيل المطلة التي جمعت الأربعة تحت لوائها مع آخرين التقوا مع فكرهم وهو مركز المسبار الذي يروج له على أنه مركزا بحثي متخصص في دراسة الحركات الإسلامية، كاشفاً الدور الإماراتي من خلال هذا المركز في السيطرة على المشهد السعودي.

وحول ذلك علقت "الرشيد" أن السلطة السعودية عندما كانت تريدهم أن يحملوا لواء الجهاد ويذهبون لأفغانستان ذهبوا وكذلك عندما أرادتهم السلطة أن يكونوا أبواقا ليبرالية كانوا.. وأضافت: أن هؤلاء الأشخاص لا يملكون فكرا عميقا وإنما هم انتهازيون يريدون أن يجدوا موقعا لهم في مشروع السلطة.

وتحدثت الرشيد عن الدور الإماراتي بقيادة محمد بن زايد وقالت إنه "استطاعة أن تخترق محمد بن سلمان الذي هو بصغره وعدم خبرته السياسية قد أنبهر بالمشروع الإماراتي أو النمط الإماراتي أي النمو الإقتصادي والقمع السياسي".

وكشف البرنامج بأن تركي الدخيل، تقاضى مبلغ 633 ألف دولار من وزير خارجية الإمارات، عبد الله بن زايد، عام 2014، وأنه تسلّم ملكية منزلين في شارع باترسي بلندن، وقيمتهما نحو مليونين و500 ألف إسترليني، وذلك تزامناً مع اختراق موقع وكالة الأنباء القطرية الرسمية في 24 مايو/أيار الماضي.

وقال أحد مؤسسي شبكة المعلومات العربية (نسيج)، عبد الله فواز الشمري، إن تركي الدخيل، تمت برمجته في الولايات المتحدة وعاد جاهزاً للانتقال من التشدد إلى الانفتاح، وتنفيذ المطلوب منه.

وأعرب "الشمري" عن استغرابه من استضافة الدخيل وليَّ عهد السعودية محمد بن سلمان، وسؤاله عن مكافحة الفساد، في حين لم يفكر ابن سلمان في سؤال الدخيل عن نحو 160 مليون دولار صار يمتلكها فجأة.

وكان البرنامج عرض تحقيقاً استقصائياً من جزأين في الشهر الماضي، تحت عنوان "قطر 96"، وعرض فيه شهادة بعضِ مَن شاركوا في انقلاب 1996 الفاشل من القطريين، حيث أكد هؤلاء وقوف دول المقطعة الأربع (المملكة السعودية، الإمارات، البحرين، مصر) وراء التخطيط لإسقاط نظام الحكم بقطر، ونشر الفوضى في البلاد من خلال دعم عمليات تخريب.

أضيف بتاريخ :2018/04/10